فوتوغرافيون من الشباب المغاربة يلتقطون لحظات هاربة بالأبيض والأسود

الرباط – أكد المغربي مهدي قطبي رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف أخيرا أن “المتاحف تظل خلال فترة العطلة والوباء هاته فضاءات للأمل”، مؤكدا أن الثقافة تبقى وسيلة فعالة “لمواجهة الوباء”.
وقال قطبي في كلمة بمناسبة افتتاح ثان بالمتحف الوطني للتصوير (فورت روتمبورغ بالرباط) لمعرض “نظرة على التصوير المغربي المعاصر”، بعد نجاح الافتتاح الأول المنظم في 27 يوليو 2021 بساحة متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، إنه “سعيد للغاية” لرؤية أبواب المتاحف “مفتوحة على نحو دائم”، في هذه الفترة الصعبة، مشيرا إلى أن الزوار “حاضرون” وملتزمون بشكل صارم بجميع التوصيات الصحية.
الفن في كل مكان تنظر إليه في المغرب من الهندسة المعمارية الجميلة والبلاط المذهل إلى فن الشارع في مدن مثل مراكش والمعارض الفنية والسلع المزخرفة اليدوية، والتصوير الفوتوغرافي هو شكل آخر من أشكال الفن الذي يقوم به المغاربة بشكل مميز، كما توضح العديد من التجارب للمصورين على غرار الراحلة ليلى علوي وأشرف بازناني وهشام بنهود ولمياء ناجي وغيرهم من الفنانين الذين سطروا تجارب فنية مميزة من خلال ما قدموه من أعمال فوتوغرافية، من تصوير البورتريهات إلى صور الطبيعة والمعمار المغربي وغيرها.
معرض "نظرة على التصوير المغربي المعاصر" يقدم صورا مختلفة المواضيع بألوان وأضواء سوداء وبيضاء من إبداع مصورين شباب
وفي معرض حديثه عن المعرض، أوضح قطبي أن هذا العمل الثقافي يتمم “ما فعلناه في متحف محمد السادس لمقتنيات الفن التشكيلي”، مضيفا أن المعرض يهدف إلى إثراء قدرات كافة زوار الرباط.
وأشار رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف إلى أن معرض “نظرة على التصوير المغربي المعاصر” يتزين بألوان وأضواء سوداء وبيضاء من إبداع مصورين شباب، وأن هذا الحدث يندرج في إطار “الرباط.. مدينة الأنوار وعاصمة المغرب الثقافية”.
ويسعى مشروع “الرباط.. مدينة الأنوار وعاصمة المغرب الثقافية” إلى جعل العاصمة المغربية قطبا للإشعاع الثقافي للمملكة، من خلال الارتقاء بالبنيات التحتية للعاصمة، وتطوير الإنارة العمومية والمرافق الإدارية والثقافية والترفيهية، ويعدّ مشروعا طموحا يحمل قيمة مضافة ستمكن الرباط من تحقيق هذا الإشعاع عبر بوابة تثمين التراث، وحماية الفضاءات الخضراء، وتحسين الولوج إلى مختلف الخدمات وتعزيز حكامة المشاريع المهيلكة التي ستساهم في ضخ دينامية جديدة وتكثيف وتيرة الأنشطة الثقافية.
كما يهدف هذا المشروع كذلك إلى صيانة الأسوار والأبواب التاريخية وتأهيل المتاحف التاريخية، وإحداث متحف للآثار وعلوم الأرض، وتأهيل المسارح ودور الثقافة وإحداث فضاءات للفنون، وتأهيل المكتبات وقاعات العروض الفنية، والانتهاء من أشغال المعهد الوطني للموسيقى وفنون الرقص.
ويشكل المعرض الفوتوغرافي الجديد فرصة للمرور بتجربة متحفية فريدة من نوعها، تجعل الزائر ينغمس بين ثنايا الهندسة المعمارية في “فورت روتيمبورغ”، مع اكتشاف معرض يقترن فيه طموح الفنانين الشباب بطموحات أسلافهم.
ويروم هذا العمل الذي يعد ثمرة تعاون بين المؤسسة الوطنية للمتاحف ووزارة الثقافة والشباب والرياضة، ويعرف مشاركة 30 فنانا شابا، تعزيز العرض الثقافي لمدينة الرباط، وذلك لإضفاء الطابع الديمقراطي على الولوج إلى الإبداع التصويري الوطني المعاصر وتعزيز تنوعه.
ومن جانبه أكد أمين المتحف الوطني للتصوير سفيان الرحوي أنه منذ أكثر من سنة انضمت هاتان المؤسستان إلى زخم التضامن الكبير الذي أطلقته المغرب بهدف التعامل مع التداعيات الاجتماعية الناجمة عن الوباء في بلادنا.
وأشار إلى أن هذا الافتتاح الثاني في المتحف الوطني للتصوير الفوتوغرافي سيشكل تظاهرة كبيرة تهدف، بفضل الأعمال المقتناة، إلى تنشيط مدينة الرباط على إيقاعات الفن والثقافة.
وبدورها، سجلت نائبة أمين المتحف الوطني للتصوير سلمى النجيمي، أن المعرض يركز على أربعة محاور، وهي “النهج المفاهيمي والتجريبي” و”السعي الذاتي” و”البورتريهات” و”الفضاء الشاعري”.
ويعتبر المغرب بلدا رائدا في مجال الفن الحديث الذي تطور في أوروبا في القرن العشرين وانتشر عبر العالم ولقي ازدهارا وإبداعا مبتكرا مع عدة فنانين مغاربة منذ الستينات، وخاصة في المجال الفوتوغرافي الذي عرف تطورا مهولا نقله إلى الصف الأمامي من أهم الفنون العالمية المعاصرة.
وساعد التقدم التكنولوجي في تطور الفن الفوتوغرافي وانتشاره، إذ تقلص زمن صناعة الصورة بشكل كبير عما كانت عليه صناعتها في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ما سمح بظهور عدة تجارب فنية لافتة في هذا المجال. كما نرى في المعرض المغربي الذي أبدع فيه المصورون الشباب في التقاط اللحظات الهاربة وتدوين الوجوه التي يعبر كل منها عن فكرة خاصة رغم أن الصور كانت بالأبيض والأسود.