غرامة فرنسية ثقيلة على غوغل لتسريع الاتفاق مع الناشرين

ناشرو الأخبار في فرنسا ينتقدون استغلال غوغل موقعها المهيمن في سوق محركات البحث في محاولة لتجنب تطبيق تشريع جديد حول الحقوق المجاورة.
الأربعاء 2021/07/14
الصحف تستحق الدفع مقابل أخبارها

باريس- أعلنت وكالة فرانس برس وشركة غوغل اقتراب التوصل إلى اتفاق حول الحقوق الفكرية لإنتاجها الصحافي، بالتزامن مع فرض السلطات الفرنسية على غوغل غرامة ضخمة لإخفاقها في الالتزام على نحو كامل بأوامر مؤقتة موجهة لها في نزاع مع ناشري الأخبار في فرنسا.

وقال رئيس مجلس إدارة الوكالة فابريس فريس والمدير العام لغوغل فرنسا سيبستيان ميسوف في تصريحات مشتركة الثلاثاء إن وكالة فرانس برس ومجموعة غوغل “قريبتان من الاتفاق” بشأن مسألة الحقوق المجاورة.

وأوضح فريس “تقدمت المفاوضات مع غوغل بشكل جيد ونحن قريبون من التوصل إلى اتفاق”. وأضاف “إنجاز هذا الملف سيكون له بعد ملموس على صعيد الجهود المبذولة في فرنسا لفرض بدل مادي على الحقوق المجاورة ويفتح الباب أمام شراكة عالمية ومستدامة مع غوغل”.

وأوضح ميسوف أن الاتفاق الذي يتم التفاوض بشأنه يشمل “ترخيصا عالميا لاستخدام مضامين مختلفة لوكالة فرانس برس في منتجاتنا وخدماتنا، فضلا عن تقديم بدل مادي في إطار الحقوق المجاورة للمنشورات الصحافية لوكالة فرانس برس”. وأضاف “نحن على ثقة بأننا سنتوصل إلى اتفاق سيندرج في إطار التزامنا الطويل الأمد لدى الناشرين ووكالات الأنباء في فرنسا”.

فابريس فريس: المفاوضات مع غوغل تقدمت ونحن قريبون من التوصل إلى اتفاق

وأتى هذا الإعلان فيما فرضت هيئة ضبط المنافسة الفرنسية غرامة قدرها 500 مليون يورو على غوغل لأنها لم تتفاوض “بحسن نية” مع الناشرين في المجال الصحافي حول تطبيق الحقوق المجاورة.

وكانت وكالة فرانس برس مع تحالف الصحافة الإخبارية العامة الذي يضم صحفا وطنية ومحلية ونقابة المجلات، من ضمن رافعي الشكوى إلى هيئة ضبط المنافسة الفرنسية في نهاية 2019 بتهمة استغلال غوغل لموقعها المهيمن.

وأخذت هذه الأطراف على غوغل استغلالها موقعها المهيمن في سوق محركات البحث في محاولة لتجنب تطبيق تشريع جديد حول الحقوق المجاورة. وإثر هذه الشكوى، أمرت الهيئة غوغل بالتفاوض مدة ثلاثة أشهر “بحسن نية” مع الصحافة حول مسألة الحقوق المجاورة.

ويتعين على شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة طرح اقتراحات في غضون الشهرين المقبلين بشأن كيفية تعويض وكالات الأنباء وغيرها من الناشرين عن استخدامها لأخبارهم. وإذا لم تلتزم بذلك فسوف تكون عرضة لغرامات إضافية تصل إلى 900 ألف يورو يوميا.

وعبرت غوغل عن خيبة أمل شديدة لهذا القرار. وقال متحدث باسم الشركة “تصرفنا بنية حسنة طوال العملية بأسرها. الغرامة تتجاهل جهودنا للتوصل إلى اتفاق والحقيقة بشأن كيفية عمل الأخبار على منصاتنا”. وأكد أن “هذا القرار يتعلق بشكل رئيسي بالمفاوضات التي جرت بين مايو وسبتمبر 2020. ومنذ ذلك الحين، واصلنا العمل مع الناشرين ووكالات الأنباء بحثا عن أرضية توافق”.

