فيلم أوكراني يتنبأ بالحرب ويكشف خفاياها بألسنة الضحايا

تبقى أفلام الحرب من أبرز الأعمال السينمائية التي تلفت الانتباه إلى المآسي البشرية على مر العصور جراء الصراعات والحروب، أفلام تكشف الحقيقة البشعة والقاسية بدقة وتساهم في أن تكون أصوات الضحايا التي تصل بقضاياهم إلى أبعد نقطة ممكنة.
على مدار السنوات الأخيرة حاول منتجو السينما في أوكرانيا التي تعاني حاليا من ويلات الحرب على أرضها، معالجة واستكشاف أبعاد الصدمة التي أعقبت الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس عام 2014.
حاول الفنانون السينمائيون إنتاج عدد من الأفلام التي تكشف الخسائر البشرية للعدوان العسكري الروسي على أوكرانيا، وقدمت هذه الأفلام نظرة متنوعة على حياة ومخاوف الأوكرانيين المعاصرين الذين يتعاملون مع المصاعب المميتة لاستيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم عام 2014 والحرب في منطقة دونباس.
مساهمة المخرج الأوكراني فالنتين فاسيانوفيتش كانت متميزة لخبرته الكبيرة، وقد استطاع المخرج البالغ من العمر 50 عاما توثيق جانب من هذه الحرب من خلال الأفلام التي أنتجت عن الصراع الروسي – الأوكراني وتداعياته وبالتعاون مع المنتج فلاديمير ياتسينكو. بعد عامين على إنجازه فيلم “أتلانتس” الفيلم الأوكراني الذي تم إنتاجه عام 2019 وفيه نبوءة المخرج فاسيانوفيتش بالمستقبل، حين عرض قصة حرب تدور أحداثها في شرق أوكرانيا في عام 2025، ها قد صدقت نبوءة الفيلم لكن زمن الحرب كان أسرع بثلاث سنوات.
عواقب الحرب
قصة العمل تستند إلى حد كبير إلى قصة حقيقية عن التعذيب الذي تم تنفيذه في شرق أوكرانيا الانفصالي
عاد المخرج الأوكراني إلى مهرجان فينسيا في عام 2021 بفيلم يحمل عنوان “انعكاس”، الذي يركز على الخراب النفسي للحرب ويسرد قصة أخرى من قصص الصراع الدموي بين الأوكرانيين والقوات الروسية الغازية في منطقة دونباس. الفيلم كتبه وأخرجه فاسيانوفيتش مستكملا ما طرحه في فيلمه السابق “أتلانتس”. بالرغم من أن قصص وشخصيات الفيلمين غير مترابطة على ما يبدو، إلا أن هناك انسجاما متعدد الجوانب بينهما إلى درجة أنهما يرسمان صورة بانورامية قوية للصراع الروسي – الأوكراني من خلال رؤية متخمة بالصور المرعبة والقاسية، وفي نفس الوقت، لا يخلو الفيلم من لحظات الجمال وصور الحب الدائم.
أحداث فيلم “انعكاس” تدور في عام 2014، وفي بداية الحرب الروسية – الأوكرانية وفي وقت مبكر من ذلك العام، حين قام الرئيس الروسي بوتين بضم شبه جزيرة القرم، وأعقب ذلك إعلان الانفصاليين الموالين لروسيا في منطقة دونباس “الاستقلال” عن بلدهم.
يبدأ الفيلم مع سيرهي (رومان لوتسكي) وهو طبيب جراح في مستشفى في مدينة كييف، يحضّر احتفالا بعيد ميلاد ابنته بولينا (نيكا ميسليتسا). كما ضم الحفل زوجة الطبيب سيرهي السابقة أولغا (نادية ليفتشينكو) وشريكها الجديد أندريه (أندريه ريماروك) الضابط الأوكراني. خلال حفل عيد الميلاد يدور نقاش بين الطبيب الجراح سيرهي وأندريه الضابط في القوات الخاصة في الجيش الأوكراني عن الصراع الروسي – الأوكراني، وحين يبدي أندريه أسفه في العثور على أطباء ومسعفين مهرة في الخطوط الأمامية. يأخذ سيرهي كلماته على محمل الجد لكونه لم يساهم في المعركة ولم يتطوع بعد للقتال، بالإضافة إلى تعرضه لضغوط من ابنته التي تشير إلى أن عمله كجراح لم يكن بطوليا مثل عمل المقاتل أندريه.
