قاذفات بي - 52 الأميركية تحلق فوق سرت: استعراض قوة على بعد خطوات من القوات الروسية

في خطوة عسكرية لافتة، نفذت قاذفتان من طراز بي – 52 تابعتان للقوات الجوية الأميركية مهمة تدريبية في محيط مدينة سرت تعتبر الأولى من نوعها منذ إجلاء القواعد الأميركية عن الأراضي الليبية في يونيو 1970.
ويُنظر إلى الخطوة الأميركية المفاجئة على أنها استعراض قوة موجه بالأساس إلى روسيا، حيث تتمركز قوات الفيلق الأفريقي – الروسي (فاغنر) في مناطق إستراتيجية من مدينة سرت مثل الميناء وقاعدة القرضابية العسكرية.
وتقع سرت منذ سنوات تحت سيطرة قائد الجيش المشير خليفة حفتر وتنتشر منذ 2021 عناصر مجموعة فاغنر، التي من المفترض حسب الخطط الروسية أن تكون قد اندمجت في الأفريقي – الروسي، في المدينة الإستراتيجية.
أول تدريب عسكري ليبي - أميركي يحمل رسالة مفادها أن واشنطن غير مستعدة للتخلي عن مصالحها في ليبيا
ويؤكد التمرين العسكري الأميركي سعي واشنطن لفصل حفتر عن الروس بتقديم الدعم العسكري له ما يجعله أقل اعتمادا على موسكو.
ويظهر تحليق قاذفات بي – 52 الإستراتيجية، والقادرة على حمل أسلحة نووية، التزام واشنطن بحماية مصالحها وحلفائها في المنطقة ويوجه رسالة ردع إلى روسيا، ويؤكد أن واشنطن تدرك أن حفتر ما زال لاعبا رئيسيا في ليبيا ولا يمكن تجاوزه إذا أرادت التأثير في المشهد الليبي.
وحمل أول تدريب ليبي – أميركي في محيط مدينة سرت رسالة مهمة للقوى الإقليمية والدولية مفادها أن الولايات المتحدة غير مستعدة للتخلي عن مصالحها في ليبيا.
وبحسب تقرير نشرته القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، انطلقت طائرتان أميركيتان من طراز بي – 52 من قاعدة باركسديل الجوية في ولاية لويزيانا الأميركية، وعبرتا المجال الجوي الليبي خلال التدريب، وأشرف المراقبون الجويون العسكريون الليبيون والأميركيون على توجيه الطائرات بشكل مشترك في محاكاة لتنسيق العمليات الجوية.
وكانت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا قد أعلنت في أوائل فبراير الماضي أن جون دبليو برينان، نائب قائد أفريكوم، واللواء في الجيش الأميركي الجنرال روز كرافوري، ومديرة الاستخبارات في أفريكوم، التقوا القادة الليبيين لتعزيز التعاون الأمني المتزايد بين الولايات المتحدة وليبيا، لافتة إلى أن الوفد التقى مسؤولين من حكومة الوحدة الوطنية والجيش الوطني الليبي في طرابلس وبنغازي وسرت لمناقشة سبل دعم التعاون وتعزيز الاستقرار الإقليمي، وأن الاجتماعات أظهرت التزاما بالمزيد من جهود التوحيد العسكري والتعاون.
وعزا مراقبون ليبيون حينئذ زيارة الوفد الأميركي إلى تنامي الحضور العسكري الروسي في شرق ليبيا وجنوبها، لاسيما في ظل التحولات المهمة التي تشهدها منطقتا شرق المتوسط وغرب أفريقيا.
وأشاروا إلى أن واشنطن وحلفاءها الغربيين متوجسون من نقل موسكو قاعدتها العسكرية البحرية من طرطوس السورية إلى مدينة طبرق، وذلك لعدة اعتبارات من بينها العلاقات المتميزة بين روسيا وسلطات شرق ليبيا.
