فرنسا تشجع شركاتها للاستثمار في الصحراء المغربية

باريس تحرص على بعث إشارات إيجابية للرباط للتأكيد على رغبتها في طي ملف الخلاف السياسي بين البلدين.
الجمعة 2024/04/05
ماكرون حريص على الانخراط الجدي والمسؤول للدفع بعودة العلاقات المغربية – الفرنسية

الرباط- أعطت الحكومة الفرنسية الضوء الأخضر لشركاتها للاستثمار في الأقاليم الجنوبية للصحراء المغربية، حيث حصلت الشركتان الفرنسيتان “بي بي آي فرانس” و”بروباركو”، على موافقة وزارة الخارجية الفرنسية لتوسيع استثماراتها بالصحراء المغربية.

 وأكد لويك جايجيرت هوبر، المدير الإقليمي لشركة “إنجي شمال أفريقيا”، أن تمويل مشاريع بجهة العيون الساقية الحمراء والداخلة – وادي الذهب، يعتبر إنجازا تاريخيا”.

وأوضح المسؤول الفرنسي، في تغريدة له على منصة إكس أن تعزيز الاستثمارات من طرف الشركتين الماليتين الفرنسيتين “بي بي آي فرانس” و”بروباركو” يعد نقطة تحول حاسمة في العلاقات بين فرنسا والمغرب وستفتح عهدا جديدا من التعاون من أجل تنمية الصحراء المغربية.

ومن المقرر أن يصدر بلاغ رسمي في هذا الأمر، من طرف الوزير الفرنسي المنتدب المكلف بالتجارة الخارجية، فرانك ريستر، خلال زيارته المقبلة للمغرب، المقررة يومي 4 و5 أبريل الجاري، والتي تعد علامة أخرى على دفء العلاقات بين الرباط وباريس.

وعلق هشام معتضد الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية والإستراتيجية بأنه “رغم التريث الذي يطبع العودة التدريجية والبطيئة للعلاقات المغربية – الفرنسية إلا أن باريس تحرص على بعث إشارات إيجابية للرباط للتأكيد على رغبتها في طي ملف الخلاف السياسي بين البلدين”.

وأكد لـ”العرب” أن “تشجيع الشركات الفرنسية على الاستثمار في الأقاليم الجنوبية يواكب بداية انفراج أزمة سوء الفهم الكبير الذي طغى على العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس حول ملف الصحراء المغربية الإستراتيجي والوجودي بالنسبة إلى الشعب والدولة”.

◄ فرنسا لا زالت لم تحسم أمرها في اعتراف شامل وواضح بسيادة المغرب على صحرائه على غرار الولايات المتحدة الأميركية  التي أعلنت موقفها الواضح

وأوضح معتضد أنه “منذ الاتصال الهاتفي بين العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والاستقبال الرسمي الذي خصصه قصر الإليزيه للأميرات المغربيات بالإضافة إلى زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى المغرب وتوجيهات ماكرون الدبلوماسية الفرنسية للانخراط الجدي والمسؤول للدفع بعودة العلاقات المغربية – الفرنسية إلى مستوياتها الطبيعية والتقليدية، هناك تحول منهجي داخل مؤسسات الدولة الفرنسية يشير لاستعداد فرنسا تغيير مقاربتها السياسية بخصوص متطلبات الرباط السيادية والإستراتيجية في ملف الصحراء المغربية على وجه خاص”، لافتا إلى أن “المؤسسات الفرنسية واعية تماما أن موقفها بخصوص ملف الصحراء المغربية يجب أن ترافقه ترسانة أفعال ميدانية تستجيب لتطلعات الرباط التي لم تعد تتقبل مواقف حبيسة الخطابات السياسية والشعارات الدبلوماسية”.

