في بيربينيان ينكسر الحلم الفرنسي للمهاجرين

حلم المهاجرين بالرخاء والعيش الكريم في أحضان فرنسا يتبخر على حدودها.
السبت 2021/05/22
الواقع غير الأمنيات

بيربينيان (فرنسا) - عندما يرون من إسبانيا سيربير أخيرا، وهي قرية صغيرة مسالمة يهب عليها نسيم البحر، يبدو “الحلم الفرنسي” قريبا جدا من أن يصبح حقيقة، لكن العديد من هؤلاء الرجال والنساء القادمين من أفريقيا والذين يخاطرون بحياتهم تصدمهم في النهاية خيبة الأمل.

ولطالما كان الممر عبر إقليم الباسك هو الذي يستخدمه أكثر من غيره المهاجرون الذين يأتون سيرا على الأقدام أو في القطار وأحيانا مختبئين في شاحنات، على الحدود الفرنسية الإسبانية.

لكن منذ العام 2020 حاول عدد متزايد منهم العبور من الشرق، عبر البيرينيه الشرقية، وفقا لشرطة الحدود. ولم يقدم هذا الإقليم الفرنسي أي أرقام بعد عدة محاولات للاستفسار.

وبوجه متجهّم وعينين مرهقتين يروي ناصر، وهو جزائري في الثلاثين من العمر وصل إلى فرنسا قبل أربعة أشهر، قصته من مكان إقامته العشوائي في بيربينيان.

وإثر رحيل عبدالعزيز بوتفليقة، رئيس الجزائر لمدة 20 عاما، في ربيع العام 2019 “اعتقدنا أن حياتنا ستتحسن” كما قال. إلا أن هذا الأمل سرعان ما اضمحل.

بالنسبة إلى عامل البناء السابق هذا الذي شارك في المسيرات الأسبوعية للحراك المناهض للنظام أصبح الطريق إلى المنفى أمرا بديهيا “لتقديم مستقبل أفضل لابنتي” التي بقيت في الجزائر.

وروى “أنفقت ما يعادل ثلاثة آلاف يورو للعبور بزورق صغير إلى ألميريا في إسبانيا. أوشكنا أن نموت مرات عدة. منذ ذلك الحين، لدي انطباع بأنني ميت بعض الشيء”.

وأضاف بمرارة “لم آت إلى فرنسا لأتسول. كنت أحلم بأن أكون قادرا على العمل بإخلاص. لكن لا يوجد أي شيء لنا هنا، لا شيء”.

40106

من المهاجرين، معظمهم من شمال أفريقيا، وصلوا إلى الساحل الإسباني عن طريق البحر عام 2020

وفي المدينة الكاتالونية يتسكع الرجل الثلاثيني المشرد من مكان إلى آخر بعد النوم في الشارع. عند حلول الظلام ينضم إلى نحو عشرة من “الحراقة” (من اللغة الدارجة وتعني المهاجرين غير الشرعيين) قرب قطعة أرض شاغرة خارج بيربينيان حيث يتشاركون السجائر والمخططات وفي الكثير من الأحيان الصمت الرهيب.

ومثله وصل 40106 مهاجرين، معظمهم من شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء، إلى الساحل الإسباني عن طريق البحر عام 2020، مقارنة بـ26168 مهاجرا في العام السابق، بزيادة تجاوزت 53 في المئة وفقا للمنظمة الدولية للهجرة.

وفي قريته الحدودية التي يبلغ عدد سكانها 1300 نسمة شعر رئيس بلدية سيربير كريستيان غرو أيضا في 2020 بـ”زيادة كبيرة في تدفق المهاجرين”. وقال إن “مجموعات من 20 و30 وأحيانا تصل إلى 50 مهاجرا، كانت تصل ليلا ونهارا” إلى القرية.

وبعد عام، ومع تعزيز أعداد الشرطة والدرك على المعابر كما وعد الرئيس إيمانويل ماكرون في نوفمبر، أصبح العبور الآن ينفذ أكثر بشكل فردي.

وفي بيربينيان، أكبر مدينة في فرنسا بقيادة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، يذكر رئيس البلدية لويس أليوت أن هناك “عشرات الأجانب غير الشرعيين الذين يدخلون أرضنا كل يوم” من إسبانيا، وذلك في خطاب أرسله إلى ماكرون. وتقول جمعيات تساعد المهاجرين إنها شعرت بأن أعداد المهاجرين فاقت طاقتها لمدة عام.

وفي “سيماد”، وهي جمعية تدافع عن حقوق اللاجئين والمهاجرين، أرجع جاك أوليون “الزيادة الكبيرة في عدد الوافدين” خلال الأشهر الأخيرة، خصوصا من الجزائر، إلى “تقاعس الحكومة (المحلية) التي قضت على آمال شباب يائسين”.

وفي الأشهر الأخيرة أضيفت الإضرابات والبطالة المتزايدة والفقر في هذا البلد الواقع في شمال أفريقيا إلى أزمة اقتصادية عميقة نتجت عن انخفاض ريع النفط وتفاقمت بسبب جائحة كوفيد – 19. أما الحد الأدنى للأجور فهو راكد عند ما يزيد قليلا عن 125 يورو.

وأشار المدير المحلي لجمعية “سيماد” إلى أن هناك “نوعا من الانكفاء” بين الوافدين الجدد “دون التخطيط لأي مشروع حقيقي”.

5