"غيم ستوب" تقود ثورة على عمالقة وول ستريت

ارتفاع قيمة أسهم “غيم ستوب” في بورصة نيويورك لتصل إلى أرقام قياسية.
الثلاثاء 2021/02/02
لعبة الصغار في سوق الكبار

تثير قصة تأجيج مجموعة من المستثمرين الآتين من خارج الأوساط التقليدية، لقيمة أسهم شركة التجزئة “غيم ستوب” لألعاب الفيديو بوتيرة مذهلة، خلال جلسات تداول قليلة منذ بداية العام في سوق المال، حزمة من التساؤلات حول طبيعة المنافسة الجديدة، التي يواجهها عمالقة وول ستريت في سوق كانت حكرا عليهم طيلة سنوات.

نيويورك - لفتت مجموعة من صغار المستثمرين المتحمسين للرهانات المالية المحفوفة بالمخاطر الأنظار إليها في الأسابيع القليلة الماضية، بعد أن عمدت إلى مواجهة عمالقة سوق المال من خلال إتمام عمليات شراء أسهم مجموعة “غيم ستوب” لألعاب الفيديو على نطاق واسع بهدف رفع السعر.

وبما أن “غيم ستوب” بعيدة كلّ البعد عن تقديم نموذج مشرق للنمو في مرحلة يطبعها التسوّق عبر الإنترنت وعمليات التحميل الإلكتروني والألعاب عن بعد، على حساب معاملات البيع والشراء المادية، فقد صار سهم المجموعة من أكثر الأسهم المستهدفة في بورصة وول ستريت في العمليات المعروفة بـ”البيع المكشوف”.

وهذه العمليات الشائعة بالنسبة إلى صناديق الاستثمار الضخمة، تقوم على اقتراض أسهم ثم بيعها تحسبا لانخفاض أسعارها بغية إعادة شرائها لاحقا بقيمة أقل وتحقيق ربح كبير، لكن ما فعله هؤلاء المستثمرون الصغار يعني أن العالم أمام ثورة جديدة في عالم المضاربة على الأسهم في سوق المال.

وربما يعيد هذا الوضع تشكيل المنافسة في سوق المال كما فعل فايروس كورونا عندما ضاعف سباق تطوير اللقاح أرباح شركات التكنولوجيا الحيوية، في ظل احتدام التنافس بين مخابر الأدوية العالمية التي تقوم بتجارب سريرية يومية، ما رفع القيمة السوقية لهذه الشركات.

وارتفعت قيمة سهم “غيم ستوب” في بورصة نيويورك الجمعة الماضية بأكثر من 50 في المئة، ففي ظل هذا الارتفاع المفاجئ، اضطرت الصناديق التي راهنت على انخفاض قيمة السهم إلى إعادة شراء أسهم للحدّ من خسائرها.

وقد تسبب هذا الوضع بما يسمى بـ”تصفية قسرية” (شورت سكويز) إلى ارتفاع السعر، وعلى هذا الأساس ارتفعت قيمة سهم “غيم ستوب” بنسبة 18 في المئة الاثنين الماضي، ثم 93 في المئة في اليوم التالي، لتصل الأربعاء الماضي إلى 135 في المئة.

تيفاني سي لي: ما حصل يزعزع مصالح قلة من صناديق التحوط الكبيرة

ووصف الخبراء ما يحصل بـ”انتفاضة أسهم غيم ستوب الكبرى”، حيث عمّت الفوضى وانقلب المنطق رأسا على عقب وسط انتشار جائحة عالمية، في عالم منصات الرسائل على الإنترنت.

وغردت الأستاذة في القانون والمحامية في مجال التكنولوجيا مختصة بمجالات الخصوصية وحوكمة منصات التكنولوجيا تيفاني سي لي، تقول إنه “يمكن للإنترنت أن يحوّل إمكانية الوصول إلى عملية ديمقراطية مما يزعج ديناميكيات القوة بين الناس والمؤسسات التقليدية”.

وأضافت أن “الهدف هو زعزعة مصالح عدد قليل من صناديق التحوط الكبيرة، لكن في أماكن أخرى يمكن أن يكون الهدف أكثر بشاعة، حيث تُستخدم المساحات على الإنترنت لجذب الناس إلى التطرف، وللتخطيط لجرائم الكراهية والهجمات والإنترنت هنا لا يمكن اعتباره حقا الشرير أو البطل”.

