فنان أردني يستوحي رؤاه من شكل الرمان

عمان – يكشف معرض الفنان هاني حوراني “فاكهة الجنة” المقام على جاليري رؤى للفنون في عمّان، عن توليفة متوازنة بين التشكيل والتصوير الفوتوغرافي والكتابة.
ولا غرابة في ذلك لأنّ اشتغالات حوراني تتوزع بين هذه الأقانيم الثلاثة من غير أن يتسيّد أحد منها على سواه. فالصورة حاضرة في أعمال حوراني، والتشكيل اللوني فيها مستقر، وكذلك الكتابة التي ترافقها والرؤى العميقة أو الرسائل التي يريد إيصالها للجمهور من وراء العمل. كل ذلك يتم من غير إقحام أو تضارب بين تلك الوسائط الإبداعية.
ويسلط حوراني الضوء على المقومات الجمالية والفنية والأسلوبية التي تفصل بين الصورة الفوتوغرافية المتعارف عليها أو التي تنحصر أهدافها في مجال التجارة والدعاية والإعلان، وبين الصورة الفنية التشكيلية، مؤكدا أن العمل الفني الفوتوغرافي لا ينسلخ عن الفن التشكيلي بمفهومه الفني الجمالي النقي حتى لو تضمن أبعادا دلالية روائية أو أدبية أو تراثية.
يُفرد حوراني المولود عام 1945 للضوء مساحة واسعة في لوحاته، حيث يخرجها من إطارها الواقعي (كونها صورا فوتوغرافية التُقطت من الواقع لتمثل مفردات الحياة الحقيقية) إلى إطار فني يجعلها تتوسط ما بين الواقع والخيال مسائلة جمال التكوين في الكون، ومقاربة تأثير الزمن ليس على الأشياء فحسب، بل على رؤيتنا لها، وهي خلال ذلك تحمل العديد من الرسائل الفكرية والفلسفية العميقة.
الصورة حاضرة في أعمال حوراني، والتشكيل اللوني فيها مستقر، وكذلك الكتابة التي ترافقها والرؤى العميقة
في المعرض الذي اختار فيه الفنان “الرمان” بوصفه “فاكهة الجنة”، تكشف كل لوحة اشتغالا على اللون والظل والضوء، حيث كل حبّة من هذه الفاكهة تتجلى وكأنها مشهد مكتمل الحضور بمفردها، تحيطها هالة من القداسة ومحاكاة حالمة للطبيعة والتي كثيرا ما تناولها حوراني في أعماله، سواء في صوره عن مدينة عمّان التي تتوزع بيوتها على الجبال فتبدو كأنها طبقات لونية متراكبة، أو في لوحاته عن مدينة القدس وبيوتها، وحتى عن أعماله المستوحاة من علب “التنك” المهملة التي تتحول بعين الفنان إلى تحف فنية لا نظير لها تُسائل الزمن وفعله الساري بلا توقف في حياة الأشياء.
وهذا ما كرّسه حوراني أيضا عبر تجوله وترحاله بين البيئات الجغرافية والثقافية والاجتماعية المتنوعة، ملتقطا في كل مدينة مشاهد فريدة، من المناظر الطبيعية إلى الطرز المعمارية إلى مكونات تتفاعل مع الطبيعة كقوارب البحر، هذا إلى جانب أعمال فنية تشكيلية تجريدية تعتمد على اللون، اقتصرت على عناصر بصرية نقية يسود فيها التعبير الغنائي المجرد أو تتسم بدلالات رمزية مكثفة للأمكنة والعلامات التراثية التي يزخر فيها المحيط والمكان الشرقي العربي من جماليات لا تنتهي.
في “فاكهة الجنة”، يستوحي حوراني رؤاه من شكل الرمان المضلّع والمصطفّ في خلايا متشابكة بإتقان وجمال وتناسق وانعكاس للضوء فوق بلورات الحبيبات، وهو ما يحيل إلى معان باطنية ترتبط بالمجتمع والثقافة وحتى السياسة، حيث تبدو الحبيات المتراصّة كأنما هي جماهير محتجّة ترفع الرايات وتطالب بحياة أفضل.