فرقة مصرية تمارس الرقص على أنغام الصمت

“فرقة الصامتين” هي فرقة مصرية للرقص المعاصر جميع أفرادها من الصم والبكم، وهي واحدة من العشرات من الفرق المماثلة التي تضم بين أعضائها أفرادا من ذوي الاحتياجات الخاصة وتمارس نشاطها على مسارح الدولة، إلاّ أن هذه الفرقة تختلف عن غيرها من الفرق الأخرى في طريقة أدائها والتوافق الحركي المتقن في عروضها الراقصة، والذي يعكس إحساسا مرهفا بالإيقاع ما جعلها واحدة من بين أهم الفرق المسرحية على ساحة العروض المسرحية في مصر.
الجمعة 2015/12/04
كل جسد يمكنه أن يرقص

اعتمد مؤسس فرقة الصامتين المصرية رضا عبدالعزيز على أساليب مختلفة في التواصل بغير لغة الإشارة مع أعضاء الفرقة، التي كان جميع أفرادها من الصم والبكم.

رضا عبدالعزيز هو مخرج ومصمم رقصات شاب تأثر بأسلوب الفنانة الألمانية الشهيرة بينا باوش، حيث تبنى فكرة التواصل مع ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم والبكم وغيرهم من الأسوياء عن طريق الرقص والأداء الحركي.

وكان عبدالعزيز قد اتجه إلى تأسيس الفرقة عندما لاحظ أن العروض المسرحية التي يقدمها الصم بلغة الإشارة الخاصة بهم لا تحقق التواصل والتفاهم الكامل بينهم وبين غيرهم، ففكر في أسلوب جديد لتحقيق هذا التواصل على طريقة الموسيقار العالمي بيتهوفن الذي ألف أروع موسيقاه بعد أن أصيب بالصمم.

واعتمد رضا عبدالعزيز في تدريب أفراد الفرقة، كما يقول: على أسلوب الاتصال العظمي، وهو أسلوب يتلخص في تحويل النغمات الموسيقية إلى ذبذبات يشعر بها الأطفال عوضا عن سماعها.

والاتصال العظمي أسلوب يعتمد أساسا النقر على الأيدي والأكتاف لتوصيل الإيقاع، وهي وسيلة سهلة ولا تحتاج إلى مجهود ذهني، وقد أثبتت تلك الطريقة نجاحها في تدريب العشرات من الأطفال من أعضاء الفرقة حتى الآن، وهم اليوم يستطيعون التمييز بين أنواع الإيقاع المختلفة بكل سهولة.

حققت فرقة الصامتين نجاحا جماهيريا وفنيا وإعلاميا كبيرا قلما حققته فرق أخرى بتجربتها الفنية الإنسانية الفريدة والمبهرة، ظهر ذلك بوضوح من خلال مشاركتها في مختلف المهرجانات الدولية والقومية، منها على سبيل المثال المهرجان الدولي السابع للرقص المسرحي الحديث على المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، ومهرجان اليوم العالمي للمعاق بالمركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة، وهي تقدم عروضها في شكل منتظم منذ خمس سنوات على مسرح دار الأوبرا المصرية.

وقدمت الفرقة مؤخرا أحدث عروضها على مسرح طلعت حرب في القاهرة، وقد شمل العرض مجموعة من الفقرات المتعددة، حيث أن الملفت في أداء الفرقة هو ذلك التناغم بين أعضائها، والأداء الحركي المتقن لأفرادها، وهو أداء يعكس مجهودا ودأبا وإيمانا صادقا بقيمة الفكرة.

أحمد وسماح وماجدة وعزة، أسماء لعدد من أعضاء الفرقة التي لا يتجاوز عددها الـ30 عضوا من الأولاد والبنات، وتتفاوت أعمارهم ما بين العاشرة والسادسة عشرة، أطفال في عمر الزهور، لا ينقصهم الذكاء، وفي عيونهم تستطيع أن تلمح إرادة التحدّي والإصرار، فحين تراهم على خشبة المسرح لا يداخلك أيّ شعور بأنهم فاقدين للسمع، فتجاوبهم مع الموسيقى بالغ الإتقان.

التواصل مع أعضاء الفرقة يتمّ عادة عن طريق مؤسسها رضا عبدالعزيز، وهو الشخص الذي يكنون له كل احترام، وهم يتجاوبون مع حديثه بلغة الإشارة معبرين عن سعادتهم للمشاركة في الفرقة، وعن رغبتهم أيضا في مواصلة هذا الطريق الذي بدأوه، خاصة أن عددا منهم صار قادرا على ابتكار الحركات والرقصات، كما أن طموحهم بلا حدود أيضا، إذ يطمح بعضهم كما أشار أحمد عزت وهو أحد أعضاء الفرقة إلى دخول مجال التمثيل السينمائي، ويرى أنه ليس من الصعب تحقيق هذا الحلم، فشخصية الأصم ليست غريبة على المجتمع، وهو الأقدر على تجسيدها إذا ما أتيحت له الفرصة.

لا يخفي مؤسس الفرقة سعادته بهذا النجاح الذي حققته الفرقة، فعلى المستوى المحلي أصبحت واحدة من الفرق المصرية الرائدة في هذا المجال، كما أنها لاقت استحسانا كبيرا من الجمهور والمتخصصين عندما قدمت عروضها في العديد من العواصم الأوروبية.

17