وفرضت هيئة ضبط المنافسة في أبريل 2020 على غوغل الدخول في مفاوضات لمدة ثلاثة أشهر مع ناشري الصحافة ووكالات الأنباء على غرار وكالة فرانس برس، حول الحقوق المجاورة. غير أن الهيئة تلقت شكوى من ناشري الصحافة وفرانس برس في سبتمبر 2020 تتهم غوغل بعدم احترام واجباتها.

واتهمت مؤسسات نشر الأخبار “إيه.بي.آي.جي” و”إس.إي.بي.إم” ووكالة الأنباء الفرنسية “إيه.إف.بي”، شركة غوغل بالتقاعس عن بدء محادثات بنية حسنة معها لإيجاد أرضية مشتركة بشأن سداد مقابل المحتوى الإخباري على الإنترنت بموجب توجيه من الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة يؤسس ما يطلق عليه “حقوق الجوار”.

وتركز القضية نفسها على ما إذا كانت غوغل انتهكت أوامر مؤقتة أصدرتها هيئة مكافحة الاحتكار التي طالبت بأن تتم المحادثات المذكورة في غضون ثلاثة أشهر مع أي ناشر أخبار يطلب ذلك.

وقالت إيزابيل دي سيلفا رئيسة هيئة مكافحة الاحتكار في بيان “إنها أعلى غرامة” تفرضها الهيئة حتى الآن لعدم احترام أحد قراراتها. وأضافت “عندما تصدر الهيئة تعهدا لشركة ما فيتعين عليها الالتزام قلبا وقالبا (بالقرار). وللأسف لم يحدث ذلك هنا”.

وتأخذ الهيئة على غوغل خصوصا أنها حاولت تركيز المفاوضات حول خدمتها الجديدة “غوغل شوكايس”، رافضة “الخوض في نقاش تحديدا” حول الحقوق المجاورة التي أقرت في مذكرة أوروبية في 2019.

هيئة ضبط المنافسة الفرنسية فرضت غرامة قدرها 500 مليون يورو على غوغل
هيئة ضبط المنافسة الفرنسية فرضت غرامة قدرها 500 مليون يورو على غوغل 

وأوضحت دو سيلفا “من جهة أخرى، حصرت غوغل دون مبرر حقل التفاوض، برفضها ضم محتويات وكالات الصحافة التي تنقلها منشورات (الصور على سبيل المثال) وباستبعادها مجمل الصحافة الإخبارية السياسية والعامة” من المفاوضات. كذلك، تأخذ الهيئة على غوغل أنها لم تزود الناشرين ووكالات الإعلام “بالمعلومات الضرورية لتقييم شفاف للبدل المالي المترتب”.

وذكرت الهيئة أن غوغل اكتفت بنقل عناصر حول “العائدات الإعلانية المباشرة المتأتية” عن خدمة محرك البحث “باستثناء مجمل العائدات ولاسيما غير المباشرة المرتبطة باستخدام هذه المحتويات”.

واستفادت فرنسا ودول أخرى من المعركة التي خاضتها أستراليا مع شركات الإنترنت غوغل وفيسبوك، والتي انتهت بتوقيع عمالقة الإنترنت اتفاقات تعاون مع الناشرين الأستراليين والمؤسسات الإعلامية الكبرى دفع بموجبها العملاقان الأميركيان مقابل الاستفادة من المحتوى الإعلامي على منصاتهما.

وجاء الاتفاق بعد معركة طويلة حاولت فيها غوغل الضغط على الحكومة الأسترالية لإثنائها عن تشريع قانون بهذا الخصوص، من خلال التلويح بسحب محركها من أستراليا، فيما قامت فيسبوك بحذف أخبار أستراليا من منصاتها، وهو الأمر الذي لم يدم طويلا حتى تم التوصل لاتفاق.

18