فضيحة فساد تهز أعرق الأحزاب المصرية

بيان مفاجئ لموسى وأباظة وعبدالنور يطالب بإبعاد القيادة الحالية عن الوفد.
السبت 2024/07/13
قيادة الوفد تواجه المزيد من الناقمين

يواجه حزب الوفد، وهو أحد أعرق الأحزاب في مصر، فضيحة فساد، وسط ضغوط من داخل الوفد ومن قيادات وازنة تطالب برحيل القيادة الحالية، أو سحب الثقة منها، بعد أن أظهرت عجزا وتخبطا وسوء إدارة للحزب.

القاهرة - تسبب مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لأعضاء بحزب الوفد المصري اتفقوا فيه على صفقة بيع قطع أثرية داخل جدران الحزب في استفاقة سياسية داخل أقدم الأحزاب المصرية، ما ينذر بإمكانية الإطاحة برئيس الحزب الحالي عبدالسند يمامة، وهو في نظر الوفديين من العوامل التي جعلت الحزب يغيب عن الساحة السياسية، وتحويله من كيان له ماض عريق إلى حزب هلامي حاليا.

ودفعت الواقعة الأخيرة الرئيس الشرفي للحزب عمرو موسى، الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، ورئيسه الأسبق محمود أباظة، وسكرتيره العام منير فخري عبدالنور لإصدار بيان طالبو فيه بإصلاح شامل داخل الحزب وإبعاد القيادة الحالية، ولم يعد من الممكن قبول ما وصلت إليه الأوضاع في ظل قيادته القائمة، من سوء في الأداء السياسي، وتخبط في القرارات.

وألمحوا إلى وجود أياد خفية من خارج حزب الوفد لم يتحدثوا عنها صراحة، وهي من جاءت بالقيادة الحالية على رأس الحزب، وحمّلوها مسؤولية ما يحدث من تدهور، ما يشير إلى أن القادة الثلاثة الذين ينظر إليهم الوفديون باعتبارهم من القادرين على عبور الأزمة قد يكون لهم دور في إدارة الحزب مستقبلا.

وظهر في الفيديو المتداول قادة في حزب الوفد وهم يتفاوضون على بيع صفقة آثار مع شخص يقيم في منطقة المنصورية غرب الجيزة المجاورة للقاهرة، ويتفاوض مقدم الصفقة مع قيادي بالحزب على تفاصيل الشراء، وطلب منه الحضور بنفسه لمعاينة القطع الأثرية، لكنه طلب تصويرها وعرضها على خبير أثري.

ياسر حسان: حال استمرت القيادة الحالية فأزمات الحزب لن تنتهي
ياسر حسان: حال استمرت القيادة الحالية فأزمات الحزب لن تنتهي

ويبرهن الحراك الراهن في حزب الوفد على أن موت الأحزاب قد يفجر أزمات داخلية غير معتاد عليها في الحياة السياسية بمصر، ما يفتح الباب لتصحيح الأوضاع، بما يساهم في إلقاء حجر في المياه الحزبية الراكدة. وما يحدث داخل حزب الوفد يصعب فصله عن أجواء الممارسة السياسة مع التفرغ للخلافات والبحث عن الوصول إلى المناصب داخل الحزب كوجاهة اجتماعية وسياسية.

وقال أمين صندوق حزب الوفد ياسر حسان لـ”العرب” إن حدوث اضطرابات داخل الحزب بعد الواقعة الأخيرة هدفها إحداث تغيير ثوري داخله، وهو أمر وارد وإن كان من المتوقع أن تتصاعد ردة الفعل الغاضبة تجاه الموقف، والأقرب للحدوث هو استخدام الصلاحيات القانونية التي تتيحها لائحة الحزب للتعامل مع المتورطين في الواقعة ومحاسبة رئيس الحزب على مسؤوليته السياسية.

وأضاف حسان في تصريح لـ"العرب" أن أعضاء الهيئة العليا بالحزب سيناقشون ما تنص عليه اللائحة وإمكانية سحب الثقة من رئيس الحزب (عبدالسند يمامة)، وأن هذه الواقعة لها شق جنائي يُنظر أمام النيابة العامة، وآخر تفحصه لجنة التحقيق الداخلية التي تشكلت وستصدر قرارها بفصل الأعضاء المتورطين، والقيام بمراجعة سياسية شاملة للمشكلات الداخلية في الحزب.

