قطاع المواشي في سوريا يضيع في متاهة الجفاف والأزمة المالية

استغاثات المربين تتزايد للتعجيل بإنقاذ القطاع قبل وقوعه في الركود مع ظهور مؤشرات خطيرة على تراجع إيرادات العاملين فيه بسبب تكاليف الإنتاج ونقص السيولة.
الأربعاء 2021/10/20
مهنة مهددة بالاندثار

سعسع (سوريا) - تعطي معاناة مربي المواشي في ريف دمشق لمحة واضحة عما يواجهه القطاع الذي تستفيد منه الآلاف من الأسر التي وجدت نفسها في وضعية سيئة نتيجة العديد من العوامل التي جعلت أعمالهم في تراجع.

وأدت تداعيات موجة الجفاف، إلى جانب الأزمة المالية بعد سنوات من الحرب، إلى تقويض مردودية المنتجات الحيوانية في سوريا، وهو ما يكبد المزارعين والتجار على حد سواء خسائر كبيرة تسعى السلطات بشق الأنفس للتقليل من وقعها.

وتتزايد استغاثات المربين للتعجيل في إنقاذ القطاع قبل وقوعه في الركود مع ظهور مؤشرات خطيرة على تراجع إيرادات العاملين فيه بسبب تكاليف الإنتاج ونقص السيولة نتيجة استفحال أزمة الليرة، وهو ما يعسّر مهمة اجتيازهم صدمة الوباء.

ويقول مربو الأبقار والأغنام في منطقة سعسع القريبة من العاصمة السورية إن استمراريتهم تتطلب تقديم المزيد من الدعم الحكومي وتوفير الأعلاف بسعر مقبول لأن هذا المجال يعد أساس معيشتهم ومصدر رزقهم.

ويعمل مرزوق طه في مجال تربية الأبقار منذ أكثر من أربعة عقود تقريبا ومازال مستمرا بهذا المشروع لأنه يُؤمّن حاجيات أفراد الأسرة ويحقق لهم وفرا ماديا كان في السابق مقبولا.

ويؤكد طه في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية أنه اليوم يواجه صعوبات في شراء مادة العلف بعد ارتفاع سعر الطن إلى أكثر من 1.5 مليون ليرة (597 دولارا بسعر الصرف الرسمي).

وهذه المشكلة تعترض أيضا عقلة وريور الذي يعمل في قطاع تربية الأغنام منذ فترة طويلة حيث يكافح من أجل الحفاظ على نحو 400 رأس غنم وزيادة أعدادها حتى يتمكن من تصريف الإنتاج من الألبان والأجبان في السوق المحلية.

أدمون قطيش: مربو الأغنام والأبقار سيفقدون أعمالهم جراء غلاء أسعار الأعلاف.

وأشار في ذلك الوقت إلى أن نسبة الدعم الحكومي من الأعلاف التي يجب أن تصل إلى المربين بحدود 40 في المئة، لكن هذه النسبة لا يتم الوصول إليها أًصلا.وسبق أن دعا رئيس جمعية اللحامين في سوريا، أدمون قطيش، الحكومة إلى زيادة دعم الأعلاف. وقال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية قبل أشهر إن “مربي الأغنام والأبقار لن يقوموا بالتربية مع استمرار تعرضهم للخسارة نتيجة غلاء أسعار الأعلاف".

وفي سعسع تظهر أرقام الوحدة الإرشادية التابعة لوزارة الزراعة أن عدد مربي الماشية في تلك المنطقة يبلغ 750 مربياً ويصل إنتاج الأبقار من الحليب إلى 5.5 طن في الموسم، فيما يقدر إنتاج رأس الغنم الواحد من الحليب في الموسم بنحو 50 كيلوغراما فقط لأن موسم إنتاج الأغنام للحليب لا يتجاوز الأربعة أشهر.

وتختلف كميات الإنتاج حسب نوعية العلف وتوفره ولهذا يلاحظ المسؤولون ارتفاع أسعار الحليب بالسوق دون أن يتمكنوا من تغيير الواقع لعدم قدرة المربين على شراء الكميات الكافية من علف المواشي.

وقال رئيس الوحدة الإرشادية في سعسع قاسم وهبي إن "التنوع في الزراعات بين الصيفي والشتوي في البلدة ساعد مربي الأغنام على البقاء فترات أطول في المراعي وخفف عنهم تكاليف شراء الأعلاف التي ارتفعت أسعارها بشكل غير مسبوق".

وكشفت الإحصائيات التي أصدرتها وزارة الزراعة مطلع العام الجاري انخفاضا في أعداد الثروة الحيوانية بنسبة تصل إلى 60 في المئة.

وكان وزير الزراعة حسان قطنا قد قال في وقت سابق إن "سوريا فقدت 50 في المئة من ثروتها الحيوانية بسبب الإرهاب".

وفي ظل غياب مؤشرات دقيقة من المنظمات الدولية حول نمو الثروة الحيوانية في سوريا قدرت وزارة الزراعة في بيانات أصدرتها في يناير الماضي عدد رؤوس الأغنام بنحو 1.54 مليون رأس، فيما تبلغ رؤوس الأبقار حوالي 832 ألفا، أما الماعز فيبلغ عددها حوالي 1866 ألف رأس، إضافة إلى قرابة 7.2 ألف رأس من الجاموس.

11