فرنسا تدفع باتجاه السيناريو المالي في تشاد

حكم مدني - عسكري مؤقت في البلاد لتأمين الخروج من الأزمة الحالية.
الأربعاء 2021/04/28
قتلى في احتجاجات مناوئة للمجلس العسكري

دخلت تشاد بعد مقتل رئيسها إدريس ديبي على جبهات القتال الأسبوع الماضي مرحلة من عدم اليقين بعد رفض المعارضة والحركات المتمردة في البلاد تولي مجلس عسكري زمام السلطة، فيما تضغط فرنسا باتجاه تسوية سياسية عاجلة ولو كانت مؤقتة تضمن لها تأمين مصالحها وتجنب البلاد فوضى لا يمكن التكهن بتداعياتها.

نجامينا – اندلعت احتجاجات عنيفة الثلاثاء في العاصمة التشادية نجامينا، حيث خرج المحتجون إلى الشوارع للمطالبة بالعودة إلى الحكم المدني بعد سيطرة الجيش على السلطة، فيما تضغط فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، باتجاه استنساخ السيناريو المالي لتأمين خروج نجامينا من الأزمة السياسية.

وتلقي الاحتجاجات الضوء على الأجواء المشحونة في تشاد بعد وفاة ديبي، حيث يجد الانتقال العسكري صعوبة في كسب تأييد شعب ضاق ذرعا بانفراد ديبي بالسلطة على مدى 30 عاما.

وتولى المجلس العسكري السلطة بعد مقتل ديبي أثناء تفقده القوات التي تحارب المتمردين في 19 أبريل.

واعتبر بعض السياسيين المعارضين تولي الجيش للسلطة انقلابا وطلبوا من أنصارهم تنظيم احتجاجات، على الرغم من أن الجيش عين سياسيا مدنيا هو ألبرت باهيمي باداك رئيسا لحكومة انتقالية الاثنين.

إيمانويل ماكرون: أيّ محاولة لتعيين خليفة لإدريس ديبي نحن نعارضها
إيمانويل ماكرون: أيّ محاولة لتعيين خليفة لإدريس ديبي نحن نعارضها

وقال دينامو دارام رئيس حزب بلا حدود الاشتراكي “(باداك) كان رئيسا للوزراء في عهد ديبي، لن نقبل أن يقود الحكومة الانتقالية”. وأضاف “المجلس العسكري يريد استمرار النظام القديم نرفض طريقة العمل هذه”.

ورفض أيضا ياسين عبدالرحمن رئيس حزب الإصلاح المعارض تعيين باداك. وقال “ليس من حق المجلس العسكري الانتقالي تعيين رئيس وزراء بهذه الطريقة المنعزلة. نريد أن تكون هناك محادثات بين الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى من أجل التوصل إلى توافق”.

وحظر المجلس العسكري الاحتجاجات في بيان أصدره الاثنين، قائلا إنه لن يسمح بأي احتجاجات قد تؤدي إلى اضطرابات بينما لا تزال البلاد في حالة حداد.

وسبق وأن قال المجلس الذي يرأسه محمد إدريس ديبي ابن الرئيس الراحل والذي أُعلن رئيسا للبلاد، إنه سيشرف على مرحلة انتقالية مدتها 18 شهرا إلى حين إجراء انتخابات.

ويواجه المجلس العسكري ضغوطا عالمية لتسليم السلطة إلى مدنيين في أقرب وقت. وعبر الاتحاد الأفريقي عن “قلقه البالغ” إزاء تولي الجيش السلطة، في حين تسعى فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، وبعض البلدان المجاورة لتشاد إلى التوصل لحل مدني-عسكري.

ويمكن لخطوة صوب حكم مدني-عسكري مؤقت أن تتيح لتشاد سبيلا للخروج من الأزمة. ويقوم رئيس النيجر محمد بازوم والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بالوساطة نيابة عن الاتحاد الأفريقي. وأيضا يعقد ممثلون للأمم المتحدة محادثات مع كلّ من الجانبين.

وقال ساسة المعارضة وزعماء المجتمع المدني إن هناك توافقا بينهم بشأن تأييد رئيس مدني مؤقت ومعه نائب رئيس أو رئيس وزراء عسكري. ويماثل الاقتراح الفترة الانتقالية في مالي التي شهدت انقلابا في أغسطس الماضي مما أطلق دعوات دولية لتخلي الجيش عن السلطة. وقال محمد أحمد الهابو رئيس حزب الحرية والتنمية المعارض “معظمنا يؤيد التعايش بين الجيش والسياسيين والمجتمع المدني”. وأضاف “النموذج المالي… ملهم للغاية”.

ويحتاج أي اتفاق إلى تعاون المجلس العسكري. وقال المتحدث باسمه إن المجلس مستعد للدخول في مناقشات، لكنه أضاف “الجيش سيتغلب على جميع التحديات الكبيرة وسينظم انتخابات حرة وشفافة”.

وأدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء بشدة أعمال العنف التي تمارسها قوات الأمن في تشاد ضد المتظاهرين، فيما تنامت المخاوف من انزلاق البلاد في دوامة عنف واقتتال داخلي تكون تداعياته وخيمة على الاستقرار الأمني الهش في المنطقة التي أدمتها هجمات الجهاديين.

وقال ماكرون للصحافيين في قصر الإليزيه “نريد التعبير عن قلقنا حيال التطورات وندين بأشد درجات الحزم قمع المتظاهرين والعنف الذي شهدته نجامينا”. وحض ماكرون المجلس على الإيفاء بالتزامه “بانتقال سلمي وشامل سياسيا”، محذّرا من أن فرنسا تعارض أي محاولة لتعيين خليفة لديبي. وقال “لا أؤيد خطة لخلافة” ديبي.

Thumbnail

ويقول المراقبون إن ما يقلق فرنسا بالدرجة الأولى ليس وجود المعارضة المسلحة، ولكن مدى قدرة الشاب محمد إدريس ديبي (37 عاما) على ضبط الأمور بما يحفظ له خلافة والده ويحفظ لفرنسا دورها التاريخي.

ويعود مثار هذا القلق إلى أن انتقال السلطة لابن إدريس ديبي تم بشكل مفاجئ ودون استشارة واسعة لمكونات القيادة العسكرية، وفي ظل وجود شخصيات في مواقع متقدمة تبحث بدورها عن استلام السلطة.

ومن شأن محدودية القبول بالقائد الجديد داخل مؤسسة الجيش أن تدفعه إلى الانكفاء لترتيب سلطته وبناء التحالفات، ما قد يعيقه عن لعب الدور الإقليمي الذي كان يقوم به والده، خاصة في الحرب على التنظيمات المتشددة.

ويرى محللون أن أكبر مستفيد من مقتل إدريس ديبي وارتباك البيت الداخلي للسلطة الجديدة هو التنظيمات المتشددة التي تحيط بتشاد من عدة جبهات.

والنظام الجديد لا يخوض معركة مع المتمردين فحسب، بل يواجه أيضا خطرا من الداخل، إذ تفيد شائعات تسري في نجامينا منذ وفاة ديبي عن انشقاقات داخل صفوف الجيش.

وقال جنرال من قبيلة الزغاوة التي كان ينتمي إليها ديبي والتي تمسك بالجهاز الأمني، إن هناك “معسكرين” في الجيش، دون أن يكون من الممكن التثبت من ذلك من مصدر مستقل.

5