فوضى التصريحات تحرج المسؤولين وتثير جدل الشارع في ليبيا

عادت فوضى التصريحات لتحرج السلطات وتثير الجدل في الشارع الليبي، فيما تعددت التحذيرات الرسمية الموجهة لكبار المسؤولين من التورط في نشر وإذاعة أخبار زائفة أو تحاليل مجانبة للصواب أو السقوط في شباك المتحيلين ممن يقومون بتزوير الحقائق والتلاعب بالمعلومات.
ونفت حكومة الوحدة الوطنية، الأحد، التصريحات المنسوبة إلى وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي بشأن توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، مشيرة إلى أن هذه الادعاءات مجرد أخبار مضللة لا أساس لها من الصحة.
وقالت الحكومة عبر بيان نشرته على منصتها “تبيان”، إن موقفها من ملف الهجرة لم يتغير، حيث جددت ليبيا خلال منتدى الهجرة عبر المتوسط في يوليو 2024 بطرابلس رفضها القاطع لأي مشاريع تهدف إلى توطين المهاجرين، مؤكدة التزامها بالتعاون مع دول الاتحاد الأوروبي والشركاء الدوليين لمعالجة الظاهرة وفق مبادئ احترام السيادة الوطنية وحقوق الإنسان.
كما أكدت الحكومة على أهمية التعاون الجماعي في التعامل مع هذا الملف، مشددة على أن الحلول الفعالة يجب أن تشمل البحث عن أدوات تمويل مشاريع التنمية في الدول التي تعاني من تحديات اقتصادية واجتماعية خطيرة، باعتبار ذلك السبيل الأمثل لمعالجة جذور الهجرة غير الشرعية.
أوساط محلية تعتبر أن فوضى التصريحات تعود إلى اعتماد الحكومات على شخصيات ليست لها أية دراية بتقاليد الحكم
وأضافت الحكومة أن ليبيا تؤكد على أن الاعتماد على الحل الأمني فقط يعد نهجا غير كافٍ وقد يحمل مخاطر كبيرة، الأمر الذي يستدعي تبني رؤية شاملة مبنية على حقوق الإنسان التنمية المستدامة والشراكة الدولية لضمان حلول فعالة ومستدامة لهذا التحدي الإقليمي والدولي.
من جانبها، أصدرت وزارة الحكم المحلي بيانا حول تداول ما وصفتها بمعلومات مغلوطة بشأن “اجتماع الوزير مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا،” مشيرة إلى أن “بعض التقارير الإعلامية، تضمنت ادعاءات غير صحيحة تتعلق بوجود نقاش حول إدماج المهاجرين غير الشرعيين في البلديات الليبية، أو مشاريع مختلفة لـتوطين المهاجرين.”
وأكدت الوزارة التزامها بالسياسات العامة للدولة الليبية في هذا الملف، وقالت إن “موقف حكومة الوحدة الوطنية واضح وثابت برفض أي مشاريع تهدف إلى توطين المهاجرين غير الشرعيين داخل ليبيا، تحت أي مسمى أو إطار،” مشددة على أن ”الاجتماع بين الوزير ورئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة جاء في إطار التنسيق والتأكيد على أن التعاون مع المنظمة يقتصر على دعم قدرات البلديات في تنظيم وإدارة النزوح الداخلي للمواطنين الليبيين وفق الأسس القانونية الوطنية المنظمة لذلك.”
واعتبرت الوزارة “أن أي تأويل أو تحريف لمضمون الاجتماع للتأكيد على وجود اتفاق على مشاريع توطين المهاجرين هو ادعاء باطل، يهدف فقط إلى إثارة البلبلة والتشويش على الرأي العام.”
وكان وزير الحكم المحلي بحكومة الوحدة الوطنية بدر الدين التومي بحث السبت الماضي مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، نيكوليتا جيوردانو، سبل تعزيز التعاون والشراكة من خلال تنفيذ مشاريع تنموية مشتركة، وأكد خلال اللقاء، حسب المكتب الإعلامي للوزارة، على أهمية الشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة في ظل التحديات الراهنة التي تواجهها البلاد، خاصة في مجالات الهجرة.
