فيسبوك تخسر جولة جديدة في محاربة الإرهاب

تحاول شركة فيسبوك الحد من انتشار المواد المتطرفة على منصتها، لكن خططها في هذا الشأن تبدو غير مجدية، فقد استخدمت الخوارزميات لإنشاء صفحات ذات عناوين مثل “أنا أحب الدولة الإسلامية”، لاستدراج المتطرفين وحذف محتواها، لكن النتائج جاءت عكسية وساعدت الإرهابيين على التواصل مع مسانديهم وتجنيدهم.
واشنطن - في مواجهة الانتقادات التي تتهم إدارة فيسبوك بالتقصير في مكافحة الخطابات المتطرفة التي تستغل منصتها الاجتماعية للوصول إلى عدد أوسع من الأفراد، تدّعي الشركة أن أنظمتها تزيل غالبية المحتويات المحظورة التي تروّج لجماعة الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة آليا وقبل الإبلاغ عنه.
لكن، تبرز شكوى أحد الذين بلغوا عن المخالفات أن منصة فيسبوك وفرت أداة فعالة للمجموعتين المتطرفتين عن غير قصد، حيث مكّنتهما من التواصل مع المستخدمين وتجنيدهم بعد أن أنشأت العشرات من الصفحات الداعمة لهما.
لم تحرز شبكة التواصل الاجتماعي تقدما مهما في حل هذه المعضلة خلال الأشهر الأربعة التي تلت تقريرا قدمته وكالة أسوشيتد برس. وأبرزت الوكالة كيفية مساعدة الصفحات التي تولدها منصة فيسبوك آليا للمتطرفين الدينيين في الشرق الأوسط والمتطرفين البيض في الولايات المتحدة.
استجوب أعضاء لجنة التجارة والعلوم والنقل في مجلس الشيوخ الأميركي الأربعاء، ممثلين عن شركات التواصل الاجتماعي، ومنهم مسؤولة محاربة التواصل بين المتطرفين في فيسبوك، مونيكا بيكيرت.
لم تتطرق بيكيرت إلى موضوع إنشاء الصفحات الآلي أثناء الجلسة، لكنها واجهت تشكيك المستجوبين في مدى فعالية جهود الشركة في التصدي للمتطرفين.
تأتي التفاصيل الجديدة من شكوى يخطط المركز الوطني للمبلغين عن المخالفات لتقديمها إلى هيئة الأوراق المالية والبورصة هذا الأسبوع. ويحدد الملف حوالي 200 صفحة تم إنشاؤها للترويج إلى الدولة الإسلامية والعشرات من الصفحات للترويج إلى تنظيم القاعدة وغيره من المجموعات المعروفة الأخرى. تحمل إحدى الصفحات التي تم إدراجها على أنها “أيديولوجيا سياسية” عنوان “أنا أحب الدولة الإسلامية”، وتحمل شعار التنظيم الإرهابي.
شكوى ضد فيسبوك بسبب تمكين جماعات متطرفة من التواصل مع مستخدمين وتجنيدهم، بعد أن أنشأت العشرات من الصفحات الداعمة لها
واستجابة لطلب التعليق من وكالة أسوشيتد برس، قال متحدث باسم فيسبوك “تكمن أولويتنا في اكتشاف المحتوى الذي ينتهك سياستنا ومحوه. لا تشبه الصفحات التي يتم إنشاؤها آليا صفحات موقعنا العادية حيث لا يمكن للأشخاص التعليق عليها أو نشرها، ونقوم بإزالة أي صفحات تنتهك سياساتنا. ورغم أننا لا نستطيع التفطن إلى كل واحدة منها، إلا أننا نفعل كل ما في وسعنا ونحاول البقاء متيقظين”.
