فلول البشير تثير العنف لإرباك السلطة السودانية

الخرطوم- قرر أنصار نظام الرئيس المعزول عمر البشير وفلوله من العناصر الإسلامية النشطة تسخين أدواتهم في مواجهة السلطة الانتقالية مباشرة، واللجوء إلى ممارسة العنف، لإحداث المزيد من الإرباك في المشهد السوداني، وتوسيع الهوّة بين المكونين العسكري والمدني.
وقالت لجنة تفكيك نظام البشير واسترداد الأموال، الخميس، إنها امتلكت معلومات كافية عن نشاط أعضاء حزب المؤتمر الوطني، “للقيام بأعمال حرق ونهب وإرهاب للمواطنين العزّل يجافي نسق الاحتجاج الذي درجت قوى الثورة على تنظيمه”.
ووجهت اللجنة حكام الولايات ورؤساء لجان التفكيك فيها باتخاذ إجراءات جنائية ضد مرتكبي تلك الأعمال بواسطة النيابة العامة، بموجب قانون التفكيك ومكافحة الإرهاب.
وأعلن والي ولاية سنار بشرق السودان، الماحي محمد سليمان، الخميس، حالة الطوارئ في الولاية، وسط رصد لتحركات واسعة لفلول البشير، وطالب جميع الأجهزة الأمنية بالتأهب لتأمين الأسواق والمرافق العامة.
وجرى حثّ المواطنين على التبليغ الفوري عن أماكن تواجد أنصار البشير، وتدوين اجتماعاتهم، بعد أن رصدت أجهزة الأمن تحركات في أماكن متفرقة، تمخضت عن التخطيط لجرائم سلب ونهب وتعد على ممتلكات وأموال المواطنين.
ويشير تعمد حدوث فلتان في الأسواق بمدن مختلفة إلى الإيحاء بعلاقة ما بأزمة غلاء الأسعار والوقود والخبز والكهرباء، وتأليب المواطنين على التشكيلة الجديدة للحكومة التي أدت اليمين الدستورية، الأربعاء، بما يفيد أنها لن تستطيع مواجهة التحديات.
وتخشى دوائر سودانية أن تؤدي الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة لتوسع أعمال النهب بالسودان، في ظل اتهامات ببطء قوى الأمن للتدخل في الوقت المناسب.
واجتاحت العديد من مدن السودان فوضى أمنية عارمة، الأربعاء، شملت حالات نهب وسطو، وطالت الكثير من الأسواق والمنشآت العامة والخاصة، في إشارة إلى أن حالة السكون النسبي التي التزم بها فلول البشير لم تعد مستمرة، وما حدث من توترات سابقة في شرق السودان ودارفور، يقف خلفها هؤلاء.
وقالت الباحثة السودانية تماضر الطيب، لـ”العرب”، إن ما يحدث حاليا “يرجع جزء كبير منه لتقاعس بعض مكونات السلطة الانتقالية عن مطاردة أنصار نظام البشير، فهناك صمت وعدم ملاحقة جادة لهؤلاء”.
وأشارت مصادر إلى وجود مجموعات جاءت من خارج السودان، تحاول إحداث نوع من القلاقل، وهي طبيعة تلازم القوى الإسلامية أينما حلت، فإذا لم تتمكن من الوصول إلى السلطة تخلق توترات وتوسع انعدام الأمن، وهو ما يحدث الآن، فمحاولات إرباك الوضع الأمني لن تتوقف، وعمليات تشكيك الشعب في الحكم المدني سوف تستمر للتأكيد على أن السودان لن ينصلح حاله إلا بقيادة العسكر.

وألمحت المصادر في تصريح لـ”العرب”، إلى عدم استبعاد وجود روابط بين عودة الدفء في العلاقات بين السودان وقطر، وبين ما يحدث من عمليات تخريب، فلم يعرف السودان هذا النوع من العنف الممنهج منذ سقوط البشير، وهي إشارة مخيفة من أن يؤدي تطور العلاقات مع الدوحة لتشجيع الحركة الإسلامية على العنف.
وكشفت المصادر أن التفلتات الأمنية التي حدثت في غرب وشرق السودان غير قبلية، ومقصود منها توصيل رسالة بانعدام الأمن والعودة مرة أخرى إلى حكم العسكري، وعدم حرمان الأحزاب الإسلامية من المشاركة في المشهد السياسي.
وتم إعلان حالة الطوارئ في ولايات سنار ودارفور وشمال كردفان والقضارف، وجرت حملة اعتقالات شملت العشرات من عناصر حزب المؤتمر الوطني (المنحل) الذي حكم خلال عهد عمر البشير، ومثّل الجناح السياسي لجماعة الإخوان، ووجهت إليهم اتهامات بالقيام بأعمال تخريب والوقوف خلف الفوضى المدمرة.
وكان المؤتمر الوطني، دعا في منشور له على صفحته (فيسبوك) السودانيين للخروج إلى الشوارع لإسقاط الحكومة، “وقيادة ثورة الشعب ضد الظلم والوضع المعيشي المتردي وإسقاط حكومة الأحزاب والمحاصصات وتفويض القوات المسلحة لقيادة فترة انتقالية والتي بدأت شرارتها في ولايات البلاد، وموعدنا الأكبر ولاية الخرطوم بإذن الله”.
وأصدر عدد من لجان المقاومة في الخرطوم نداءات لمنتسبين سابقين في قوات الجيش والشرطة لحماية المدينة من السقوط، ومنع الفوضى التي تثيرها عناصر الإخوان.
واتهم حزب البعث العربي الاشتراكي بولاية جنوب دارفور، في بيان له الأربعاء، جهات سودانية، لم يسمها، داخل أجهزة الحكم، إلى تفخيخ الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتأزيمه لإعداد المسرح لردة على الثورة.
وزادت في الآونة الأخيرة التلميحات التي توجه إلى الشق العسكري بأن بعض عناصره لا تزال تتواطأ مع فلول البشير، وتربطها علاقة قوية بها، لنثر العقبات أمام تشكيل سلطة مدنية خالصة.