قصص مسلمين في الصفحات الأولى تزيد مبيعات الصحف البريطانية

منظمة معايير الصحافة تؤكد اختلاف تعامل الصحافيين مع أخبار المسلمين في بريطانيا.
الخميس 2020/01/02
القواعد الجديدة تثير مخاوف الصحف البريطانية

تؤكد منظمة معايير الصحافة المستقلة في بريطانيا أن طريقة تعامل الصحافة البريطانية مع أخبار المسلمين، مختلفة عن باقي القضايا، ما جعل المنظمة تخطط لنشر إرشادات للصحافيين عند الكتابة عن المسلمين، رغم الانتقادات التي توجه لها بهذا الصدد، بأنها تهديد لحرية التعبير.

لندن - أكد السير آلن موسيس رئيس منظمة معايير الصحافة المستقلة في بريطانيا (إيبسو)، المنتهية ولايته، أن تصوير الإسلام والمسلمين في الصحافة البريطانية كان “القضية الأكثر صعوبة” التي واجهتها هيئة مراقبة الصحافة في السنوات الخمس الماضية.

وأوضح أنه لاحظ تصوير المسلمين بطريقة لا يمكن أن تُعتمد لوصف اليهود أو الكاثوليك في الوقت الراهن.

ووفق تقرير نشرته صحيفة الفايننشال البريطانية أعدته باتريشيا نيلسون، جاءت تصريحات موسيس قبل شهرين من خطط المنظمة الرامية لنشر إرشادات للصحافيين عند الكتابة عن المسلمين الذين يشكلون حوالي 5 بالمئة من سكان بريطانيا، حسب البيانات التي نشرها مكتب الإحصاء الوطني في عام 2017.

وأصدرت المنظمة في السابق نصائح مماثلة للصحافيين الذين ينقلون أخبارا عن المتحولين جنسيا والجرائم الجنسية.

وجاء هذا القرار بعد جلسة استماع عُقدت في لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان البريطاني العام الماضي. وكانت تتمحور حول رهاب الإسلام وموقعه في أخبار الصحافة المطبوعة في بريطانيا، واتهمت منظمة معايير الصحافة المستقلة خلالها بعدم بذل جهود كافية لمعالجة معضلة الكتابات التحريضية.

وقالت سعيدة وارسي، التي شغلت منصب الرئيس المشارك في حزب المحافظين البريطاني “تبيع قصص المسلمين المفزعة المنشورة في الصفحات الأولى الصحف، وليس هذا بالأمر الجديد. حدث هذا من قبل. كانت بعض العناوين التي نراها مكتوبة عن المسلمين الآن، تستعمل في القصص المنشورة عن اليهود في ثلاثينات القرن الماضي”.

وتأسست منظمة معايير الصحافة المستقلة في بريطانيا عام 2014، بعد دعوات لوضع نظام أكثر صرامة لتنظيم الصحافة في أعقاب فضيحة تنصت على الهواتف تسببت في إغلاق صحيفة “نيوز أوف ذا وورلد” البريطانية.

وأصبحت القواعد التنظيمية الموجهة لأكثر من ألف صحيفة بريطانية، تمكن منظمة معايير الصحافة المستقلة من إجبار منتهكي مدونة المحررين على نشر تصحيح أو دفع غرامة إذا كان الخرق خطيرا ومنتظما.

آلن موسيس: القواعد ستقود الإعلام البريطاني إلى طريق خطير يحمل سمات الاستبداد إذا أصبحت أكثر صرامة
آلن موسيس: القواعد ستقود الإعلام البريطاني إلى طريق خطير يحمل سمات الاستبداد إذا أصبحت أكثر صرامة

وقال سير آلن، وهو أول رئيس للمنظمة، إن المؤسسة تلقت طلبات متواصلة لتعديل مدونة المحررين لتصبح أكثر صرامة في ما يتعلق بالتمييز، والتي تنص أن على الصحيفة أن تتجنب الأحكام المسبقة أو المسيئة عند التطرق إلى فرد ما بناء على مجموعة من المعايير بما في ذلك الدين.

