غموض ملف التجنيس في الأردن يثير جدلا

عزز غموض ملف التجنيس في الأردن الشكوك بشأن وجود ضغوط على المملكة من أجل منح جنسيتها للآلاف من الفلسطينيين واللاجئين المتواجدين على أراضيها لإعادة توطينهم، وهو ما يعتبره الساسة الأردنيون محاولة لضرب الهوية الوطنية الأردنية.
عمان - أثار تكتم الحكومة الأردنية على ملف التجنيس وعدم نشر أسماء المجنسين الجدد في الصحيفة الرسمية للمملكة جدلا داخل الأوساط السياسية الأردنية التي ذهبت إلى اتهام حكومة بشر الخصاونة بعدم الشفافية ومخالفة القوانين المعمول بها في البلاد والمس بالهوية الوطنية.
ووجه النائب صالح العرموطي أسئلة نيابية للحكومة حول تراجع ووقف الإعلان عن أسماء الأشخاص الذين تم منحهم الجنسية الأردنية أو التنازل عنها في الصحيفة الرسمية.
وسأل العرموطي عن عدد الأشخاص الذين تم منحهم الجنسية الأردنية منذ بداية عام 2019 وحتى تاريخه، وبيان العدد لكل عام والقرارات الصادرة بهذا الشأن، وأسباب التجنيس ومقدار المبالغ التي استثمرها المجنسون والمشاريع التي أقامها كل مستثمر.
وملف التجنيس في الأردن حساس جدا، وهو يخضع للشائعات والتأويلات. ويرى الأردنيون أن بناء أي موقف سياسي من الملف لا يمكن أن يكتمل دون تحديد الأرقام، وعدم تركها للشائعات أو الاجتهادات أو الفبركة أو حتى التقديرات.
ويأتي الجدل على إثر قرار الحكومة الأردنية تعديل قانون منح الجنسية للمستثمرين، إلا أن أطرافا سياسية تعتبر أن القرار جاء للتغطية القانونية على اعتزام الحكومة الأردنية منح الجنسية للآلاف من الفلسطينيين والسودانيين واليمنيين والسوريين تحت غطاء جلب الاستثمارات وهو ما يقوض الهوية الوطنية الأردنية.
وعمق توقف الحكومة الأردنية عن نشر أسماء وأعداد المجنسين الجدد ما ذهبت إليه هذه الأطراف السياسية.
وحذّر وزير أردني سابق وكاتب صحافي من أنّ بلاده المطلوب منها “منح مليون فلسطيني” الجنسيّة الأردنيّة بموجب ترتيبات ونصوص اتفاقية صفقة القرن.
واعتبر وزير الإعلام الأسبق سميح معايطة أن الكتلة الديموغرافية المطلوبة من الأردن مرحليا لتوطينها وفورا قد تبلغ مليون مواطن فِلسطيني من الذين لا يحملون أصلا الجنسيّة الأردنيّة.

صالح العرموطي: ما سبب وقف الإعلان عن أسماء المجنسين الجدد
وشدّد المعايطة على خطورة الأمر بخصوص المساس بالهوية الوطنية الأردنية والهويّة الوطنيّة الفِلسطينيّة.
واعتبر أن هذه الخطّة خطيرة وتؤدّي إلى إلغاء اللجوء وتوطين الفلسطينيين حيثما يتواجدون وقال إن هذا الرقم المليوني ليس الوحيد الذي سيضاف إلى الرصيد الديموغرافي الأردني بل يُضاف إليه من يفقدون حق العودة من حاملي الجنسية الأردنية. ووصف المعايطة القبول بالمسألة بمثابة “انتحار سياسي أردني وفلسطيني”.
ونفت الحكومة عبر منصة “حقك تعرف” إشاعة منتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن عملية تجنيس واسعة ومنح جوازات سفر أردنية لفلسطينيين وسوريين وسودانيين ويمنيين تستهدف الهوية الوطنية.
وقالت وزارة الداخلية الأردنية “غير صحيح فليست هناك عملية تجنيس ويقتصر منح الجنسية على المستثمرين وبشروط محددة، وكانت الحكومة حددت 3 شروط لمنح الجنسية للمستثمرين الجدد، ولم يحصل على الجنسية أكثر من 18 مستثمرا، منذ صدور القرار في 2018”.
وفي وقت سابق من العام الجاري وافق مجلس الوزراء الأردني على تعديل أسس منح المستثمرين الجنسيّة الأردنيّة والإقامة عن طريق الاستثمار، بهدف تهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار الخارجي في بلد يعاني من نسبة بطالة مرتفعة وأزمة اقتصادية خانقة.
وبحسب التعديلات الجديدة، يتمّ منح الجنسيّة الأردنيّة للمستثمر عند قيامه بإيداع وديعة بقيمة مليون دولار لدى البنك المركزي الأردني دون فائدة ولمدّة ثلاث سنوات، وعدم السّحب منها خلال هذه المدّة، وشراء سندات خزينة بقيمة مليون دولار لمدّة ستّ سنوات، بفائدة يحدّدها البنك المركزي الأردني، وذلك شريطة تواجده داخل أراضي المملكة لمدّة لا تقلّ عن شهر قبل توقيع التوصية النهائيّة بمنحه الجنسيّة الأردنيّة.
كما سيتم منح الجنسية الأردنية للمستثمر عند الاستثمار من خلال شراء أسهم أو حصص في الشّركات الأردنيّة بمبلغ لا يقلّ عن مليون ونصف المليون دولار، على ألّا يتمّ التصرّف بالحصص لمدّة لا تقلّ عن ثلاث سنوات، شريطة قيام دائرة مراقبة الشّركات أو هيئة الأوراق الماليّة بوضع إشارة الحجز عليها.
ويمنح المستثمر جواز سفر أردني مؤقت لمدّة ثلاث سنوات، عند إنشاء وتسجيل مشروع أو مشاريع استثمارية في أي من القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، بإجمالي رأسمال مدفوع لا يقل عن مليون دولار داخل حدود محافظة العاصمة شريطة توفير 20 فرصة عمل حقيقية للأردنيين، ولا يقل عن 750 ألف دولار خارج حدود العاصمة شريطة توفير 10 فرص عمل حقيقية للأردنيين، عند البدء الفعلي بتشغيل المشروع.
ويعاني البلد، وهو أحد أبرز بلدان الشرق الأوسط التي تعتمد على المساعدات، من صعوبات اقتصادية متنوعة منذ سنوات أثرت على نسب النمو وانعكست على معدلات البطالة، مما يتطلب وصفة تضمن الإبقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بوصفها العمود الرئيسي لخيمة الاقتصاد.
وتراهن عمّان على القطاع الخاص من أجل جلب استثمارات خارجية ودفع عجلة التنمية ما يمكن من امتصاص العاطلين عن العمل، حيث تبحث حاليا توسيع مشاركة القطاع الخاص في تنمية الاقتصاد من أجل تخفيف هذه المشكلة المزمنة.