وأشار حسان إلى أن الحزب يعاني مشكلات إدارية وتنظيمية ضخمة، وهناك مخالفات مالية لا بد من التوقف أمامها، وحال استمرت القيادة الحالية فأزمات الحزب لن تنتهي، والواقعة الأخيرة ناجمة عن سوء إدارة تسببت في تشويه صورة حزب الوفد.

وكلّف رئيس حزب الوفد لجنة التنظيم المركزية والشؤون القانونية بفتح تحقيق عاجل في شأن الفيديو، والتحقيق مع كل من نسب إليه أو له علاقة بهذا الفيديو، وقامت لجنة تنظيم الوفد بوقف عضوية المشاركين في المقطع المتداول، ومنعهم من دخول الحزب. ومنحت أزمة حزب الوفد فرصة لتنظيم الإخوان في الخارج لاستغلال الواقعة للتأكيد على أن ما يدور داخل الأحزاب المصرية غير بعيد عن الحكومة، وهو مؤشر على ما يدور داخل المجموعة السياسية القريبة من الأخيرة.

سكينة فؤاد: الأحزاب التي لها ثقل في حاجة إلى إعادة تنظيم صفوفها
سكينة فؤاد: الأحزاب التي لها ثقل في حاجة إلى إعادة تنظيم صفوفها

واعتبر ياسر حسان في حديثه لـ”العرب” أن الأوضاع في حزب الوفد أخذت في التغير مؤخرا، ورئيس الحزب فقد القدرة على التحكم في ما يدور داخله، وأن اجتماعات الهيئة العليا تنعقد بصورة منتظمة على غير رغبة رئيس الحزب، وجرى تمرير قرارات لتعديل أخرى قام باتخاذها سابقا من دون الالتزام بلائحة الحزب، وقد تدفع الأزمة نحو تحرك قواعد الحزب من أعضاء رافضين لما وصلت إليه الأوضاع.

وأصر عبدالسند يمامة على خوض انتخابات الرئاسة الماضية في مواجهة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رغم اعتراض واسع داخل الحزب ومحاولة ثنيه بلا فائدة، وبدا ترشحه على غير رغبة شريحة كبيرة في الوفد، وحصل على المركز الأخير من بين المرشحين الأربعة الذين خاضوا الانتخابات، ونال 800 ألف صوت بنسبة لم تتجاوز 2 في المئة، ما شكل ضربة سياسية لأحد أبرز الأحزاب التاريخية في مصر.

وذكرت الكاتبة سكينة فؤاد، وهي مستشارة سابقة بالرئاسة المصرية، أن صورة أقدم الأحزاب المصرية التي اهتزت أخيرا ليست في صالح تقوية العمل الحزبي، وجميع الأحزاب الجادة التي لها ثقل سياسي وأرضية جماهيرية في حاجة إلى إعادة تنظيم صفوفها مع تشكيل حكومة جديدة، وأن الفترة المقبلة تتطلب السماح للأحزاب بأن تتفاعل بحرية مع الجماهير وتصبح عنصراً مهما في البناء الديمقراطي الذي تنشده الدولة.

وأكدت فؤاد في تصريح لـ”العرب” أن تطوير العمل الحزبي في حاجة إلى أرضية خصبة تضمن نجاح الأحزاب في الانشغال بقضايا جماهيرية حيوية، على أن يتم السماح لها بالاختلاف والاتفاق مع الحكومة على قاعدة وطنية، وفتح آفاق الحريات بلا حدود في كافة القضايا السياسية، وألاّ تكون الساحة حكراً لحزب واحد، للتعامل مع آفات الأحزاب التي أدت إلى تراجعها عن المشهد السياسي بشكل كبير.

وعززت واقعة حزب الوفد ما تردد منذ فترة حول الخواء السياسي داخل الحزب، غير أن رئيسه عبدالسند يمامة نوّه إلى أن الواقعة فردية وخطأ شخصي، حال ثبتت صحتها، يتحمل من تورطوا فيها نتيجتها الجنائية والسياسية. ويشير ظهور الواقعة إلى النور بعد ما يقرب من عام على وقوعها يدعم فكرة المكيدة السياسية من أحد الأشخاص المأجورين على مواقع التواصل لضرب الحزب، على حد قول يمامة في تصريحات إعلامية له أخيرا.

2