فرنسا واليونان ترفضان أن يكون المتوسط ملعبا لمناورات تركيا

أثينا: الاتفاق الدفاعي مع باريس حماية من أي عدوان خارجي.
الجمعة 2021/10/08
ثقة متبادلة

صعّدت كل من فرنسا واليونان من لهجتهما التحذيرية في أعقاب توقيعهما اتفاقا دفاعيا جديدا، في رسالة جديدة إلى تركيا تؤكدان من خلالها مساعيهما للتصدي لمناوراتها في شرق المتوسط وأنهما لن تقفا مكتوفتي الأيدي إزاء الطموحات التوسعية لأنقرة في المنطقة.

أثينا - جددت فرنسا واليونان عزمهما على التصدي لمناورات تركيا في شرق المتوسط، أعقاب توقعيهما اتفاقا دفاعيا جديدا ردا على خطط أنقرة التوسعية بالمنطقة، وفي رسالة فرنسية لحلفائها الغرب أعقاب أزمة الغواصات التي خسرتها مع أستراليا مؤخرا.

وأكد كيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء اليونان الخميس، أن اتفاقا دفاعيا جديدا بين اليونان وفرنسا سيسمح لكلّ من البلدين بأن يهب لدعم الآخر في حالة تعرضه لخطر خارجي، وذلك وسط تصاعد للتوتر بين اليونان وتركيا.

ووقّع البلدان العضوان في حلف شمال الأطلسي اتفاق التعاون العسكري والدفاعي الإستراتيجي الشهر الماضي، ويشمل الاتفاق طلب شراء ثلاث فرقاطات فرنسية قيمتها حوالي ثلاثة مليارات يورو.

وسبق أن طلبت أثينا نحو 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال العام الجاري.

أنقرة تنظر للتقارب الفرنسي - اليوناني خاصة في مجال التسلح، بقلق شديد وسط توترات مع أثينا خصمها الإقليمي

ويلفت المتابعون إلى أن الشراكة العسكرية مع اليونان ليست وليدة الغضب من سطو واشنطن على صفقة الغواصات مع أستراليا، لافتين إلى أن الأمر بدا أكثر إلحاحا مع التوترات في شرق المتوسط بسبب تحركات تركيا للتنقيب عن النفط والغاز وفرضها واقعا جديدا في قبرص.

وفضلا عن التحركات الدبلوماسية، أبدت فرنسا بوضوح دعمها لليونان ونشرت سفنا حربية وطائرات مقاتلة في المنطقة.

وقال ميتسوتاكيس للنواب اليونانيين قبل تصويت برلماني الخميس، على الاتفاق “للمرة الأولى يقول نص صراحة إنه ستكون هناك مساعدة عسكرية في حالة اعتداء طرف ثالث على أي من البلدين”.

وأضاف “وكلنا نعلم من يهدد من بالحرب في البحر المتوسط” في إشارة واضحة إلى تركيا.

وكل أعضاء حلف شمال الأطلسي مطالبون بأن يهبوا لمساعدة أي دولة عضو تتعرض لعدوان. لكن التوترات المستمرة منذ العشرات من السنين بين أثينا وأنقرة تعقّدت لأن تركيا أيضا عضو في حلف شمال الأطلسي.

وتركيا واليونان على خلاف الآن بشأن السيادة على امتداد الجرف القاري لكل منهما في البحر المتوسط، مما يعطل توسعة أثينا لمياهها الإقليمية في بحر إيجة إلى 12 ميلا (19 كيلومترا).

وتقول تركيا التي تقع إلى الشرق من اليونان إن مثل هذه الخطوة من جانب أثينا ستتسبب في حرب. وتقع بعض الجزر اليونانية على مسافة أقل 12 ميلا من الساحل الغربي التركي.

وأثار اتفاق أثينا وباريس غضب أنقرة التي قالت في بيان الأول من أكتوبر إن مطالبات اليونان بتوسعة مياهها الإقليمية ومجالها الجوي تتعارض مع القانون الدولي وتزيد من عزم تركيا على حماية حقوقها في المنطقة.

وتنظر أنقرة إلى التقارب الفرنسي اليوناني خاصة في مجال التسلح، بقلق شديد وسط توترات مع أثينا الخصم الإقليمي حول أكثر من ملف وعلاقات لا تبدو جيدة مع شركاء أوروبيين وعلى وجه الدقة مع باريس التي توجه انتقادات باستمرار لممارسات النظام التركي داخل تركيا وخارجها، بداية بملف حقوق الإنسان وصولا إلى تدخلات أنقرة الخارجية في شرق المتوسط وفي العراق وليبيا والحرب الأذرية الأرمنية وهي فضاءات جيوساسية حيوية بالنسبة لباريس.

ونددت الحكومة التركية الجمعة بـ”الشراكة الإستراتيجية” الدفاعية التي تم توقيعها بين باريس وأثينا، معتبرة أنها تهدد “السلام والاستقرار الإقليمي”.

وقال تانجو بيلجيك المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية “سياسة اليونان للتسلح وعزل تركيا وإبعادها بدلا من التعاون معها سياسة تمثل إشكالية وتهدد السلام والاستقرار في المنطقة وتقوض ليس اليونان فقط بل الاتحاد الأوروبي الذي تنتمي إليه”.

فرنسا واليونان جددتا عزمهما على التصدي لمناورات تركيا في شرق المتوسط، أعقاب توقعيهما اتفاقا دفاعيا جديدا ردا على خطط أنقرة التوسعية بالمنطقة

واضطر مسؤولون فرنسيون للقول بأن الاتفاق لا يستهدف تركيا وإنه يتوافق تماما مع حلف شمال الأطلسي.

وأشار مسؤول بالرئاسة الفرنسية للصحافيين في أواخر سبتمبر الماضي، “هذا ليس اتفاقا موجها ضد تركيا أو أي طرف آخر إنه اتفاق يتماشى مع هدف اليونان وفرنسا المشترك وهو تعزيز السيادة الأوروبية بما في ذلك في شرق البحر المتوسط حيث لنا مصالح مهمة”.

وأضاف “لذلك لن نتفهم إذا بالغت تركيا في الرد على اتفاق لا يستهدفها”.

وهناك خلافات بين اليونان وتركيا حول قضايا مثل السيادة في شرق المتوسط والمجال الجوي والطاقة وقبرص المنقسمة على أساس عرقي ووضع الجزر في بحر إيجة.

وفي يناير الماضي اتفقا على استئناف المحادثات بعد توقف دام خمس سنوات في أعقاب أشهر من التوتر. ومنذ ذلك الحين، عقدت أنقرة وأثينا جولتين من المحادثات وجرت الجولة السابقة في أثينا في مارس الماضي.

وبالنسبة إلى فرنسا وتركيا فقد توسعت دائرة التوتر بينهما إلى خارج منطقة شرق المتوسط، حيث عارضت باريس التدخل العسكري التركي في إقليم قرة باغ إلى جانب أذربيجان. كما وقفت في وجه التدخل التركي في ليبيا وعارضت اتفاقية ترسيم الحدود بين أنقرة وحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا التي ترأسها فايز السراج.

5