غسان سلامة يعترف بنجاعة سياسة "المسدس على الطاولة" الأميركية في ليبيا

رغم المخاوف من إمكانية فشل جهود ويليامز، مازالت أجواء التفاؤل مسيطرة على مسار المفاوضات الذي قد ينجح في فرض تسوية هشة.
الاثنين 2020/11/16
نجاح سياسي فشل في تحقيقه سلامة

باريس – اعترف المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة بنجاعة سياسة “المسدس على الطاولة” التي انتهجتها المبعوثة الأممية بالإنابة الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز مدعومة بتحركات السفير الأميركي في ليبيا رتشارد نورلاند.

وأبدى سلامة سعادته بنجاح سياسي فشل في تحقيقه قائلا “أنا سعيد جدا. الهيكلية التي أرسيت في برلين وجدت أخيرا طريقها إلى التطبيق”.

وجاءت تصريحات سلامة لتفرض مقارنة بين ما أنجزه خلال ثلاث سنوات تقريبا وما قامت به ستيفاني ويليامز خلال أشهر، حيث تقترب من فرض تعديلات على اتفاق الصخيرات وتشكيل سلطة تنفيذية جديدة، وهي تقريبا المهمة التي شكلت الجزء الأول من الخطة الأولى لغسان سلامة التي اقترحها غداة توليه المنصب في 2017، حيث فشلت سلسلة من المحادثات التي استضافتها تونس بين وفدي البرلمان ومجلس الدولة لتعديل اتفاق الصخيرات.

ويطرح اقتراب ويليامز من النجاح أهمية أن يكون المبعوث الأممي مدعوما بشكل جدي وقوي من إحدى الدول المؤثرة في الصراع ليتمكن من مواجهة التعنت وفرض الحل على الأطراف المحلية والإقليمية، لا أن يبقى مجرد ناقل للرسائل الفرنسية كما كان غسان سلامة.

ويعكس فشل سلامة المحسوب على فرنسا بشكل أو بآخر ضعف موقف باريس في ليبيا مقابل نفوذ الولايات المتحدة التي يبدو واضحا أنها تعرف كيف ومتى تتدخل في الصراع.

وكان تعيين ويليامز نائبًا لغسان سلامة أحد أوجه التدخل الأميركي من أجل مواجهة الطموح الفرنسي للهيمنة على ليبيا.

وغطت تحركات ويليامز منذ تعيينها نائبًا لرئيس البعثة على جهود غسان سلامة في حين لا يُستبعد أن يكون وجودها معرقلا لمساعيه إلى فرض تسوية تخدم بشكل أو بآخر تحقيق الطموحات الفرنسية.

وحتى المؤتمر الجامع الذي كان يستعد لعقده في غدامس في أبريل 2019، والذي أجهض بعد الهجوم الذي نفذه الجيش على العاصمة طرابلس، يرى كثيرون أنه كان لويليامز دور كبير فيه خاصة بعد انتقادات وجهت لتكليف مركز الحوار الإنساني المقرب من الإسلاميين بالإشراف عليه.

 ويقرّ مراقبون بأنه كان بإمكان الدول المنافسة للولايات المتحدة في ليبيا -وخاصة فرنسا وروسيا- استغلال الفترة التي كانت فيها السياسة الأميركية تشهد تشتتا -حيث كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ينتقل من ملف إلى آخر دون إستراتيجية واضحة- لفرض رؤيتها للحل.

واعتبر المراقبون أن تضييع تلك الدول للفرصة يعكس ترددا ستدفع ثمنه هي وأطراف محلية وإقليمية تسعى إلى إنهاء سطوة الإسلاميين على الحكم منذ سنوات.

بدأت المعطيات تتغير سياسيا على الأرض منذ استقالة غسان سلامة وتولي ستيفاني ويليامز مهام رئاسة البعثة الأممية
بدأت المعطيات تتغير سياسيا على الأرض منذ استقالة غسان سلامة وتولي ستيفاني ويليامز مهام رئاسة البعثة الأممية

وبدأت المعطيات تتغير سياسيا على الأرض منذ استقالة غسان سلامة وتولي ستيفاني ويليامز مهام رئاسة البعثة في مارس الماضي، حيث بدأت بانسحابات للجيش من محيط طرابلس وكامل المنطقة الغربية وصولا إلى الإعلان عن وقف إطلاق النار في أغسطس الماضي ثم استئناف المحادثات السياسية.

وتواترت الأنباء بشأن ضغوط فرضت على سلامة لإجباره على الاستقالة، وهو ما نفاه في أكثر من مناسبة مرجعا قراره إلى شعوره بـ”الإجهاد”. لكن مراقبين لا يستبعدون أن تكون استقالته مرتبطة بالضغوط التي مورست على فرنسا بشكل كبير عقب عثور ميليشيات حكومة الوفاق على صواريخ “جافلين” الأميركية التي سبق أن اشترتها فرنسا، في معسكر للجيش في مدينة غريان بعد انسحابه منها.

وتعرضت فرنسا لضغوط كبيرة -خاصة من قبل الإسلاميين- تتهمها بتقديم دعم عسكري للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، في حين ربط متابعون رفض قائد الجيش التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في موسكو الذي رعته تركيا وروسيا -أبرز حليفيْن له- بتعويله على باريس.

ونجح الثنائي الأميركي ويليامز وريتشارد نورلاند -السفير الأميركي في ليبيا- في فرض رؤية بلادهما للحل على عدد من الدول بما في ذلك مصر التي تحولت إلى مروج للخطة التي أوكل إلى القاهرة الإشراف على جزء منها في ما يتعلق بالترتيبات الأمنية في سرت والموانئ النفطية.

ورغم المخاوف المحيطة بإمكانية فشل جهود ويليامز، لاسيما التخوّف من تحركات تركية أو روسية معاكسة لجهود التسوية، مازالت أجواء التفاؤل مسيطرة على مسار المفاوضات الذي قد ينجح في فرض تسوية هشة.

ويفسر مراقبون الجولة التي قام بها السفير الأميركي في طرابلس إلى عدد من العواصم المؤثرة في الصراع الليبي، والتي شملت باريس وأنقرة وصولا إلى موسكو، بجدية المساعي الأميركية في محاولة إنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية تضمن عدم تكرار سيناريو إيقاف ضخ النفط.

1