قانون انتخابي على المقاس يمهد طريق الحرس الثوري نحو السلطة

البرلمان الإيراني يسقط تعديلات تطالب باستبعاد القيادات العسكرية ما يعزز الصعود السياسي للحرس الثوري إلى السُّلطة من خلال الحصول على المناصب بالانتخابات.
الجمعة 2020/12/25
حسين دهقان مرشح بارز لخلافة روحاني

تمكن الحرس الثوري الإيراني بمساعدة التيار المتشدد من تجاوز أهم العقبات القانونية التي تعرقل وصول قيادته إلى مؤسسة رئاسة الجمهورية، بعد أن أسقط البرلمان، الذي يسيطر عليه الأصوليون، تعديلات تقدم بها التيار الإصلاحي لمنع ترشح المسؤولين العسكريين للانتخابات الرئاسية القادمة، ما يمهد الطريق أمام عسكرة ما تبقى من مؤسسات البلاد.

طهران- يمهد إسقاط البرلمان الإيراني لتعديلات على قانون الانتخابات الرئاسية تقضي باستبعاد من تولى منصبا عسكريا من الترشح، طريق الحرس الثوري نحو السلطة، فيما تشير تقارير إعلامية إلى أن حسين دهقان، المستشار العسكري للمرشد الأعلى أيات الله علي خامنئي، مرشح بارز لخلافة حسن روحاني.

ويرى مراقبون أنه من شأن وصول رجل عسكري إلى منصب الرئاسة أن يزيل واحدة من إحدى العراقيل القليلة المتبقية أمام استئثار الحرس الثوري بسلطة القرار.

وعارض أعضاء البرلمان اقتراحا يزيل إمكانية ترشح قادة القوات المسلحة للرئاسة، كما عارضوا مقترح حظر ترشح كبار قادة القوات المسلحة برتبة عميد فما فوق لانتخابات رئاسة الجمهورية. وصوت 207 نواب ضد هذا المقترح، مقابل 25 من المؤيدين، فيما امتنع 5 عن التصويت من أصل 237 نائبا من الحاضرين.

علي مطهري: نحن نتجه إلى إنشاء دولة إيرانية تقودها حكومة عسكرية
علي مطهري: نحن نتجه إلى إنشاء دولة إيرانية تقودها حكومة عسكرية

ويقول عضو البرلمان الإيراني السابق علي مطهري إن التعديلات على القانون الانتخابي “تشجع العناصر القوية في الحرس الثوري الإيراني على السعي وراء المناصب، وقد يمكّنهم ذلك من إنشاء دولة إيرانية تقودها حكومة عسكرية”.

ويرى متابعون أن القانون الانتخابي الجديد يعزز الصعود السياسي للحرس الثوري الإيراني إلى السُّلطة من خلال تمكين أعضائه من الحصول على المناصب بالانتخابات. والأهمّ من ذلك أنه سيمهِّد الطريق أمام الهيئات شبه العسكرية المسلَّحة في إيران للظهور كقادة سياسيين جُدد في البلاد، وتثبيت قوة الجماعات التي تدعم الدولة العسكرية بشكل متزايد.

ويسيطر الحرس الثوري بالفعل على معظم أذرع الدولة الإيرانية، لكن بشكل غير معلن، كما أنه يتحكم في قطاعات من الاقتصاد، من بينها، أنشطة تجارية غير قانونية مثل تهريب النفط والمخدرات.

ولم يستطع أي قائد عسكري في الحرس الثوري الإيراني الوصول إلى منصب رئيس السلطة التنفيذية في إيران منذ عام 1979 وحتى اليوم، على الرغم من هيمنة قادة هذه المؤسسة العسكرية والاقتصادية والأمنية الكبرى على عدد من المناصب الحساسة والمفصلية في إيران، إلا أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الداخلية والتحديات الإقليمية قد تكسر هذه القاعدة.

وأعلن القائد البارز في الحرس الثوري الإيراني محسن رفيق دوست، مؤخرا، أن الرئيس القادم لإيران يجب أن يكون من بين صفوف الحرس الثوري الإيراني إن كان ذلك يساعد في حل مشكلات البلاد.

