فلسطين تمنح "درع غسان كنفاني للرواية العربية" للكاتب المصري بهاء طاهر

وزارة الثقافة الفلسطينية تستحدث جائزة باسم الصحافي والروائي غسان كنفاني في ذكرى رحيله.
الثلاثاء 2021/07/13
كاتب أثرى المكتبة العربية بمؤلفات تنوعت بين القصة والرواية والترجمات

رام الله - أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية منح الكاتب المصري بهاء طاهر “درع غسان كنفاني للرواية العربية” تقديرا لدوره في تاريخ الرواية العربية وتطورها وأثره وإرثه الواضح في إثرائها وتطورها وتقدمها.

جاء ذلك يوم الإثنين بالتزامن مع ختام ملتقى فلسطين الرابع للرواية العربية الذي أقيم على مدى أربعة أيام بمشاركة 39 روائيا وكاتبا من 13 دولة ومن الأراضي الفلسطينية.

واستحدثت وزارة الثقافة هذا الدرع بداية من الدورة الحالية للملتقى كما استحدثت جائزة باسم الصحافي والروائي غسان كنفاني أيضا الذي ينطلق الملتقى سنويا في ذكرى رحيله في الثامن من يوليو.

وقال وزير الثقافة عاطف أبوسيف إن اختيار بهاء طاهر شخصية ملتقى فلسطين للرواية العربية ومنحه درع غسان كنفاني “هو بمثابة محبة وتحية وتقدير من فلسطين إلى روائي عربي قومي أثرى الثقافة العربية بالمعرفة وبالجمال وبالوعي”.

بهاء طاهر بمنجزه الإبداعي الروائي والأدبي أسهم في إغناء الثقافة العربية بالسرد والتراجم وغيرها من أعماله الأدبية

وأضاف أن “بهاء طاهر بمنجزه الإبداعي الروائي والأدبي أسهم في إغناء الثقافة العربية بالسرد والتراجم وغيرها من أعماله التي ساهمت ولا تزال تساهم في خلق جيل عربي غني بالثقافة والمعرفة”.

ويعد بهاء طاهر (86 عاما) أحد أبرز الكتاب المصريين الذين أثروا المكتبة العربية بمؤلفات تنوعت بين القصة والرواية والترجمات كما حصل على العديد من الجوائز وتحولت بعض رواياته إلى أعمال تلفزيونية مثل مسلسل “خالتي صفية والدير” و”واحة الغروب”.

بهاء طاهر من أولئك الذين استمسكوا بدور الفن ووظيفته كأداة من أدوات تطوير الوعي المجتمعي، فهو من هؤلاء الروائيين الذين ينحدرون من سلالة التأسيس الأول وإن انتسب إلى جيل الستينات في مصر، رغم أن أعماله القصصية والروائية من الأعمال النادرة التي استقدمت الكثير من ملامح تيار الوعي في الكتابة العربية، وقد استطاعت أن تحفر لوجوده مكانة متميزة تنامت وتبلورت عبر العديد من الأعمال الروائية والقصصية.

وفي أكثر من عمل روائي أكد طاهر أن قدرته على تطوير الوعي بدور العمل الفني كقوة مدركة ومتجددة لا تحدها آفاق، بغض النظر عن الجيل الذي ينتمي إليه، وتتبدى التقنيات المتعددة التي استخدمها الكاتب في رواياته قوة مضافة إلى ذلك الوعي المتجدد، سواء كان على مستوى التركيب الدلالي والزمني، أو على مستوى السرد وتداخل الشخوص وعلاقتها بالتاريخ.

والتاريخ في أعمال طاهر باذخ بما لا يمكن مقاومته، فهو ينتمي إلى قرية الكرنك، وهي إحدى قرى مدينة الأقصر الواقعة جنوب القاهرة بحوالي سبعمئة كيلومتر، وهي من بين أهم المناطق الأثرية في التاريخ المصري القديم، الأمر الذي جعل التاريخ منطقة أثيرة للكاتب.

بهاء طاهر يفاجئ جمهوره بروايات رائعة
بهاء طاهر يفاجئ جمهوره بروايات رائعة

وربما تعززت تلك العلاقة بالماضي أيضا، عبر الأب الأزهري المتعلم في وقت مبكر، حيث كانت تتشكل فيه التربة الممهدة لصعود الطبقة الوسطى، لكن الابن بهاء لم يكن وحيدا في عائلته؛ بل كان بين حوالي ثمانية أولاد، وهو الوحيد الذي استفاد من مكتبة والده الأزهري وقرأ منها أمهات الكتب، وربما وفر وضع الأب الوظيفي حياة ميسرة للأبناء، ومن ثمة مناخا ملائما لاستكمال المسيرة الثقافية.

وعمل طاهر في كثير من المهن المرتبطة بالكتابة والفنون فاشتغل مخرجا لبضع سنوات، وكاتبا وناقدا في الصحف، غير أن أفكاره وآراءه التي حملت الكثير من الجرأة دفعت السلطات في مصر إلى منعه من الكتابة، ما جعله يسافر للعمل مترجما في هيئة الأمم المتحدة، ويتنقل بين دول أفريقيا وآسيا، ثم يستقر في النهاية في مدينة جنيف، ويتزوج ويظل هناك حتى سنة 1995 وقت تقاعده لبلوغه سن الستين، قبل أن يعود مرة أخرى إلى مصر.

قدم طاهر إبداعات متنوعة ومهمة أبرزها مجموعة قصصية بعنوان “بالأمس حلمت بك”، ثم مجموعته المثيرة للإعجاب “أنا الملك جئت”. ولم يلبث أن بدأ في الانتقال إلى الرواية ليقدم سنة 1985 روايته الأولى “شرق النخيل”، ثم تلتها رواية “قالت ضُحى”، ثم “خالتي صفية والدير” التي تم تحويلها إلى مسلسل درامي.

وبعد بلوغه سن التقاعد فاجأ طاهر جمهور الإبداع بروايته الرائعة “الحب في المنفى” التي شكلت ذروة نضجه الإبداعي، ثم واصل تألقه في ما بعد بروايته التالية “نقطة النور”، ثم رواية “واحة الغروب”، إلى جانب مجموعته القصصية “لم أعرف أن الطواويس تطير”، وترجمته لرواية “الخيميائي” لباولو كويلهو، فضلا عن كتاب سردي بعنوان “أبناء رفاعة والحرية”.

ويولي طاهر أهمية كبيرة للرمز في أعماله الأدبية، فمع كل حكاية تروى ثمة في باطنها معنى رمزي يعكس توجهات بهاء طاهر ذاته، حيث كل حكاية ليست إلا مدخلا إلى حكاية أعمق.

14