وكانت تقارير إعلامية أوروبية قد تحدثت قبل نحو أسبوعين عن اتفاق تم بين حفتر وبلاروسيا على إنشاء قاعدة عسكرية في طبرق، الهدف منها تعزيز الحضور العسكري الروسي في شرق ليبيا، باعتبار بيلاروسيا حليفا مهما لموسكو.
زيارة الوفد الأميركي يعود إلى تنامي الحضور العسكري الروسي في شرق ليبيا وجنوبها، لاسيما في ظل التحولات المهمة التي تشهدها منطقتا شرق المتوسط وغرب أفريقيا
وسبق أيضا أن تحدثت تقارير أميركية عن توجه روسيا مؤخرا نحو قاعدة معطن السارة الجوية المهجورة في جنوب ليبيا، والتي تعتبر موقعا إستراتيجيا في المنطقة، مشيرة إلى أن الأقمار الصناعية رصدت بالفعل تحركات روسية حيث أظهرت عمليات تأهيل واسعة للمدارج الرئيسية التي غطتها الكثبان الرملية، بالإضافة إلى تطوير منطقة تجميع الطائرات غرب المدرج، وذلك خلال الفترة بين 6 و11 يناير الماضي.
وجاء التدريب المشترك ببن ليبيا والولايات المتحدة بعد قرار مجلس الأمن الصادر في 17 يناير الماضي، والذي نصّ على استثناءات بشأن حظر الأسلحة المفروض على ليبيا.
وحظي القرار بموافقة 14 عضوا وامتناع روسيا عن التصويت، فيما رأى محللون أنه سيفسح المجال أمام حضور أميركي أكبر في ليبيا.
وقالت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا إن أفريكوم أجرت تدريبا فريدا من نوعه بدعم من القيادة الإستراتيجية الأميركية، مع المراقبين الجويين التكتيكيين العسكريين الليبيين في محيط مدينة سرت.
وأضافت السفارة أن التدريب شمل قواتا من شرق ليبيا وغربها بهدف تعزيز إعادة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية في البلاد. وقال جون دبليو برينان “نحن ملتزمون بمواصلة التعاون مع القوات الليبية لدعم ليبيا مستقرة وموحدة وذات سيادة.”
وشهد التدريب حضور عدد من قيادات القوات المسلحة، إلى جانب قيادات أفريكوم، وتم اعتباره من قبل مراقبين محليين وإقليميين حدثا مهما يأتي في سياق عمل واشنطن على تكريس حضورها في ليبيا والتعامل مع جميع الفرقاء على قدم المساواة.
وأبرزت السفارة الأميركية أن هذا النشاط الجوي يعد خطوة مهمة في اتجاه إعادة توحيد المؤسسات العسكرية الليبية، وتأكيدا على “التزام الولايات المتحدة بالوحدة والاستقرار في ليبيا،” مشيرة إلى أن “الشراكة بين الولايات المتحدة وليبيا في مجال الدفاع ستجعل بلدينا أقوى، بالتعاون مع شركائنا الليبيين من مختلف أنحاء البلاد.”
وقالت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا “مستمرون في دعم الجيش الليبي عبر تدريبات ومشاريع إستراتيجية،” وأكدت أن طيرانها العسكري مستمر في دعم الشركاء الليبيين عبر تنفيذ تدريبات إستراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني وتوحيد المؤسسات العسكرية في ليبيا، مشيرة إلى أنه تم تنفيذ تدريب تكتيكي مشترك بينها وبين الجيش الليبي في 26 فبراير الماضي في محيط مدينة سرت، وذلك في إطار برنامج يهدف إلى إعادة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية في البلاد.
وكانت شعبة الإعلام بالجيش الليبي قد ذكرت الاثنين أن التدريب الذي حضره عدد من قيادات قوات الجيش وأفريكوم يستهدف تعزيز قدرات الدفاع الجوي، وتطوير آليات مراقبة الحركة الجوية، بما يسهم في رفع مستوى جاهزية قوات الجيش.
اقرأ أيضا:
• هل أخطأ الكوني عندما اقترح العودة إلى نظام الأقاليم في ليبيا