ويأتي ذلك، بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه إلى الرباط، حيث أكد خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن “فرنسا ستدعم استثمارات المغرب في الصحراء، في مسعى لتحسين العلاقات بين البلدين بعد سلسلة من الأزمات الدبلوماسية”، لافتا إلى أن “المغرب استثمر الكثير في مشاريع التنمية لفائدة السكان المحليين، وذلك في مجالات التكوين والطاقات المتجددة والسياحة والاقتصاد الأزرق”، مشددا على أن بلاده “ستنخرط في تنمية أقاليم الصحراء دعما للجهود المغربية”.

وتملك غرفة التجارة والصناعة الفرنسية في المغرب مندوبيات إقليمية في الجهات الجنوبية الثلاث: العيون – الساقية الحمراء، والداخلة – وادي الذهب، التي تم افتتاحها في 2017 و2019، وفي فبراير 2024 افتتحت الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة في المغرب، رسميا، مندوبية جهوية بجهة كلميم – وادنون التي تعد بوابة الصحراء المغربية، بعد كل من العيون والداخلة، تتمة لتوسيع شبكتها من ممثلياتها الترابية بالمملكة، بحضور شخصيات رسمية مغربية وفرنسية وازنة، في إطار سعي باريس نحو العودة بعلاقاتهما الثنائية إلى سابق عهدها.

هشام معتضد: باريس تحرص على تجاوز الخلاف السياسي مع الرباط
هشام معتضد: باريس تحرص على تجاوز الخلاف السياسي مع الرباط

وتقول الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة إن الهدف هو تقريب الخدمات التي توفرها مصالح هذه المؤسسة سواء للفاعلين التنمويين أو المنخرطين في الغرفة، وتقديم معلومات وخدمات للمستثمرين وللشركات الأجنبية، فضلا عن المنخرطين المنتمين إلى الغرفة من أجل تمكينهم وربطهم مباشرة بالمناطق والأقاليم التي يمكنهم الاستثمار فيها؛ خصوصا أنها مناطق جد غنية بإمكانيات ومؤهلات استثمارية، ومشاريع هيكلية جد مهمة.

وتزامنا مع التحركات الدبلوماسية والسياسية الأخيرة سبق لدبلوماسيين وملحقين عسكريين بسفارة فرنسا بالرباط، أكتوبر الماضي، زيارة بلدية العيون بإقليم الصحراء، واجتمعوا مع رئيسها مولاي حمدي ولد الرشيد، الذي قدم “شرحا حول المؤهلات والمشاريع التنموية التي تم تشييدها، وذلك في إطار التعريف بالطفرة التي عرفتها المدينة”.

ولا زالت فرنسا لم تحسم أمرها في اعتراف شامل وواضح بسيادة المغرب على صحرائه على غرار الولايات المتحدة الأميركية  التي أعلنت موقفها الواضح، في 10 ديسمبر 2020 من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب.

وتعمل باريس على تجاوز أسباب التوتر السياسي مع المملكة الذي استمرّ لأكثر من سنتين بسبب الموقف الرمادي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه الصحراء المغربية، إلا أن الإمكانيات المهمة المتاحة للاستثمار في الأقاليم الجنوبية منها الداخلة في مجال الطاقة جعلها تدخل في عملية تقييم لموقفها بخصوص سيادة المغرب على صحرائه عن طريق عدد من المسؤولين، منهم السفير كريستوف لوكورتييه.

وقبل مبادرات الرئاسة الفرنسية في اتجاه التقارب مع الرباط، طالب 94 نائبا فرنسيا، ضمن رسالة وجهت لإيمانويل ماكرون في أغسطس الماضي، بالتوقف عن المماطلة واتخاذ موقف واضح من قضية الصحراء المغربية، نظرا إلى الانعكاسات التي يثيرها التذبذب الفرنسي من قضية الصحراء على علاقاته الإستراتيجية مع المغرب، مما دفع الرباط إلى البحث عن شركاء عسكريين أو اقتصاديين آخرين غير باريس.

4