غلام علي جعفر زاده: واضح تماما أن السلطة في إيران تنتقل إلى تيار محدد
غلام علي جعفر زاده: واضح تماما أن السلطة في إيران تنتقل إلى تيار محدد

وأطلق خامنئي يد الحرس الثوري لمواجهة وباء كورونا، ليمنحه بذلك فرصة ثمينة ترسخ قوّته في البلاد التي تقول كل المؤشرات إنها ستشهد تغييرا في ملامح نظام الحكم فيها نحو التشدد، في ظل غلبة تيار تصدير الثورة، والذي يعني مناصبة العداء لدول الإقليم والولايات المتحدة.

ويشير مراقبون إلى أن الحرس الثوري الإيراني غير راضٍ بشكل عامّ عن التدهور السياسي والاقتصادي السريع لإيران، الذي يرى الحرس أنه تهديد للأمن القومي الإيراني، وعليه قد يسعى الحرس الثوري إلى الترشح للمزيد من المناصب عن طريق الانتخاب لإصلاح بعض المشكلات التي تواجهها البلاد، حتى وإن كان ذلك ببسط القوة وبدعم من مواليهم المتشددين.

وفي المقابل صوت النواب الإيرانيون لصالح السماح لأعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام والمجلس الأعلى للأمن القومي، اللذين يهيمن عليهما المحافظون، بالترشح للانتخابات التي ستجرى في 18 يونيو 2021، ما يعزز حظوظ المتشددين الموالين للمؤسسة العسكرية.

وقال النائب البرلماني السابق غلام علي جعفر زاده لصحيفة آرمان ملي إن “البرلمان يتبع في أعماله تيارا سياسيا معينا وليس مصالح البلد”، مضيفا “واضح تماما أن السلطة في إيران تنتقل إلى تيار محدد”.

وأغلقت التعديلات الباب أمام محاولات سابقة للرئيس الإصلاحي حسن روحاني لإصلاح قوانين الانتخابات الإيرانية، ولاسيّما الانتخابات الرئاسية. وفي وقت مبكّر من شهر فبراير الماضي، دعا روحاني إلى استفتاء وطني للحد من دور مجلس صيانة الدستور في الانتخابات، ولكنْ أحبطها المتشدّدون.

وكان خامنئي حدد ملامح الحكومة المقبلة في البلاد، قائلا إنها يجب أن تكون “فتية وثورية”، فيما يدفع المتشددون باتجاه ما يصفونها بـ”حكومة حرب” ويريدون رئيسا من صفوف العسكر والحرس الثوري بالتحديد.

الحرس الثوري يسيطر بالفعل على معظم أذرع الدولة الإيرانية، لكن بشكل غير معلن، كما أنه يتحكم في قطاعات من الاقتصاد

ويتوقع متابعون أن فوز مرشح مرتبط بـالحرس الثوري سيمنح هذا الفصيل قوة أكبر باتجاه عسكرة السياسة الخارجية الإيرانية، ولاسيما في الشرق الأوسط، فلطالما كان الحرس الثوري الإيراني وبخاصة فرعه خارج الحدود “فيلق القدس”، المحرك الفعلي للسياسة الخارجية للنظام الإيراني في المنطقة، وبالتالي لن تتم عسكرة أجهزة صنع السياسة الخارجية الإيرانية وحسب، بل سيعزز طموح طهران إلى تقوية تسليح ميليشياتها مثل حزب الله والحوثيين، فضلا عن تأسيس ميليشيات جديدة.

ورغم ثقة المتشددين في اختيار رئيس عسكري يبدو أن هناك مخاوف لدى النظام، بشأن عدم مشاركة الشعب في الانتخابات، ولاسيما بعد أن شهدت الانتخابات البرلمانية في فبراير الماضي، أقل نسبة مشاركة شعبية على مدى 4 عقود، خاصة أنها جاءت عقب قمع الاحتجاجات الشعبية في نوفمبر الماضي والتي راح ضحيتها حوالي 1500 متظاهر وسجن الآلاف منهم.

5