فنانة تتذكر ملاعب الصبا في بغداد من فوق دراجة هوائية

منى مرعي تحاول تغطية مآسي الطفولة بالألوان.
الجمعة 2024/11/15
فنانة تستعيد ذكرياتها الشخصية

تمنح المعارض الفردية فرصة هامة لكل فنان تشكيلي لتطوير تجربته والتعامل مع فنه كمشروع ووحدات تشكل عناصر متكاملة لا أعمالا منفصلة ومنعزلة المناخات. التراكم في عرض الأعمال يقدم للفنانين مساحة أوسع للتجريب، وهذا ما نراه ماثلا في تجربة الفنانة التشكيلية العراقية منى مرعي، التي لم تتوقف عن خلق رموزها وعوالمها وفق رؤيتها الخاصة.

يواصل المعرض الشخصي للتشكيلية العراقية منى مرعي، فعالياته في غاليري نقابة الفنانين العراقيين، تحت عنوان “باتجاه الضوء”، ويضم أكثر من خمسين عملا مختلفة القياسات، مع أربعة أعمال نحتية مختزلة. تنوعت مفرداتها في اللون والمساحة المطلقة في لوحاتها.

ويأتي هذا المعرض، الذي افتتحه نقيب الفنانين العراقيين، الدكتور جبار جودي، مساء الاثنين 11 نوفمبر الجاري، ضمن رعاية النقابة في دعم واحتضان التجارب الفنية العراقية المتنوعة، وفتح آفاق التعاون مع جميع الفنانين داخل العراق وخارجه.

في هذا المعرض تحاول الفنانة استلهام ذكريات الطفولة وملاعبها الجميلة، والبيئة البغدادية، وبعض من التقاليد الاجتماعية
في هذا المعرض تحاول الفنانة استلهام ذكريات الطفولة وملاعبها الجميلة، والبيئة البغدادية، وبعض من التقاليد الاجتماعية

تنتمي أعمال منى مرعي إلى المدرسة “التجريديَّة” التعبيريَّة، التي تحاول استعادة بعض من ذكريات طفولتها الشخصية، وهي ذكريات يشترك معها فيها العديد من المبدعين في العالم، في الرسم والأدب عموما، لأن ذكريات الطفولة لها طعم خاص، حيث بدايات بلورة الشخصية الإنسانيَّة في الحب والخير والطموح والأماني.

ترصد مرعي مرتع طفولتها، متجولة بين الأزقة والبيوت واللعب البلاستيكية والأصدقاء الذين غادروا المكان، هنا وهناك، كما أنّ تلك العوالم لا تخلو من مأساة متواصلة رافقت هذه الطفولة من ويلات الحروب اللعينة التي أحرقت الزرع والضرع.

تأتي لوحات مرعي وليدة من تجربتها الجديدة، وبحثها المتواصل في أعمالها السابقة،وقد حاولت في هذا المعرض استلهام ذكريات الطفولة وملاعبها الجميلة، والبيئة البغداديَّة، والبعض من التقاليد الاجتماعية، فيما كانت الدراجة الهوائيَّة (البايسكل) القاسم المشترك في جميع لوحاتها. بلغة التجريد والاختزال الكبير، فضلاً عن ألوانها الهادئة.

تقول مرعي “حين يحمل البوح سرّا. ويرتدي صمتا. ويبوح الكل بالكل، والبعض بالبعض. وتضيءُ الكلمات على القوافي. ويرتدي العشق ثوب الحياء. ويخيط المبدأ كساء من الرفعة. هنا تبوح ذاتي للأنا. فتشرق أخرى. لتجاور القمر. بلون ورمز، وهنا يكون بوح ملون.”

تأثرت، مرعي، فنياً، في بداية مسيرتها الفنيَّة، بحكم دراستها على أيديهم، بالفنانين: سلمان عباس، ومهين الصرّاف، ووليد شيت، ومحمد مهر الدين، فضلاً عن تأثرها وإعجابها بالفنان العالمي بيكاسو، ولكنّها حاولت أن ترسم لها هوية وأسلوباً فنياً متميزاً. حيث الخطوط المختزلة في الشخصيات والعمارة والشوارع والفضاء وغيرها.

رمزية تعبيرية جديدة ولافتة للنظر
رمزية تعبيرية جديدة ولافتة للنظر

في هذا المعرض، قدمت منى مرعي رمزية تعبيرية جديدة ولافتة للنظر فعلاً وهي وضع قطع دائرية الشكل ملونة “مستقلة” عن بعضها البعض، بصيغة 3D، على الجدار وكأنها خرز، تعبيراً رمزياً، عن خروج الألوان من صلب اللوحة الفنية نفسها، احتجاجاً على ما تضم لوحاتها من مآس إنسانية متواصلة، لا تريد هذه الألوان إلا أن تنتهي كل هذه المآسي والآلام عند الناس.

الفنانة منى يحيى مرعي، مواليد بغداد، دبلوم معهد الفنون الجميلة – رسم بغداد 1995، وهي بكالوريوس فنون تشكيلية سنة 1998، أستاذة في معهد الفنون الجميلة/بغداد، رسامة كاريكاتير لجريدة العراق 1997، كما أنها عضو في: نقابة الفنانين العراقيين، جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، جمعية المصورين العراقيين، نقابة المعلمين، والمركز العراقي البلجيكي.

أقامت مرعي معرضها الشخصي الأول “تجريد X تجريد” في وزارة التربية 2001، والثاني “بسمات بغداديَّة” في وزارة الثقافة 2011، والثالث “خفايا” في قاعة مدارات بغداد 2012، والرابع “أشباه مغايرة” في المركز العراقي – البلجيكي 2013، والخامس “ظل آخر” الأردن/عمان 2014.

 وقدمت الفنانة معرضا سادسا بعنوان “ما بعد الآخر” في قاعة حوار بغداد 2015، وآخر سابعا “نبض آخر” غاليري EXODE في بيروت 2015، بينما احتضن غاليري أرت تيديو في باريس معرضها الثامن سنة 2016، وكان تاسع معارضها في وزارة التربية بعنوان “تجريد X تجريد” عام 2000.

وواصلت الفنانة نحت تجربتها التي تطرحها في معارضها الخاصة، إذ عادت إلى بيروت عام 2017 لتقدم معرضها العاشر “أسود مضيء”، بينما احتضن المعهد الفرنسي سنة 2019 معرضها الحادي عشر “ضوء آخر”، وكان معرضها الثاني عشر بعنوان “انعتاق” في غاليري آرت هوب أبوظبي بالإمارات 2020، والثالث عشر “ضوء آخر” في دار الأوبرا المصرية القاهرة/مصر سنة 2021، والخامس عشر “أنا وأنا” في غاليري المعهد الثقافي الفرنسي 2022. وصولا إلى معرضها السادس عشر “بوح ملون” في قاعة حوار ببغداد سنة 2023. فضلاً عن مشاركاتها في العشرات من المعارض الفنيّة المشتركة داخل العراق وخارجه.

Thumbnail
14