"فيلا تانيت" فضاء لترويج الفنّ التشكيليّ المعاصر

فكرة الفضاء ترتكز على عرض أعمال فنانين تشكيليين معاصرين وخلق فرص واعدة لترويج الإبداع الفني.
الأربعاء 2020/01/29
الاستثمار في الإبداع

تونس- "فيلاّ تانيت" Villa Tanit رواق فنيّ جديد افتتح مؤخرا في تونس للاستثمار في الإبداع والترويج له وليكون فضاء لمناسبات ثقافية ومتنوعة.

وتقول وحيدة بوطار صاحبة الرواق والمشرفة عن المشروع الذي تمّ افتتاحه منذ أواخر نوفمبر 2019 بضاحية قمرت التونسية، إن فكرة الفضاء الفني ترتكز على مبدأين: الأوّل لعرض أعمال فنانين معاصرين متنوّعة، أمّا المبدأ الثاني خلق فرص مختلفة للترويج للأعمال والفنانين وهذا ما يحتاجه الفنّ في تونس.

وتضيف: دفعني حبّي للفنّ والجمال إلى تحويل ولعي هذا للاستثمار في الإبداع والترويج له، ثم أنّني لا أنوي الانغلاق على فئة معيّنة، أو الاكتفاء بأسماء فنيّة معروفة، بل سيكون الفضاء منفتحا على كلّ تجربة تونسيّة مقنعة وواعدة حتى وإن كانت في بدايتها".  

وأطلقت مشرفة المعرض كلمة "مواد" Matières كعنوان كبير للمعرض الافتتاحيّ. ويضمّ المعرض مجموعة من الفنانين التونسيين والأجانب من بينهم الفنان المعاصر عمر الباي وعلي تنني وابراهيم المتوس ونبيل الصوّابي ونوتيل والنحات العراقي محمد غسان والفنانات ايمان برحومة ونجاح زربوط ونجاة الغريسي ومريم عوني، بالإضافة إلى أسماء شابة موهوبة مثل أيمن مباركي وأحمد الوزير. تعددت الأساليب والتقنيات لنجد الحفر والنحت والتصوير والرسم الخطي والتنصيبة.

Thumbnail

ويحيلنا اسم الرواق إلى تانيت أو "تعنيت" وهي في الأصل رفيقة بعل آمون آلهة الخصوبة والسماء ذات الأصول الفينيقيّة والتي كانت المعبود الأوّل في مدينة قرطاج البونيّة وحاميتها.

 ويكفل المعرض للمتلقي، الاستمتاع بالفنّ بدون إضافات مسقطة وغريبة، إذ يجعلنا الفضاء خارج نواميس الواقع عبر "الإيجاز والبلاغة" بوصفهما أهمّ شروط الفنّ حسب فيودور دوستوفسكي، وفي مقابل كلّ ّذلك تتوغّل بنا بعض الأعمال داخل هواجس فنيّة فرديّة وذاتية للعارضين.

ووُفِّقت مشرفة المعرض في اختيار معظم المشاركين نظرا لانسجام التيمات التي يشتغل عليها الفنانون وتقارب الرسائل الفنيّة المنبعثة من الأعمال مثل لوحة ابراهيم متوس "اوتوبورتري" التي صوّرت بغرابة نظرته الساخرة للعالم من خلال السخرية أوّلا من الذات، ومحفورات نبيل الصوابي "الايادي الملوّثة"، وتنصيبة عمر باي "محارب أزرق"، ومنحوتات محمد غسان "خلاص" و"آدم" و"Grotestika" التي تعني الغباء الكبير. لقد تناول مجمل الفنانين الوضعيّة العبثيّة التي يعيشها البشر التي تتراوح بين التهريج والهمجيّة والحمق والضياع والفناء.

العالم الملوّث

Thumbnail

يمارس نبيل الصوابي الحفر والتصوير بالتزام واندماج شديدين مع مزج مستمرّ بين حرفيّة الممارسة وسلطة المعنى، ويعود فضل تميّزه إلى العالم الوهميّ الذي يصوّره في كلّ تجربته والذي يتمحور حول شخصية رئيسية تظهر باستمرار في بداية رسوماته ولوحاته ومحفوراته هي شخصيّة "الإنسان المسخ".

وقدّم الصّوابي خلال معرض "مواد" مجموعة أعمال حفريّة تحمل عناوين من قبيل "الأيادي الملوّثة" و"القدم الشبح" و"العملاق"، وهي أعمال متماهية تماما مع ممارسة الفنّان سواء في التصوير أو الحفر، إذ يبدو المعنى دراماتيكيا يحمل موقفا ناقدا وساخرا من ذاته ومن الواقع التونسيّ.

يعبث الصوّابي بمفردات متعدّدة في الجسد البشري ليقدّم جوانبه القبيحة المخفيّة. يتعامل مع الحقائق كما هي دون تورية أو خجل ويسمي الأسماء بأسمائها دون خوف، لذلك يرسم الدماء والسكاكين والأعضاء المبتورة ليحيلنا إلى معاني التلذّذ بالخطيئة التي تحدّثت عنه الفلسفة والأدب، يقول ليو تولستوى "يُجمع الناس على أنّ اللّص والقاتل والزانية يخجلون من عملهم وسيرة حياتهم، ولكنّ الواقع خلاف ذلك.. هم يألفون مع الأيام ذلك المسلك، ويصبح من العسير إقناعهم بقُبحه".

معرض فرديّ

Thumbnail

أعقب معرض "مواد" تنظيم أوّل معرض فرديّ للفنانة التشكيليّة التونسيّة علياء بلخوجة تحت عنوان "تصوّف" Soufisme، وهي فنانة لم يُتداول اسمها كثيرا داخل المجال التشكيليّ التونسيّ رغم ما قيل عنها أنّها جابت نصف العالم بلوحاتها. وقدّمت تجربتها الأخيرة في مجموعة لوحات متوسطة الأحجام تراوحت بين تصوير مزارات دينيّة ذات قبب وأبواب، وتصوير أجساد أنثويّة راقصة تُماثل الرقص الصوفي. رافق الافتتاح عرض موسيقي وغنائي لفرقة إيرانيّة لقي استحسان الحاضرين وساهم حسب رأيهم في الدخول إلى أجواء الفنانة الذاتيّة.

ونجحت وحيدة بوطار بوصفها راعية للفنّ في تنظيم معرضين لاقا رواجا كبيرا بين النخبة المثقفة والأوساط التونسيّة الراقية، ولكن رواقا بهذا المستوى لابد أن يسير على منوال الأروقة الغربيّة التي تعتبر مؤسّسات فنيّة وإداريّة تُسيّر من قبل محترفين وتقنيين متمرّسين، أهمّهم كوميسارات المعارض الذين يقومون بالعمل الصعب والدقيق من اقتراح المواضيع الفنيّة وتحديد الأسماء التي تتماشى أعمالهم مع تيمة المعارض وتنسيق سينوغرافيا الرواق وغير ذلك كثير.

 ثمّ أن تونس تزخر بطاقات يمكنها تقديم الإضافة التي يحتاجها الرواق والذين لديهم خبرة في مجال تنظيم المعارض، نذكر من بينهم أسماء: مثل ثامر زربوط المسئول والمشرف الفني على رواق صفاقس، ووسام العابد الذي نظم مجموعة معارض ناجحة برواق البيرو بمدينة سوسة، وهدى العجيلي كوميسارة العديد من المعارض الوطنيّة والدوليّة آخرها معرض "نقطة سوداء"، وسنية سعيد كوميسارة مهرجان Viv’ Art Tunisien .