فيفا يورّط اتحاد الكرة المصري في أزمة محمد صلاح

وضع الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” المسؤولين عن اللعبة بمصر في ورطة، بعدما نفى حجب أصوات اتحاد الكرة لصالح محمد صلاح نجم المنتخب المصري ولاعب فريق ليفربول الإنكليزي في مسابقة “ذا بيست”، كأفضل لاعب في العالم.
القاهرة – قال الناطق باسم الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” في تصريحات صحافية لشبكة “سكاي سبورت”، ردا على الجدل الدائر بشأن عدم تصويت مصر لمحمد صلاح في مسابقة “ذا بيست”، “إذا لم يرد اسم اتحاد محلي في ملف التصويت، فذلك يعني أن الصوت لم يصل للاتحاد الدولي حتى يتم احتسابه في الاستفتاء”.
وكان الاتحاد المصري لكرة القدم طلب توضيحا من فيفا، بشأن عدم اعتماد صوتي مصر في استفتاء أفضل لاعبي العالم، على خلفية الجدل الذي أثاره صلاح بعد إعلان النتيجة، وقيامه بتعديل التعريف الشخصي له على موقع تويتر، مكتفيا بعبارة أنه “لاعب نادي ليفربول” الإنكليزي، بدلا من التعريف السابق “لاعب نادي ليفربول ومنتخب مصر”، قبل أن يغرد بعبارة “مهما حاولوا يغيروا حبي ليكي ولناسك مش هيعرفوا”.
وأكد الاتحاد المصري، أنه أرسل نتيجة التصويت إلى فيفا يوم 15 أغسطس الماضي قبل انتهاء المدة المحددة بأربعة أيام، وتم تسلّم استمارة التصويت يوم 19 أغسطس، وقام بالتصويت عن مصر كابتن المنتخب أحمد المحمدي، بينما تولى التصويت عن المدير الفني شوقي غريب المدير الفني للمنتخب الأولمبي بعد إقالة الجهاز الفني السابق وعدم تعيين جهاز فني جديد في ذلك الوقت، وأن الصوتين منحا صلاح المرتبة الأولى.
يعكس نفي فيفا وصول صوتي المحمدي وغريب في الاستفتاء لحساب صلاح، استمرار العشوائية التي تدار بها الكرة المصرية، وهو ما اتضح من تفسيرات مسؤولين رياضيين سابقين وحاليين، وتكشفّت ملامح التخبط بعدما تبرأ كل منهم من تهمة التقصير.
تخبط إداري
وما يعزز التخبط في إدارة الكرة أن إيهاب لهيطة مدير منتخب مصر السابق، قال في تصريحات صحافية إنه أرسل تصويت خافيير أغيري مدرب منتخب الفراعنة السابق والمحمدي كابتن الفريق، إلى اتحاد الكرة، الذي أرسلهما بدوره إلى فيفا، ولا يعرف كيف تم استبعاد الصوتين. لكن اللافت أن أغيري، لم يصوت لحساب صلاح، لأنه تم فتح باب التصويت النهائي في الاستفتاء على جائزة أفضل لاعب في العالم بعد إقالته من تدريب المنتخب وخروج مصر من بطولة كأس الأمم الأفريقية.
وتزامَن مع إعلان لهيطة عن تصويت خافيير أغيري، تأكيد شوقي غريب مدير المنتخب الأولمبي أنه قام بالتصويت في المسابقة لعدم وجود مدير فني للمنتخب القومي، وبالتالي اعتبر نفسه (أي غريب) قائما بأعمال مدير المنتخب الأول، وقام بالتصويت في المسابقة.
وأوضح هاني رمزي، المدرب العام السابق لمنتخب مصر، أنه لم يطلب منه أو من أحد أعضاء الجهاز الفني السابق، التصويب لصلاح، وهو ما يثير علامات استفهام كثيرة، حول الطريقة التي جرى من خلالها التصويت أو التخلف عن المشاركة في الاستفتاء من الأساس.
والتفسير الأقرب للحقيقة أن الاستفتاء على اختيار أفضل لاعبي العالم بدأ عقب إقالة الجهاز الفني للمنتخب، واستقالة أعضاء اتحاد الكرة السابق، وكان حينها ثروت سويلم، المدير التنفيذي لاتحاد الكرة، قائما بأعمال رئيس الاتحاد، أيّ أن التصويت كان في عهده.
واستعان سويلم بشوقي غريب كمدير فني للمنتخب الأوليمبي، للتصويت في المسابقة، لأن منصب المدير الفني للمنتخب الأول “شاغر”، كما شارك المحمدي كقائد للمنتخب، لكن الأزمة حدثت عندما تحول سويلم إلى السعودية لأداء فريضة الحج، في نفس التوقيت الذي كان يفترض أن يتولى التوقيع على استمارة الاستفتاء قبل إرسالها من الاتحاد المصري إلى فيفا، لأنه الوحيد الذي يحق له التوقيع على المخاطبات الرسمية.
