قضية الشيخ جابر تختبر مصداقية العدالة في الكويت

رئيس الوزراء السابق غاب عن جلسة المحكمة الأخيرة بسبب مشاكل صحية.
الأحد 2021/05/30
ما بعد القضية ليس كما قبلها

الكويت - يطالب نشطاء كويتيون على مواقع التواصل الاجتماعي بمعرفة المكان الذي يوجد فيه الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس وزرائهم السابق البالغ من العمر 79 عاما والذي صدرت أوامر باحتجازه على ذمة المحاكمة في خطوة غير مسبوقة الشهر الماضي بسبب اختلاس مزعوم للملايين من الدولارات من صندوق مساعدات عسكرية.

وتعرف القضية التي تقرّر الثلاثاء حبس الشيخ جابر على ذمّتها بصندوق الجيش والمتورّط فيها أيضا وزير الداخلية الأسبق الشيخ خالد الجراح الصباح وهو محبوس على ذمتها مع قيادييْن اثنين في الجيش ورفضت المحكمة طلبا لإخلاء سبيلهم.

ويعتقد النشطاء أن الفساد منتشر في البلاد الغنية بالنفط، لكن القضايا العلنية ضد كبار المسؤولين وأفراد الأسرة المالكة لا تزال نادرة، وعادة ما يتم التكتم عليها. لكن هذا الوضع قد يتغير وسيكون بمثابة اختبار جدي لنظام العدالة الكويتي ومدى قدرته على محاسبة مسؤولين من الأسرة الحاكمة أو من محيطها.

وتفاعل الكويتيون مع قضية الشيخ جابر بقوة وسط تفاؤل بأن الاعتقال على ذمّة القضية لا يخلو من رسائل قوية من الأمير الشيخ نواف الأحمد وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد بأنّ عهدهما هو عهد الصرامة مع الفساد، وأنّه لا حصانة في هذين الأمرين لأحد.

لكنّ هذا التفاؤل لم يمنع مع مرور الوقت من طرح تساؤلات بشأن جدية المحاكمة التي تطال عناصر من الأسرة الحاكمة، وهل أنها ستخضع للضغوط وللحسابات.

ولم ير الشيخ جابر علنا منذ بدء المحاكمة وتضاربت التكهنات حول مصيره. حيث يشك الكثيرون في أن رئيس الوزراء السابق يقبع في سجن سيء السمعة يعاني من تفشي فايروس كورونا.

ويكشف هذا الشك عن انعدام الثقة العميق بين الكويتيين بأن السلطات تتابع القضية بجدية. واشتعلت الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة بعد قبول المحكمة لطلب فريق الدفاع بمنع الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي من نشر تفاصيل حول جلسات المحاكمة.

بدر السيف: الفساد سيستمر إذا لم تصدر أحكام بالسجن ضد المتورطين
بدر السيف: الفساد سيستمر إذا لم تصدر أحكام بالسجن ضد المتورطين

وقالت صحف كويتية بقيت تنقل الأخبار، رغم قرار المنع الذي أصدرته المحكمة، إنّ فريق الدفاع أكد براءة رئيس الوزراء السابق خلال الجلسات الأخيرة. وازداد الغموض بعد رفض الفريق القانوني للشيخ جابر لطلبات متكررة للتعليق، وامتناع وزارة الإعلام الكويتية عن الحديث في القضية.

وسرعان ما اندلعت تسريبات أخرى على مجموعات واتساب تفيد بأنه بينما ظل مسؤولون آخرون رهن الاحتجاز كان الشيخ جابر في جناح مستشفى خاص مزيّن مثل قصر به خدمة فندقية.

وأكد طبيب في المستشفى الأميري في الكويت لوكالة أسوشيتيد برس أن الشيخ جابر، الذي غاب عن جلسة المحكمة الأخيرة بسبب مشاكل صحية، كان يتلقى العلاج هناك. ورفض الطبيب الإدلاء بتفاصيل وتحدث شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من تبعات التحدث إلى الإعلام.

وقال ناشط كويتي في مكافحة الفساد “لن تكون هذه هي المرة الأولى. إننا ننتظر ونراقب لنرى ما إذا كانت هذه القضية ستنتهي مثل البقية”.

وأيّا كان التعاطي القضائي مع ملف الشيخ جابر فإن مراقبين يقولون إن ما بعد القضية ليس كما قبلها، وإنها فتحت بابا لا يمكن إغلاقه في محاربة الفساد والتلاعب بالمال العام داخل المؤسسة السياسية.

وفي خريف 2019 ضغط وزير الدفاع الراحل الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح لإجراء تحقيق في الملايين الضائعة، مما أدى إلى سقوط الحكومة عندما رفض الوزراء الاستجواب في البرلمان. كما شوّهت الفضائح الأخرى التي ظهرت في وقت لاحق سمعة الكويت بما في ذلك المتعلقة بصندوق الاستثمار الحكومي الماليزي التي شملت نجل الشيخ جابر، والذي أطلِق سراحه بكفالة.

وأنشأت الحكومة هيئة جديدة لمكافحة الفساد والعشرات من اللجان المماثلة تحت الضغط. وتعهد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، عبر التلفزيون الحكومي في ذلك الوقت، بأنه لن يفلت أيّ شخص، بغض النظر عن منصبه، من العقوبة إذا أدين بجرائم تتعلق بالمال العام.

وقال أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت بدر السيف إن هناك الكثير الذي يجب القيام به لحل مشاكل الكويت، حيث يحتاج النظام القضائي إلى إصلاح جذري. وسيستمر الفساد إذا لم تنجح إعادة كل الأموال المختلسة وإصدار أحكام بالسجن إذا كان المتورطون هم الجناة.

ويقول آخرون أكثر تفاؤلا إن الاحتجاز السابق للمحاكمة لمثل هؤلاء المسؤولين الأقوياء يمثل لحظة محورية في حملة الكويت لاستئصال الكسب غير المشروع. ولاحظوا أنه قد أثمر بالفعل.

ففي الفترة الأخيرة كشفت وثيقة قضائية مسرّبة أن الشيخ جابر قد دفع 53.9 مليون دينار كويتي (180.7 مليون دولار) للدولة التي اتهمه الادعاء باختلاسها شخصيا. وأكد محام بالمحكمة صحة الوثيقة واصفا إياها بسابقة مهمة. وقال “ليس مشهد المسؤولين السابقين في المحكمة بملابس السجن شيئا تراه كثيرا هنا”.

1