الفيلم يركز على الخراب النفسي للحرب ويسرد قصة أخرى من قصص الصراع الدموي بين الأوكرانيين والقوات الروسية
يتم تجنيد سيرهي في الجيش لإسعاف الجنود الجرحى. عندما يتوجه الرجلان إلى خط المواجهة وبسبب العتمة الليلية وانعدام التغطية لنظام تحديد الموقع العالمي “جي.بي.أس”، يخطئ الطبيب وسائقه في الطريق، عند إحدى نقاط تفتيش للعناصر الموالية لروسيا. يتم القبض على سيرهي واستجوابه وحين يرفض التحدث يتم تعذيبه وصعقه بالكهرباء. وفي نهاية المطاف، يضغط خاطفو الجراح عليه للعمل كمسعف في السجن، وهو دور ينطوي في الغالب على التحقق من الأسرى بحثا عن علامات على الحياة بعد جلسات تعذيبهم المطولة.
في المعتقل يتم استغلال مهاراته الطبية بطريقة وحشية، يتعرض لسلسلة مروّعة من جلسات الإذلال والتعذيب الوحشي، وهو الطبيب الذي لم يطلق رصاصة أو يتعامل مع سلاح من قبل، لكن وجعه وحزنه يأتي مما شاهده في المعتقل الذي يتجرد فيه الإنسان من إنسانيته، وهذا جانب من الجوانب التي أراد من خلالها المخرج والكاتب فاسيانوفيتش إظهار عواقب الحرب المدمرة سواء كان ذلك على خط المواجهة أو في السجن العسكري.
يتعرض سيرهي للتعذيب بالقبضات والأقطاب الكهربائية، ثم يجبر على المساعدة في إبقاء الأوكرانيين المعتقلين، بمن فيهم أندريه، على قيد الحياة لاستكمال التحقيق والحصول على اعترافاتهم، فكر الطبيب سيرهي في الانتحار في زنزانته أكثر من مرة.
قصة حقيقية
الممثل لوتسكي أبدع بأدائه في تصوير حالة الطبيب سيرهي كرجل مكسور. وبالرغم من أن أحداث أسر الطبيب سيرهي كانت مؤلمة، إلا أنها لا تشكل سوى النصف الأول من فيلم “انعكاس”، الذي يتغير في نهاية المطاف لتصوير المعاناة النفسية والروحية التي تستمر لفترة طويلة بعد فتح أبواب السجن وإطلاق سراح سيرهي كجزء من تبادل الأسرى. هذا التحول الصادم في حياة سيرهي من طبيب جراح طبيعة عمله مساعدة الناس المرضى، إلى معتقل في مسلخ بشري، يشكل اختبارا قاسيا له. وهذا يكفي للتسبب في اضطراب ما بعد الصدمة بعد أطلاق سراحه.
سيرهي، وهو جراح أوكراني يعيش في الصف الأمامي وإن كان في مستشفى عادي خلال الحرب الانفصالية، فقد كان يعالج الجنود الجرحى ويقوم بعمليات رفع الشظايا واستخراجها. لكن مشاهد الحرب ومجموعة من الفظائع والإهانات تدفعه إلى إعادة التفكير في نفسه ودوره كوالد وزوج سابق في حياة مدنية في شقة مغلقة، تشكل مأوى ودفاعا عن أهوال الحاضر وأخطاء الماضي التي جعلته غائبا عن العائلة والطب والمشارط والمقص.
يتكون الكمال من الناحية الأسلوبية من لقطات كاميرا ثابتة تدرك الثبات لعواطف سيرهي. ويتم تقسيم تسلسل مشاهد “انعكاس” عن بعضها البعض بواسطة خدعة تمثل عنصرا منفصلا وعنصرا متصلا. يربط المخرج المشاهد المتنوعة، الجري في الغابة، ومشية سيارة الإسعاف في الظلام، ومسار الشاحنة، ونقل السجين إلى الحمامات، والتعذيب لجسد عاجز، عضة، إطلاق النار على القافلة الطبية، التبادل المتوتر للأسرى بين ثلاثة فصائل متعارضة، الاستحمام بالماء البارد وسرده لحكاية الطبيب سيرهي.