ومن جهته، أفاد قاضي محكمة الاستئناف السابق “أعتقد أن توجيه الإرشادات يبقى أفضل وسيلة منطقية ومعقولة للمضي قدما”، مضيفا أن صلاحيات “إيبسو” في “إخبار المحرر بما عليه أن يكتب” كانت غير مسبوقة ويجب إدارتها “تناسبيا”. ومع ذلك، يقول النقاد إن المنظمة قادرة على فعل المزيد. وجادل ستيف بارنيت، وهو أستاذ بجامعة ويستمنستر وعضو في فريق حملة “هاكد أوف” التي تشن حملة تهدف إلى فرض قوانين أشد صرامة على الصحافة البريطانية ضمن مطالبتها بحقوق ضحايا هذا القطاع، بأن قصص التايمز في العام الماضي عن “طفلة مسيحية وجدت نفسها مجبرة على العيش مع عائلة مسلمة” كان يجب أن تدفع إلى تحقيق أوسع، حيث أكّدت “إيبسو” أنها تمثّل خرقا لقواعدها التي تشدد على الدقة عند صياغة الخبر. وقال بارنيت “لو حدث هذا التجاهل في صناعة أخرى، لكانت الصحافة في مقدمة الأطراف التي تدين إهمال المهنيين”.

وبدوره، اعتبر مساعد الأمين العام لمجلس مسلمي بريطانيا، مقداد فيرسي، أن التصحيحات القسرية لا تنال نفس الأهمية التي حصلت عليها المقالة الأصلية.

وأضاف أن الإستراتيجيات المعتمدة تحفّز على الكذب وتصحيح ما نُشر عندما تكتشف المنظمة ذلك الأمر، مشيرا إلى مواصلة تداول قصة الفتاة المسيحية التي تعيش مع العائلة المسلمة على الإنترنت.

وردا على ذلك، تساءل السير آلن عن كيفية تطبيق قواعد أكثر صرامة قائلا “هل يوجد قانون يفرض أن تكون جميع المنافذ الإعلامية مثل هيئة الإذاعة البريطانية مراعية للتوازن؟ ما هو القانون الذي يجب صياغته لمنع الصحف من هذه الممارسات المشينة”؟

واعتبر أن القواعد ستقود الإعلام البريطاني إلى طريق خطير يحمل سمات الاستبداد إذا أصبحت أكثر صرامة بشأن ما يُسمح للصحف بالكتابة عنه.

ويستعد اللورد إدوارد فولكس لتولي منصب السير آلن، وسيجد نفسه مجبرا لتعليل توجيهاته التي سيعتمدها المحررون عند الكتابة عن المسلمين، والتي وصفتها صحف مثل التلغراف بأنها تهديد لحرية التعبير. وقالت المنظمة إن المزاعم “لا أساس لها من الصحة”.

وفي رده على المخاوف التي أثيرت في مجلة “ذا سبيكتاتور” اللندنية المحافظة التي زعمت عمل المنظمة على “تصحيح” مقالات الرأي، أجاب المنظمون بأن على هذه المنشورات أن تحافظ على دقتها وإن كانت اللوائح تسمح لها بأن تحافظ على حريتها في أن تكون حزبية وتتحدى الآراء السائدة وتناقشها.

 وقال السير آلن “كانت سلسلة الأكاذيب التي نشرتها الصحافة البريطانية خلال الاستفتاء بمثابة حالة مثالية لما كان ينبغي أن يؤدي إلى فتح تحقيق”، وذلك في إشارة إلى قصص مثل مقالة حملت عنوان “الملكة تدعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي” التي نشرتها صحيفة “ذا صن” مما دفع الملكة لتقديم شكواها الأولى لدى “إبسو”.

وأقر بأن خطر تجاهل الوقائع في النقاش العام يهدد بالإمتداد إلى الصحف، لأن تحيز الصحافيين والمحررين السياسي يصعّب عليهم التفطن إلى الأكاذيب. وقال إن طبيعة الصحيفة تجعلهم متحيزين للحزب الذي تفضله إدارة التحرير، متابعا “هذا هو الثمن الذي تدفعه مقابل الصحافة المجانية”.

18