ولأن سويلم لم يكن موجودا في مصر، ولم يفوّض أحدا بصلاحياته، أو يختار ممثلا عنه من داخل اتحاد الكرة للقيام بمهمة التوقيعات لحين عودته، فإن موظفي الاتحاد بإدارة العلاقات العامة تبرعوا من تلقاء أنفسهم بالتوقيع، أيّ أن “المدير الفني الذي اختار صلاح، لم يكن منوطا به الاختيار، واكتملت الأزمة بأن من خاطب الاتحاد الدولي لكرة القدم لاعتماد الاستفتاء، ليس من صلاحياته القيام بهذه المهمة”.
تغيير شكلي للتصنيف
ما ضاعف الأزمة أن الصحافي هاني دانيال، وهو الممثل الإعلامي الوحيد لمصر المشارك في استفتاء فيفا على جائزة أفضل لاعبي العالم، اختار صلاح في المركز الثالث، وقام بالتصويت للسنغالي ساديو مانيه لاعب ليفربول في المركز الأول، والبرتغالي كريستيانو رونالدو لاعب يوفنتوس الإيطالي ثانيا، وصلاح ثالثا.
وتنص لائحة اختيار أفضل لاعبي العالم على أن يكون ذلك، من خلال 4 طرق تصويت متساوية في ما بينها بنسبة 25 بالمئة، الأولى عن طريق اختيار الجماهير عبر استفتاء فيفا بالموقع الرسمي، ومدربي منتخبات العالم، وقادة المنتخبات، ومجموعة إعلاميين من كل دول العالم، بواقع 3 اختيارات لكل فرد يحصل الأول منها على 5 نقاط ثم الثاني على 3 ونقطة وحيدة للأخير. وبالتالي فَقد محمد صلاح 14 نقطة من أصل 15 لمصر، بعدما منحه الصحافي المصري نقطة وحيدة باختياره في المركز الثالث، وعدم استفادته من العشر نقاط التي كان يفترض أن يحصل عليها من تصويت المدير الفني لمنتخب مصر، وكابتن الفريق، ولو حصل على 15 نقطة كاملة من تصويت الثلاثة له كتصنيف أول كان سيختلف نصيبه من النقاط العامة من دون تأثير على ترتيبه رابعا.
وبرّر هاني دانيال موقفه بأنه اختار محمد صلاح كأفضل لاعب في العالم العام الماضي لأنه كان يستحق باعتباره نجم الموسم الماضي، لكن هذا العام لم يختره لأنه لا يحتاج للمجاملة من الأساس، وهو في النهاية أمر تقديري بحت وليس شخصيا أو عاطفيا. واستبعد دانيال أن يكون قد تعمّد خسارة صلاح أو أن ذلك نابع عن اضطهاد ديني، لكنه أيضا لم ينف أن لاعب ليفربول تجاهله في نهائي دوري أبطال أوروبا، ورفض إجراء حوار صحافي معه، وقام بتفضيل الصحافة الأجنبية والإدلاء بتصريحات مع ممثليها.
رياضيون يخشون أن تنعكس الواقعة على مشاركة صلاح الدولية، أو يكون قراره بحذف انتمائه إلى منتخب مصر
ويخشى رياضيون أن تنعكس الواقعة على مشاركة محمد صلاح مع منتخب بلاده في الفترة المقبلة، أو يكون قراره بحذف انتمائه لمنتخب مصر، مقدمة لاعتزال اللعب دوليا، في ظل شعوره بالغبن وإمكانية أن يكون ما حدث معه في استفتاء أفضل لاعبي العالم مفتعلا للثأر منه ومعاقبته على تصرفات سابقة.
وقال عمرو الدرديري الناقد الرياضي إن الخطأ يتحمله اتحاد الكرة المصري السابق، لأنه لم يرتب الأوضاع الخاصة بالتصويت قبل استقالته من مهامه، ما تسبب في وقوع الجميع في أخطاء تسببت في التأثير على صورة صلاح عالميا.
وأضاف الدرديري لـ”العرب”، أن شعور صلاح بأنه خسر مركزا مهمّا على المستوى العالمي سوف يؤثر بشكل سلبي على مسيرته الكروية، سواء مع المنتخب أو حتى مع فريقه الإنكليزي، ما يزيد الأعباء على حسام البدري المدير الفني الجديد لمنتخب مصر، بضرورة احتواء صلاح واتخاذ خطوات فعليّة تنفي ما لديه من شعور بالاضطهاد.