وعلى الرغم من أن التعذيب الذي يشهده سيرهي فظيع، إلا أن المخرج لا يركز حصريا على أهوال الجسد مفضلا آلام الروح. بمجرد عودته إلى واجباته، يكون الطبيب أكثر حرصا على إعادة ربط أجزاء وجوده بدلا من إعادة تجميع جثث الجنود. ولا يهدأ سيرهي حتى يفي بواجب دفن الضابط أندريه الذي مات من جراء التعذيب، وقبل كل شيء التحدي الذي تنطوي عليه الأبوة بالمزيد من الحماس والتفاهم، حان وقت سيرهي للتخلي، والاعتراف بعائلته كملجأ حقيقي له، ويصبح هو نفسه ملاذا من الانكسارات الجسدية والعاطفية في ميدان الحرب.
تستند القصة إلى حد كبير إلى قصة حقيقية عن التعذيب الذي تم تنفيذه في شرق أوكرانيا الانفصالي في مركز سابق للفنون المعاصرة. كما وضح الكاتب والمخرج بعد لقائه بالجنود الأوكرانيين الذين عادوا بعد تبادل الأسرى. ويعتقد فاسيانوفيتش أن الحرب ستظل موضوعا لصانعي الأفلام لفترة طويلة بعد انتهائها يوما ما، على الرغم من أنه لا يرى نهاية في الأفق في الوقت الحالي.
أبعاد رمزية

إن فكرة البشر يجدون الشفاء من صدمة زمن الحرب من خلال الحب والروابط بين الأجيال ليست جديدة، لكن الأسلوب الجميل للغاية الذي يقدمها به المخرج فاسيانوفيتش وعكس الآثار النفسية للحرب مهم للغاية، وخاصة بالنسبة إلى بلد محبوس في دورة من إراقة الدماء مع جارته.
يتجلى إجهاد ما بعد الصدمة في النصف الثاني من الفيلم. الأمل الوحيد يأتي من جهود الأب وابنته (يشتركان في الحزن والخسارة) لإعادة اكتشاف وجودهما. يحاول سيرهي إعادة علاقته مع زوجته السابقة ومد جسور التواصل مع ابنته التي أصيبت جراء سقوطها من حصان ومازالت تعاني من ألم داخلي كبير بسبب ما آل إليه مصير أندريه الذي كانت قريبة منه.
يحجم سيرهي عن الأخبار السيئة عن أندريه حتى يحين الوقت للتعرف على جثته. لكن حادثا رمزيا ينطوي على حمامة تحطمت وماتت وتركت بصماتها على نافذة غرفة سيرهي يخلق تأملا قويا في الوجود والحرية. يتأمل الأب وابنته العلامة أو الأثر الذي تركه الطائر بعد موته في محاولة للعثور على تفسيرات حول الحياة والموت.
يتم تصوير “انعكاس” في ظلال من الرمادي الملبد بالغيوم أو برك من الضوء وسط الكآبة الليلية. الفيلم يظهر الجنود الروس وحوشا عديمي الإحساس، “يتبعون الأوامر”.
وينسجم هذا الفيلم الروائي الطويل الخامس لفالنتين فاسيانوفيتش، بشكل فظيع مع المزاج الحالي للوضع الإنساني الكارثي في أوكرانيا. إذ يعرض حياة ومخاوف المدنيين الأوكرانيين الذين يعيشون وسط أهوال الحرب شبه المستمرة والمعاناة النفسية للمواطنين في وقت الحرب، بالإضافة إلى تداعيات استيلاء روسيا على جزيرة القرم.
للحرب في أوكرانيا تأثير لا يمكن إنكاره على العالم وجذبت المزيد من الاهتمام إلى سينما الحرب الأوكرانية. على الرغم من أن فيلم “انعكاس” يدور حول الحرب الروسية – الأوكرانية عام 2014، إلا أنه يعد واحدا من أفضل الأعمال الدرامية الحربية الحديثة التي تحاول فقط النظر إلى الحرب من منظور ضحاياها.
تشكل النوافذ أو الزجاج الأمامي إطارات داخل الإطار. ربما تمنح إيحاء شعريا لمجاز النافذة، ومن الصور الأكثر إثارة هي لطائر يطير قرب نافذة سيرهي ويطل على أفق كييف، يصطدم جسم الطائر بالنافذة ويترك أثرا مخططا مطبوعا وهو تذكير مؤرق بمصيره. منظر الطائر الميت يزعج البنت بولينا، لكن رد فعل سيرهي أكثر وضوحا، حيث ينظم جنازة للطائر بعد حرقه باستخدام الصفحات الممزقة من الكتاب المقدس.
