فاطمة.. حكاية البارود والسنابل" رؤية بانورامية للتاريخ الأردني الحديث

الرواية تقدم بموازاة الشخصيات معالم المكان، في مسح تاريخي للأحداث وانعكاساتها على الجغرافيا.
الأربعاء 2021/11/10
كتب نصوصا درامية

عمان - يتخذ الدكتور محمد عبدالكريم الزيود من مدينة الزرقاء الأردنية مسرحًا لأحداث روايته “فاطمة.. حكاية البارود والسنابل”، الصادرة حديثا والتي وُصفت من نقاد بأنها عمل يستحضر الهوية بملامحها الإنسانية والمكانية، من خلال سيرة شخصيات تظهر عبرها ملامح الهوية بكامل تفاصيلها.

ورغم حيوية الشخصية الرئيسية في الرواية “فاطمة”، ومن أحاط بها من شخصيات فرعية، فإن الزيود نبه القارئ في مستهل العمل إلى أن “أي تشابه بين شخصيات وأحداث الرواية والواقع هو من وحي الصدفة ومن خيال الكاتب”، مبينًا أن أحداث الرواية وقعت خلال الفترة الزمنية الممتدة بين منتصف الأربعينات وبداية الثمانينات من القرن العشرين.

غير أن ما سبق لم يمنع الرواية، الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 222 صفحة من القطع المتوسط، من أن تحفل بجانب وثائقي سردت فيه بالتفصيل وقائع تاريخية بعينها، مثل نكبة 1948، ودور الجيش الأردني في الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، وطائفة من الأحداث الاجتماعية والسياسية التي شهدها الأردن والمنطقة العربية خلال السنوات المذكورة.

الرواية تحفل بجانب وثائقي تسرد فيه بالتفصيل وقائع تاريخية عاشها الأردن منذ منتصف الأربعينات وبداية الثمانينات

كما أن توثيق الأحداث واكبه سرد للسير الذاتية لشخصيات لعبت أدوارا محورية في الفترة نفسها، من سياسيين وقادة عسكريين وشيوخ قبائل، أو شخصيات أثرت في البنية النفسية والاجتماعية الأردنية، كعدد من الرموز الدينية والصوفية التي مازالت حية في وجدان الناس.

وقدمت الرواية بموازاة الشخصيات معالم المكان، في مسح تاريخي للأحداث وانعكاساتها على الجغرافيا، وجاءت وصفا عاما شاملا لحي الغويرية في مدينة الزرقاء، وقرية الهاشمية التابعة للمحافظة، مثلما تنقلت في الجغرافيا لتصل إلى مناطق مجاورة مثل العالوك وصروت والحوايا وبيرين وأبوخشيبة وسيل الزرقاء وغيرها كثير، مما أسهم في دمج القارئ بجو الرواية.

وامتد السرد من القرى إلى الجبال والوديان والمدارس، فالمواسم والعادات والأدوات، وجعل للحوارات التي تبادلتها شخصيات الرواية قدرة على بيان ما كانت تموج به الأجواء من هموم وآراء وصراعات، وجسَّت في الوقت نفسه تأثر الأردنيين بأحداث المنطقة في فترة تُعدُّ من أغنى الفترات التاريخية بالأحداث.

ويذكر أن محمد عبدالكريم الزيود حاصل على درجة الدكتوراه في إدارة الأعمال، وكان عمل في القوات المسلحة الأردنية وتقاعدَ برتبة مقدم ركن، وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، ويعمل أستاذًا مساعدًا في قسم إدارة الأعمال في جامعة الزرقاء الخاصة وكتب مجموعة من النصوص الدرامية من بينها الفيلم التلفزيوني “الشهيد راشد الزيود.. قصة بطل” (2017)، والفيلم القصير “غريسا.. حكاية زمن” (2019)، وأصدر قبل هذه الرواية مجموعتين قصصيتين هما: “ضوء جديد” (2015)، و”وحيدًا كوتر ربابة” (2019).

وكما نلاحظ فإن الكتابة السينمائية التي كان للكاتب تجربة هامة فيها انعكست على هذه الرواية التي جاءت مشاهدها مشغولة بعناية وكثافة، لتصور عوالمها بدقة ودون إفراط في الوصف أو تداع للأفكار أو إغراق في لغة شاعرية بشكل مجاني، وهو ما يحسب للمؤلف في عمله الجديد، الذي يقف بين التاريخي والاجتماعي والواقع والتخييل.

13