وكان جيسون ويلكينسون، وهو أحد هؤلاء المستثمرين الصغار قد عمل بمجال الأسهم، لكنه تعمق في منتدى منصة “ريديت” “وول ستريت بيتس”، بعد أن فقد وظيفته في شركة تكنولوجيا بسبب الوباء، وبدأ في شراء أسهم في شركة “غيم ستوب” في نوفمبر الماضي.

ويقول ويلكينسون (30 عاما)، الذي يقيم بنيويورك، “انتقلت من 9 آلاف دولار إلى حوالي 30 ألف دولار، وقد خسرت 10 آلاف في يوم واحد. لم أبع الأسهم، لكنني سأنتظر. لقد كان أسبوعا مليئا بالعواطف”.

وكما هو الحال مع العديد من حركات المظاهرات، كان من الصعب تتبع المكان الذي بدأ فيه ما حدث مع “غيم ستوب”، رغم وجود عدد قليل من المحرضين البارزين.

وكان من بينهم رورينغ كيتي، وهي شخصية على يوتيوب من إحدى ضواحي بوسطن أصبحت عنصرا أساسيا في منتدى “ريديت”، حيث عبرت عن اهتمامها المبكر بشراء أسهم “غيم ستوب” وألهمت عددا متزايدا من المتابعين للتعمق في بياناتها المالية.

واستخدم المستثمرون على منصة “ريديت” منصة الدردشة “ديسكورد” لتحفيز بعضهم البعض لشراء الأسهم ببضع نقرات على هواتفهم الذكية. وسرعان ما وجدوا عدوا مشتركا، وهم مديرو صناديق التحوط الذين حاولوا بيع الأسهم، ولكنهم شجعوا بعضهم البعض على الاستمرار في شراء أسهم “غيم ستوب” ودفعها للأعلى.

مجموعة من صغار المستثمرين المتحمسين للرهانات عمدت إلى مواجهة عمالقة سوق المال من خلال شراء أسهم مجموعة “غيم ستوب” لألعاب الفيديو على نطاق واسع

وقال ويلكينسون إن “المنتديات هذا الأسبوع ربما صدمت الوافدين الجدد بما يحدث فيها ولقد كانت المنصة مليئة برموز وعلامات الصواريخ”.

وأوضح أن “بعض الأشخاص الموجودين في هذا الموضوع، ربما يكونون على قدم المساواة مع جامعي الأسهم في صناديق التحوط هذه، لكن الأمر هنا يدور حول كيفية معرفة من تستمع له ومن تتجاهله. هم حقا مجرد مجموعة من الأشخاص يشاركون الأفكار”.

وكانت الحركة الجماهيرية، التي نشأت قبل 11 عاما على الإنترنت تحت اسم “احتلوا وول ستيرت”، والتي تسمح لتجار الأسهم الهواة بمشاركة النصائح بمثابة صدمة لوول ستريت.

ويؤكد ألين تران المسؤول عن مجموعة تداول تطبيق “روبين هود” الشهيرة على فيسبوك، والتي تم إغلاقها مؤقتا وسط هذا الجنون إن “ما تفعله هذه المجتمعات هو بمثابة الوقوف في منطقة رمادية. عقلية المجموعة هي المكان الذي يمكن أن تصبح فيه الأمور مشوشة وفي نفس الوقت منسقة”.

وقال سينال أرال مدير مبادرة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حول الاقتصاد الرقمي، إن “جنون وسائل التواصل الاجتماعي الذي أدى إلى حدوث اضطراب سوق الأوراق المالية الأسبوع الماضي، له أوجه تشابه مع حملات التضليل التي تؤثر على الانتخابات والحركة التي أدت إلى اندلاع أعمال الشغب في الكابيتول”.

وأشار إلى أنه في جميع المواقف قد يكون من الصعب إلقاء اللوم على أحد بعينه، فهناك فرق مهم بين الرأس المدبر الذي ينسق للتلاعب والمستثمر بالتجزئة الذي يهتم وينشغل فقط بالحركة. وقال “لقد شاهدنا هذين النوعين من الأشخاص في أعمال الشغب في الكابيتول أيضا”.

10