يشرح الطبيب لابنته بولينا أن الطائر أخطأ في فهم انعكاس السماء التي رآها في النافذة على أنها مسار طيران واضح، مما يجعله الضحية القاتلة للوهم البصري. هذا التفسير يردد صدى وفاة العديد من الشخصيات هنا وهم يطيرون فجأة إلى منطقة الحرب غير المرئية تقريبا.
"انعكاس" واحد من أفضل الأعمال الدرامية الحربية الحديثة التي تحاول فقط النظر إلى الحرب من منظور ضحاياها
من دلالة هذا المشهد طبع عنوان الفيلم وهو عبارة عن مدخل مزدوج، حمامة تطير إلى نافذة سيرهي، تاركة آثارها مطبوعة مثل قناع الموت، وفي نفس الوقت يمثل رمزا لكل من الأمل بعد أن رأت السماء في الزجاج، وهو أمر قد يكون للأوكرانيين الذين يقاتلون من أجل بلدهم في أمل نحو الحرية.
يتحدث المخرج عن هذا الموضوع قائلا “بدأت العمل على هذه القصة المستوحاة من حمامة اصطدمت بنافذتنا، بينما كانت تطير بسرعة عالية، تاركة علامة جميلة ومروعة. رأت ابنتي البالغة من العمر عشر سنوات كل شيء: البصمة الدقيقة للأجنحة، وأثر الدم الذي خلفه تأثير الرأس، والريش المتصل بالزجاج. في الأيام التي تلت ذلك، كنا منزعجين مما حدث. دفعتني مخاوفه وأسئلته وتوقعاته للقيامة المعجزة وإنكار عدم رجعية هذا الحدث ومحاولاته لفهم الموت من وجهة نظر الطفولة إلى كتابة قصة عن العلاقة بين الأب وابنته الحزينين على وفاة أحد أفراد أسرته”.
ترتبط وفاة إحدى الشخصيات بالحرب المستعرة في أوكرانيا. من خلال ربط الحياة اليومية في العاصمة والواقع المميت للحرب، يتم إنشاء سياق مكثف للغاية لهذه القصة حول مخاوف الأطفال ومواجهتهم الأولى مع الموت، ويسلط الضوء على عجز الكبار. إنها قصة عن إدراك الطفل بأن حياة الإنسان محدودة. إنها أيضا قصة عن مسؤوليات البالغين تجاه أحبائهم وأنفسهم والعالم الذي يعبرون فيه عن إمكاناتهم. سيساعد الطفل والبالغ بعضهما البعض على فهم هذا العالم الجميل والقاسي، الذي يشبه إلى حد كبير العلامة التي تركها الحمام على الزجاج.

ومن الجدير بالذكر أننا نشاهد معظم المشاهد التي تدور أحداثها خارج منطقة الحرب من خلال الزجاج وانعكاساته، في المشهد الافتتاحي وفي عيد ميلاد البنت بولينا حين تلعب بولينا كرة الطلاء بينما يشاهدها والداها خلف الزجاج، والزجاج أيضا يفصلنا عن غرفة عمليات سيرهي، السيارة التي يقودها سيرهي وأندريه وقد تحطم زجاجها الأمامي عند نقطة التفتيش.
“انعكاس” هو دراما حرب عظيمة كما أنه تجربة تأملية لأولئك الذين يحبون التجارب السينمائية العميقة ومتعددة الأبعاد. إنه يرسم صورة للحرب ويسمح للجمهور بالتفكير في بشاعتها وحجم الخسائر في الآرواح والبنية التحتية ويركز على تفاعلات الشخصية بدلا من الدوافع.
يعمل الطبيب سيرهي على إنقاذ السجناء الذين يصارعون الموت من جراء التعذيب، لكن العدو لن يتوقف عن تعذيبهم للحصول على المزيد من المعلومات. رغم أن نوايا سيرهي صادقة ونقية، لكن أفعاله لا تسبب سوى المزيد من الألم للسجناء ودون قصد. يصور المخرج في فيلمه وببراعة الحقيقة القبيحة حول الصراعات البشرية وحتى أنبل الأسباب مثل إنقاذ حياة المرء، بعد الأحداث المدمرة للروح والجسد ومحاولته الانتحار للخلاص من عذاب الضمير بشكل مروع في الفصل الثاني.
