فيصل بن فرحان في الدوحة: استكمال المصالحة أم وساطة مع إيران

الدوحة- أثارت زيارة مفاجئة قام بها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الإثنين إلى العاصمة القطرية الدوحة، الأسئلة بشأن هدفها وإن كانت تتعلّق باستكمال مسار المصالحة بين السعودية وقطر والذي بدأ في قمة العلا الخليجية التي احتضنتها المملكة في يناير الماضي، أم بوساطة محتملة بين الرياض وطهران تكثّف الحديث عنها خلال الأيام القليلة الماضية.
وقالت مصادر خليجية إنّ مأتى التساؤل أن زيارة الوزير السعودي جاءت غداة زيارة مماثلة قام بها وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف إلى قطر التي احتفظت بعلاقات جيدة مع إيران لم تتأثر بالتوتّرات الكبيرة التي سادت العلاقة بين طهران ومعظم عواصم المنطقة خلال السنوات الماضية بما في ذلك الرياض.
واعتبرت المصادر أن قطر مرشّحة إلى جانب العراق للقيام بالوساطة في حال قبلت الرياض بمبدأ إجراء حوار مع طهران.
سبق لإيران أن رفضت دعوات سعودية لإشراك الرياض وحلفائها الإقليميين في أي مباحثات دولية بشأن الملف النووي، لكنها أكدت مرارا استعدادها لإجراء حوار إقليمي
وذكرت وكالة الأنباء السعودية “واس” أنّ وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني استقبل نظيره السعودي في مطار الدوحة، لكنّها لم تتطرق إلى جدول أعمال الزيارة ولا مدتها.
ومن جانبها قالت وكالة الأنباء القطرية “قنا” إنّ الوزيرين القطري والسعودي بحثا في اجتماع عقداه بالدوحة “مستجدات الوضع في المنطقة ومسيرة التعاون الخليجي”.
وفي 8 مارس الماضي تلقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رسالة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز نقلها الأمير فيصل بن فرحان خلال زيارة كانت الأولى له إلى الدوحة، منذ إعلان المصالحة الخليجية.
وراجت أنباء خلال الأيام الأخيرة عن خطوات خجولة لإعادة العلاقات المقطوعة بين السعودية وقطر. وفي ظل غياب تأكيدات رسمية لذلك سجّل مراقبون وجود حراك دبلوماسي غير اعتيادي في المنطقة اعتبروه مؤشرا على وجود مساع حقيقية لإطلاق حوار بين طهران والرياض.
وبدأ وزير الخارجية الإيراني الأحد جولة في المنطقة استهلها بزيارة إلى الدوحة قبل أن يحل الإثنين في العاصمة العراقية بغداد. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في بيان إنّ جولة ظريف تأتي “في إطار تطوير العلاقات الثنائية ومتابعة المباحثات الإقليمية وما هو أوسع منها”.

سعيد خطيب زاده: ما يهم هو أن الجمهورية الإسلامية لطالما رحبت بإجراء مباحثات مع السعودية
وجاءت جولة الوزير الإيراني بعد أيام من تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية تحدث عن استضافة بغداد في التاسع من أبريل الجاري لقاء بين مسؤولين إيرانيين وسعوديين، في ما وصفته بأنه “أول مباحثات سياسية مهمة” بين البلدين منذ قطع الرياض علاقاتها مع طهران في مطلع العام 2016.
وأكد مصدر حكومي عراقي وآخر دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس حصول الاجتماع الذي أشارت الصحيفة إلى أنه سيتبع بلقاء آخر في الأيام المقبلة.
ولم تؤكد طهران أو تنفي حصول اللقاء. لكن خطيب زاده كرّر خلال مؤتمر صحافي في 19 من الشهر الجاري ترحيب بلاده بالحوار مع السعودية.
وقال “ما يهم هو أن الجمهورية الإسلامية لطالما رحبت بإجراء مباحثات مع السعودية وتعتبر أن ذلك سيكون في صالح شعبَي البلدين والسلام الإقليمي والاستقرار”، مشددا على أن المقاربة الإيرانية “لا تزال مستمرة”.
ومن جهتها لم تعلق الرياض رسميا على التقارير لكن صحيفة عرب نيوز السعودية الناطقة بالإنجليزية نقلت عن مسؤول سعودي بارز لم تسمه نفيه حصول مباحثات مع إيران في العراق.
وتعد إيران والسعودية على طرفي نقيض في معظم الملفات الإقليمية ومن أبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفا عسكريا داعما للحكومة المعترف بها دوليا، وتتهم طهران بدعم المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد أبرزها صنعاء.
وقطعت الرياض علاقاتها مع طهران في يناير 2016 إثر هجوم على سفارتها في العاصمة الإيرانية وقنصليتها في مشهد نفذه “محتجون” على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي نمر النمر.
كما تبدي الرياض قلقها من النفوذ الإقليمي لطهران، وتتهمها بالتدخل في شؤون دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان، وتتوجس من البرنامج النووي لإيران وقدراتها الصاروخية.
وتأتي التقارير عن حوار بين الطرفين في ظل مباحثات تستضيفها فيينا بين طهران والقوى الكبرى تهدف إلى البحث عن سبل لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، ورفع عقوبات فرضتها الإدارة السابقة للرئيس دونالد ترامب على الجمهورية الإسلامية بعد انسحابها أحاديا من هذا الاتفاق عام 2018.
سجل مراقبون وجود حراك دبلوماسي غير اعتيادي في المنطقة اعتبروه مؤشرا على وجود مساع حقيقية لإطلاق حوار بين طهران والرياض
وسبق لإيران أن رفضت دعوات سعودية لإشراك الرياض وحلفائها الإقليميين في أي مباحثات دولية بشأن الملف النووي، لكنها أكدت مرارا استعدادها لإجراء حوار إقليمي.
وبقيت العلاقات بين طهران والدوحة وثيقة إبان الأزمة الدبلوماسية الخليجية التي اندلعت في أعقاب قرار الرياض وعدد من العواصم العربية قطع العلاقات معها على خلفية اتهامها بالتقرب من إيران ودعم تنظيمات متطرفة في المنطقة، وهو ما نفته قطر.
ولم يخل الخطاب الدبلوماسي الذي رافق زيارة ظريف إلى الدوحة من تلميحات إلى تجاوز الزيارة الشأن الثنائي إلى الوضع الإقليمي، حيث ذكرت وكالة الأنباء القطرية أن وزير الخارجية القطري ونظيره الإيراني استعرضا “سبل خفض التوتر في المنطقة وتعزيز أمنها واستقرارها عبر الحوار”.