فيسبوك ضابط إيقاع الانتخابات الرئاسية في تونس

عدد مستخدمي الموقع الاجتماعي تضاعفوا منذ انتخابات 2014، وأغلب المستخدمين يصدقون كل شيء متداول على فيسبوك.
الاثنين 2019/08/19
فيسبوك عوض الشارع

تغيّر الواقع وتغيّر معه مكان الحملات الانتخابية، إذ لم يعد الشارع هو المكان الذي يسعى فيه السياسيون إلى حشد الأنصار وإقناع الناخبين بل أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أبرز أماكنهم.

تونس - بعد حرب اللافتات التي شهدتها الشوارع التونسية إبان الانتخابات الرئاسية عام 2014، والتي فاز فيها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي على المنصف المرزوقي، الرئيس المؤقت حينها، يبدو أن قواعد اللعبة قد تتغير وسيصبح موقع فيسبوك هو المؤثر الأول في آراء المنتخبين.

وتشهد تونس هذا العام انتخابات رئاسية هي الحادية عشرة في تاريخها والثانية بعد ثورة 14 يناير 2011، كما تشهد انتخابات تشريعية هي الرابعة عشرة في تاريخ الحياة البرلمانية بتونس والثالثة بعد الثورة.

وكان عدد مستخدمي فيسبوك عام 2014 في تونس 4 ملايين مستخدم، 89 بالمئة منهم ممن تجاوزوا 18 سنة أي ممن يحق لهم المشاركة في عمليات الانتخاب.

غير أن دراسة حديثة أعدتها مؤسسة “اتصالات”، كشفت أن عدد التونسيين الذين يستعملون فيسبوك يبلغ 7.6 ملايين شخص. ويمثل الشباب الذين أعمارهم أقل من 35 سنة، 59 بالمئة من جملة مستعملي الإنترنت.

ويعيش التونسيون على وقع الانتخابات الرئاسية رافعين شعار “الزغاريد أكثر من الكسكسي” وهو مثل شعبي يؤكد أن المجالس والشعارات والشخصيات كثيرة والإنجازات قليلة. ويصدق أغلب المستخدمين كل شيء متداول على فيسبوك، حتى أنهم صدقوا أن تسجيل فيديو يظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعزف النشيد الوطني التونسي على آلة البيانو.

ولكن في الواقع لم يعزف الرئيس الروسي النشيد التونسي بل تمّ تركيب موسيقى لعزف النشيد على الفيديو المنشور على قناة روسيا اليوم بيوتيوب وعدد من المواقع الروسية الأخرى.

ونشر الفيديو المفبرك على قناة مغمورة لا يزيد عدد مشتركيها عن المئة مشترك ليشهد مشاركة قياسية. وفضلا عن ذلك فإنّ التسجيل يعود تاريخه إلى 13 مايو 2017.

وفي الفيديو الأصلي يعزف بوتين لحن أغنيتين كلاسيكيتين من الحقبة السوفييتية قبيل دقائق من اجتماعه بنظيره الصيني شي جين بينغ في مبنى الإمبراطورية ”قصر ضيافة” في بكين.

وفي هذا السياق كتب إعلامي:

يذكر أنه على الرغم من أهمية وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في تغطية العملية الانتخابية وتحليل مخرجاتها، إلا أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي أضحى الأكثر والأبرز في تشكيل الرأي العام التونسي.

وتؤكد الدراسات أن فيسبوك أصبح يمثل مصدرا أساسيا من مصادر استقاء الأخبار لدى التونسيين. فحسب استطلاع رأي أنجزته جمعية “بر الأمان”، كان فيسبوك المصدر الرئيسي بالنسبة لـ41 في المئة من التونسيين وذلك مقابل 19 في المئة فقط بالنسبة للتلفزيون.

ويؤدي فيسبوك دورا كبيرا في صناعة الرأي العام التونسي، فضلا عن دوره في تحريك الشارع.

وقد بات إتقان استراتيجيات استغلال وسائل الإعلام الاجتماعية أمرا ضروريّا للحملات السياسية؛ بغية التأثير في الناخبين.

وفي سياق آخر، أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفّون، أن الهيئة حريصة على أن تكون الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة “نظيفة”. وأكد بفون أنه يمنع على المترشحين للرئاسة في الفترة الانتخابية التعاطي مع عمليات سبر الآراء ونتائجها، بالنشر أو التعليق والقيام بالإشهار السياسي ويمنع كذلك تخصيص رقم هاتف مجاني أو مركز نداء للترويج للمترشح الرئاسي.

فيسبوك يؤدي دورا كبيرا في صناعة الرأي العام التونسي
فيسبوك يؤدي دورا كبيرا في صناعة الرأي العام التونسي

من جهته، أوضح عضو الهيئة أنيس الجربوعي، أن الهيئة تعمل كذلك على مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مراقبة الصفحات المُموّلة على موقع فيسبوك والتي تروّج لمترشحين للرئاسة بعينهم، وذلك بهدف منع الإشهار السياسي عن طريق إرسال تنبيهات للمترشحين حتى لا يتجاوزوا القانون وإذا لم يمتثلوا فسيتعرضون لعقوبة الحرمان من النتائج.

وانطلقت في 16 يوليو 2019 الفترة الانتخابية للانتخابات التشريعية.

وينص الفصل 141 من القانون الانتخابي على أن الهيئة تتثبت من احترام الفائزين لأحكام الفترة الانتخابية وتمويلها. ويمكن أن تقرر إلغاء نتائج الفائزين إذا تبين لها أن مخالفتهم لهذه الأحكام أثرت على نتائج الانتخابات بصفة جوهرية وحاسمة وتكون قراراتها معللة.

والفترة الانتخابية أو فترة الاستفتاء، هي المدة التي تضم مرحلة ما قبل الحملة الانتخابية أو ما قبل حملة الاستفتاء، والحملة، وفترة الصمت، وبالنسبة للانتخابات الرئاسية تمتد حتى الإعلان عن النتائج النهائية للدورة الأولى.

أما الإشهار السياسي هو كلّ عمليّة إشهار أو دعاية بمقابل مادي أو مجانا تعتمد أساليب وتقنيات التسويـق التجاري، موجهة للعمـوم، وتهدف إلى الترويج لشخص أو لموقف أو لبرنامج أو لحزب سياسي، بغرض استمالة الناخبين أو التأثير في سلوكهم واختياراتهم عبر وسائـل الإعـلام السمعيّـة أو البصريّة أو المكتوبة أو الإلكترونيّة، أو عبر وسائط إشهاريّة ثابتة أو متنقلة، مركزة بالأماكن العمومية أو الخاصة.

هيئة الانتخابات تعمل على مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي
هيئة الانتخابات تعمل على مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي

وينص الفصل 54 من القانون الانتخابي على تحجير الإشهار السياسي في جميع الحالات خلال الفترة الانتخابية. وينص الفصل 55 على تحجير الإعلان عن تخصيص رقم هاتف مجاني بوسائل الإعلام أو موزع صوتي أو مركز نداء لفائدة مترشح لمنصب.

ويضمن الفصل 65 من القانون الانتخابي التونسي للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا) الحق في النفاذ إلى وسائل الاتصال السمعي والبصري لكل المجموعات السياسية خلال مرحلة ما قبل الحملة الانتخابية.

من جانبها، أعلنت جمعية “عتيد” بالشراكة مع المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية عن إعداد خطة عمل للانطلاق في مراقبة الحملة الانتخابية على وسائل التواصل الاجتماعي وبالخصوص فيسبوك وذلك لأول مرة في تونس.

19