توضح عودة سيرهي في الفصل الثالث بعد إطلاق سراحه ليصبح في أمان حالة إعادة تأهيل وبناء الروح المنكسرة، تجبر تجربة الطبيب في مواجهة اضطراب ما بعد الصدمة الذي بدأ يعاني منه على السعي لإعادة إحياء علاقته مع زوجته المنفصلة وابنته بولينا (نيكا ميسليتساكا) ويأخذها في دروس لركوب الخيل، ويفي بوعد لأندريه بتعلم البنت بولينا ركوب الخيل وكذلك يشتري لها الطائرة دون طيار التي وعد بها.
يقدم فيلم “انعكاس” قصة واقعية حول أسير حرب ينجو من محنة جهنمية فقط ليعود إلى منزله ويسعى نحو التطهير الروحي. إنها حكاية صادمة تضرب بقوة ولا تقدم إجابات سهلة.
سيرهي (رومان لوتسكي) الذي تبقيه واجباته في المستشفى بعيدا نسبيا عن مناطق الاشتباك (منطقة دونباس) لم يكن بعيدا عن أهوال الصراع ومطحنة الحرب وتركتها الثقيلة، فقد امتلأ مستشفاه بالكثير من الجنود الجرحى، أما تجربة الاعتقال فكانت تجربة مؤلمة وفي نفس الوقت هي مراجعة لحياته السابقة وصحوة ضمير جعلته يرغب في إعادة الاقتراب من ابنته بولينا البالغة من العمر 12 عاما وزوجته السابقة (ناديا ليفتشينكو).
على هذا الأساس، يحاول “انعكاس” فالنتين فاسيانوفيتش أن يعكس دراما السكان الأوكرانيين وواقع حالهم وجزء من معاناتهم منذ عام 2014. يستخدم فاسيانوفيتش سلسلة من اللقطات الثابتة لإلقاء نظرة فاحصة على أهوال الحرب الروسية – الأوكرانية.
في حديث للمخرج والكاتب الأوكراني فالنتين فاسيانوفيتش عن فيلمه، يقول “عندما كنت أعمل على فيلم ‘أتلانتس’ لم أكن أتوقع أبدا أن يتم تدمير المدن حتى الآن، فقد تم تدمير أماكن مثل خاركيف وماريوبول بالكامل”. ويضيف “لقد صورنا معظم المشاهد للفيلم في ماريوبول وما يحدث الآن، الناس يموتون هناك، يتم تدمير كل شيء بطريقة منهجية بحيث يتم القضاء على المدينة تماما. بصراحة، لم أتخيل أبدا مثل هذا الخراب والتدمير، ما يحدث الآن هو أكبر حرب في تاريخنا، ووجود أوكرانيا سيعتمد على نتيجة هذه المواجهة”.
في النهاية، فيلم “انعكاس” المرآة الأخلاقية التي تعكس حياة مدني ونفسيته وأفعال ذلك الرجل نفسه وردود أفعاله في الحرب. بعد أن يتم تبديل طاولة الجراح بقاعدة تعذيب إسمنتية. كرات الطلاء التي تكدس جدارا شفافا تصبح رصاصات تحطم الزجاج الأمامي. الأيدي التي تنقذ الأرواح تصبح أداة للقتل توزع الرحمة وتقتل.
وبعد ذلك، ربما يكون الأمر أكثر صعوبة على الروح، هناك سؤال حول كيفية العودة إلى الحياة السابقة، بمجرد عودتك إلى المنزل من حرب لا أحد يعود منها معافى حقا. هذا فيلم شاق للغاية في مشاهدته بسبب تصويره الصادق لأساليب التعذيب والترهيب بحق الأبرياء من المعتقلين.
وهناك قصة أعمق وأكثر دقة تم العمل عليها حول الخيانة والفداء والرحمة والبقاء على قيد الحياة، يتناول الفيلم أيضا موضوع الخسارة في البداية ثم الحب في هذه الحالة بين الأب وابنته. وكلها قدمت بشكل متكامل، مستندا على الأداء الرائع للممثل رومان لوتسكي. ويجسد الفيلم، بشكل آخر، فكرة أن البشر يجدون الشفاء من الصدمة في زمن الحروب من خلال الحب والروابط بين الأجيال.