وتشمل فيسبوك عددا من الأنظمة التي تنشئ الصفحات اعتمادا على المحتوى الذي ينشره المستخدمون. وتتطرق الشكوى إلى وظيفة تهدف إلى مساعدة الشبكات التجارية. وتسمح الخاصية بجمع معلومات من صفحات المستخدمين لإنشاء صفحات للشركات. وفي هذه الحالة، قد تساعد هذه الميزة المجموعات المتطرفة لأنها تسمح للمستخدمين بتسجيل إعجابهم على الصفحات، وتوفر بذلك قائمة من المتعاطفين مع الإرهابيين إلى المجندين.
وأكد الملف الجديد سهولة العثور على صفحات المستخدمين التي تروج للمجموعات المتطرفة من خلال البحث على أسمائها، وقد اكتشفوا صفحة لأحد قادة هجمات 11 سبتمبر، محمد عطا. تحدد الصفحة عمل الشخصية في تنظيم “القاعدة” وتعلمها في “جامعة بن لادن” و”مدرسة إرهابيي أفغانستان”.

وتحاول شركة فيسبوك الحد من انتشار المواد المتطرفة على منصتها. ففي مارس، وسعت إدارتها نطاق تعريفها للمحتوى المحظور ليشمل مواد القومية البيضاء الأميركية والدولية. وتقول إنها حظرت 200 منظمة تروج لتفوق البيض و26 مليون مشاركة تتعلق بالجماعات المتطرفة العالمية مثل داعش والقاعدة.
كما وسعت تعريفها للإرهاب ليمتد من أعمال العنف التي تهدف إلى تحقيق هدف سياسي أو أيديولوجي إلى محاولات تنظيم العمليات العنيفة التي تستهدف المدنيين لتخويفهم. ومع ذلك، لا نعلم بعد مدى فعالية تطبيق القانون، حيث تواصل الشركة مواجهة عراقيل في محاولتها الرامية لتخليص برنامجها من مؤيدي المنظمات المتطرفة المعروفة.
وكما يوضح التقرير، تتخطى الكثير من المواد الحواجز وتتسرب عبر خاصية توليد الصفحات الآلية.
وخلال شهر مايو الماضي، ألقت قصة وكالة أسوشيتد برس الضوء على مشكلة إنشاء الصفحات التلقائي، وتشير التطورات إلى عجز إدارة فيسبوك على حلها.
لكن التقرير يشير إلى حذف العديد من الصفحات المذكورة في تقرير الوكالة السابق بعد أكثر من ستة أسابيع، في 25 يونيو، أي قبل يوم من استجواب بيكيرت.
وتم الإبلاغ عن هذه المشكلة في الشكوى الأولية التي قدمها المدير التنفيذي لمركز المبلغين، جون كوستياك، الذي زعم حينها أن شركة التواصل الاجتماعي تبالغ في نجاحها في مكافحة الرسائل المتطرفة.
وقال كوستياك “تريد فيسبوك أن نصدق أن خوارزمياتها السحرية تستطيع محو كل محتوى متطرف من شبكتها. ومع ذلك، تعمل هذه الخوارزميات نفسها على إنشاء صفحات ذات عناوين مثل “أنا أحب الدولة الإسلامية”، والتي تساعد الإرهابيين على التواصل مع مسانديهم وتجنيدهم”.
وتهدف شركة فيسبوك إلى إعطاء انطباع بأنها تسبق المتطرفين بخطوة من خلال حذف منشوراتهم ومشاركاتهم، حتى قبل أن يراها المستخدمون.
وتأتي هذه الشكوى بينما تحاول شركة فيسبوك أن تتجنب مجموعة متزايدة من الانتقادات بشأن ممارسات الخصوصية المتعلقة بها وقدرتها على إبقاء خطاب الكراهية وعمليات القتل التي تبث على الهواء مباشرة والانتحار خارج خدمتها، خصوصا مع تكرار هذه الحوادث مؤخرا.
وتضع الشركة الكثير من ثقتها في الذكاء الاصطناعي وقدرة أنظمتها على التخلص من الأشياء السيئة في النهاية دون مساعدة البشر. ولكن يشير البحث الجديد إلى أن هذا الهدف ما زال بعيد المنال.