وأوضح الوزير أن هذا الملف حساس جدًا ويلامس العديد من القطاعات، ويجب العمل عليه وفق الأطر والتنسيقات المعتمدة، لافتا إلى أن تعزيز التعاون مع المنظمة يمكن أن يسهم في تبديد مخاوف الرأي العام حول هذا الملف، ويعزز من قدرة البلديات في التعامل مع قضايا النازحين.
فوضى التصريحات باتت ظاهرة بارزة في المشهد السياسي الليبي وكثيرا ما تضع السلطات الحكومية في مواقف محرجة
واستعرضت جيوردانو من جهتها، خلال اللقاء، عرضًا مفصلًا عن الأنشطة التي نفذتها المنظمة في ليبيا خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى ضرورة تنسيق المنظمة مع الوزارة في برنامج تقديم الدعم المباشر للنازحين من خلال التعاون مع البلديات.
وقدمت، حسب المكتب الإعلامي، عدة مبادرات للعمل المشترك مع الوزارة، منها ما يتعلق بنزع السلاح وإعادة الإدماج، والحماية، وبناء قدرات البلديات في التعامل مع النازحين، موضحةً كيف يمكن لهذه البرامج أن تساهم في استقرار المجتمعات المحلية.
وبحسب أوساط محلية، فإن فوضى التصريحات باتت ظاهرة بارزة في المشهد السياسي الليبي وكثيرا ما تضع السلطات الحكومية في مواقف محرجة، وتعود أسبابها إلى غياب التنسيق بين الجهات المسؤولة، واعتماد الحكومات على شخصيات ليست لها أية دراية بتقاليد الحكم وأحكام المسؤولية.
وفي أواخر فبراير الماضي، منع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية عبد الحميد الدبيبة، المسؤولين من الإدلاء بتصريحات غير مدروسة، مؤكدًا أن أي تجاوز للاختصاصات أو خرق للوائح المنظمة سيواجه بالمساءلة القانونية، مع اتخاذ إجراءات صارمة لضمان الانضباط واحترام المسؤوليات.
وتوجه الدبيبة بانتقادات لاذعة لتصريحات وزير التعليم العالي، عمران القيب، بخصوص حرائق مدينة الأصابعة، ووصفها بـالمتسرعة وغير المستندة إلى تحقيقات نهائية، محذرا من نشر معلومات غير دقيقة قد تؤدي إلى إثارة البلبلة، معتبرا أن الوزير كان عليه التواصل مع الجهات المختصة قبل الإدلاء بتصريحاته، مشيرا إلى أنه على تواصل مستمر مع الفريق المكلف بالأزمة، والذي يضم وزير الحكم المحلي، ورئيس جهاز المباحث الجنائية، ورئيس هيئة السلامة الوطنية، ورئيس جهاز الأمن الداخلي، لضمان استكمال التحقيقات وفق الأطر القانونية والفنية.
وكان القيب صرح في وقت سابق بأن الهزات الأرضية الأخيرة في منطقة الرحيبات قد تكون سببا محتملاً للحرائق في الأصابعة، وقال “رصدنا خلال الأيام الماضية زلزالًا بقوة 3.5 درجة على مقياس ريختر وعلى عمق 5 كيلومترات تحت الأرض، وهذه الهزات تؤدي إلى تشققات في الأرض تنبعث منها غازات قابلة للاشتعال.”
وأوضح القيب أن أجهزة الرصد سجلت انتشارًا كبيرًا لغاز الميثان في مدينة الأصابعة، وهو غاز عديم اللون والرائحة وقابل للاشتعال، لكنه أوضح أن فرق البحث لم تعثر على الغاز في المنازل المحترقة، مما يرجح أنه اختفى بعد الاشتعال، مشيرًا إلى أن الأبحاث لا تزال جارية لتحليل التربة.