قريبا: دستور أردوغان 2.0

المعارضة التركية تشكك في رغبة الرئيس التركي في تطبيق إصلاحات حقيقية.
الخميس 2021/03/25
ترتيبات على المقاس

إسطنبول - قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء إن نصوص دستور جديد ستُطرح على الشعب للنقاش في العام المقبل بعد تعديل الدستور السابق في 2017 وهو ما منح منصب الرئيس صلاحيات واسعة.

وكشف أردوغان عن هذه الخطة في كلمة خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم في إسطنبول والذي أعاد انتخابه رئيسا للحزب وبالتالي مرشحه للانتخابات الرئاسية القادمة المزمع عقدها في 2023.

وتثير دعوة أردوغان إلى وضع دستور جديد للبلاد تساؤلات حول غايته من ذلك. وفي حين يقول إنه يريد وضع “أول دستور مدني” في تاريخ تركيا، ترى المعارضة التركية وخبراء سياسيون أن للرئيس التركي مآرب أخرى.

وتشكك المعارضة في رغبته في تطبيق إصلاحات حقيقية، فيما يبدي المدافعون عن حقوق الإنسان قلقهم من تصاعد القمع وتدهور دولة القانون منذ عدة سنوات.

ويقول زعيم حزب الشعب الجمهوري، وهو أبرز حزب معارض، كمال كيليجدار أوغلو إن “حكومة لا تحترم الدستور المعتمد، لا يمكنها صياغة نص أكثر ديمقراطية… أخشى أن يؤدي هذا المشروع إلى تعزيز النزعة السلطوية”.

كما تخشى المعارضة أن تكون النقاشات حول الدستور الجديد مجرد تحويل للأنظار يتيح لأردوغان صرف الانتباه عن آثار الوباء والركود الاقتصادي.

ويقول إدريس شاهين، نائب رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، الذي أطلقه علي باباجان، الحليف السابق لأردوغان، السنة الماضية “هذه مناورة لتجنب الحديث عن الوضع الاقتصادي، ومشاكل الفلاحين أو التجار وكذلك انتهاكات الحقوق”.

ويرى مراقبون أنه من خلال دعوته إلى دستور جديد سيكون المهندس الرئيسي له، ما يمكن للرئيس التركي أن يلتف على مبادرات أخرى للإصلاح تروج لها المعارضة التي تطالب بالعودة إلى نظام برلماني.

وقبل عامين من انتخابات 2023 العامة التي قد تكون معقدة بالنسبة إليه، يمكن أن يحاول أردوغان أيضا وبموجب دستور جديد، وضع نظام انتخابي يسهل إعادة انتخابه.

وقالت أيسودا كولمن، الخبيرة السياسية في جامعة بارد كوليدج في برلين إن “القاعدة الناخبة للائتلاف الحاكم في طور الذوبان”، مضيفة أنه لم يعد من المضمون بالنسبة إلى أردوغان أن ينال أكثر من 50 في المئة من الأصوات التي يحتاجها لكي ينتخب من الدورة الأولى في عام 2023، ولا حتى أن يتم انتخابه في الدورة الثانية.

وأضافت كولمن “في مواجهة هذا الخطر، يمكنه أن يلجأ إلى خيار نظام بدورة واحدة يمكن أن ينتخب فيها المرشح الذي ينال أغلبية بسيطة من الأصوات”.

ومن جانبه قال غاليب دالاي، الباحث في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن “إدراكا منه أنه يسير في مسار خاسر، يبحث أردوغان عن صيغة رابحة”.

Thumbnail

ويمكن أن تقوم هذه “الصيغة الرابحة” على أساس اللعب على وتر التوترات الداخلية في صفوف المعارضة التي يمكن أن تتفاقم عبر نقاشات حول مواضيع حساسة مثل المسألة الكردية وكيفية التعامل معها في إطار دستور جديد.

وبحسب دبلوماسي غربي فإن هدف أردوغان قد يكون “شق صفوف المعارضة عبر إرغام الأحزاب على اتخاذ موقف”، ومن ثم تصنيفها إما على أنها “مدافعة” عن تركيا أو “مناوئة” لها.

ومن المحتمل أن يتضمن الدستور الجديد ، حسب مراقبين، مواد تسهل إغلاق الأحزاب السياسية التي تتهم بالتورط في الإرهاب والجريمة، كـ”حزب الشعوب الديمقراطي”، وكذلك مسألة إلغاء نسبة 50+1 التي يتعين أن يحصل عليها المرشح للرئاسة للفوز برئاسة البلاد.

ويتهم أردوغان أحزاب المعارضة بـ”التغاضي” عن حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد والذي يعتبره الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني، رأس حربة التمرد الكردي والذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون بأنه “إرهابي”.

وقالت كولمن إن “الحكومة لا تزال تستخدم هذا التكتيك لتحييد المعارضة… والمسألة تكمن في معرفة ما إذا كانت الأحزاب ستقع في هذا الفخ عند مناقشة الدستور الجديد. حتى الآن سقطت دائما فيه”.

وتأتي التصريحات الأخيرة لأردوغان في الوقت الذي يتوقع فيه محللون ومعارضون أن يقوم بتسريع موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، المقررة في 2023، وهو ما ينفيه.

وتنظيم استفتاء دستوري قد يسمح لأردوغان بحشد قاعدته وخصوصا بعدما تراجعت شعبيته في السنوات الماضية بسبب الصعوبات الاقتصادية المتنامية.

وفي الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2018 أعيد انتخاب أردوغان، لكن حزبه العدالة والتنمية، لم يتمكن من الفوز بالغالبية المطلقة التي تسمح له بالحكم منفردا.

ويحكم أردوغان تركيا حاليا في إطار تحالف مع دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية أحد أشرس خصومه.

وفي دليل على المخاطر التي تحدق به تعرض أردوغان، في 2019، لهزيمة انتخابية كبرى في الانتخابات البلدية وخسر مدينتي إسطنبول وأنقرة، اللتين كان الإسلاميون المحافظون يسيطرون عليهما منذ ربع قرن.

و أردوغان (66 عاما) في السلطة منذ 2003، أولا كرئيس للوزراء ثم كرئيس في 2014. ونظريا يسمح له الدستور بالبقاء رئيسا حتى 2028

5