عُمان تضع توازناتها المالية على طريق التصحيح التدريجي

التقييمات والمؤشرات الإيجابية تعطي مسقط دافعا قويا لاستكمال سياسة هيكلة الاقتصاد.
الخميس 2021/11/04
نثابر باستمرار في بيئة الأعمال لنحسن أداءنا

وضعت سلطنة عمان تسريع وتيرة زخم إعادة هيكلة الاقتصاد هدفا لتمهيد الطريق لإحداث نقلة نوعية حتى العام 2024 وفق خطة مرحلية سيتم من خلالها وضع التوازنات المالية على طريق التصحيح التدريجي بعد أن باتت ضرورة ملحة لتنويع موارد الدخل في ظل تراجع عائدات النفط وما خلفته الأزمة الصحية من انعكاسات.

مسقط – تتسلح الحكومة العمانية باستراتيجية متوسطة المدى قوامها زيادة الاستثمار وتنويع الموارد لتثبيت استقرار التوازنات المالية عبر إصلاحات تشمل كل المؤشرات رغم التقلبات الإقليمية والعالمية التي قذفت تحديات كبيرة إلى أغلب اقتصادات المنطقة.

وأكد سعيد الصقري وزير الاقتصاد الأربعاء أن اقتصاد البلد الخليجي بدأ يتعافى بفضل المؤشرات الإيجابية المسجلة مؤخرا، والتي عكسها نمو سوق العمل خلال الأشهر الأخيرة والتقييمات الإيجابية لوكالات التصنيف الدولية.

واعتبر في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العمانية الرسمية أن الخطة الخمسية العاشرة التي تمتد حتى العام 2024 ستعمل على إعادة زخم النمو وتسريع وتيرة أنشطة الأعمال وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة.

سعيد الصقري: رفع كفاءة الإدارة المالية العامة سيساعد على تحقيق أهدافنا
سعيد الصقري: رفع كفاءة الإدارة المالية العامة سيساعد على تحقيق أهدافنا

وقال الصقري إن ذلك سيتم “من خلال تنفيذ العديد من البرامج والمبادرات والمشاريع المقترحة في إطار زمني تم تحديده من قبل وزارة الاقتصاد والجهات الحكومية المعنية”.

وأشار إلى أن رفع كفاءة الإدارة المالية العامة سيساعد على تحقيق ومعالجة الأوضاع الاقتصادية الراهنة جراء انخفاض أسعار النفط وتداعيات الجائحة.

ومن ضمن أهداف الخطة، خفض عجز الموازنة إلى 1.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2024، وكذلك رفع الإيرادات الحكومية غير النفطية إلى 35 في المئة والتي تشمل موارد ضريبة القيمة المضافة وتحفيز قدوم رؤوس الأموال الأجنبية وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وغيرها.

ومن المتوقع أن يتحسن الوضع المالي للسلطنة مع انخفاض معدلات عجز موازنة هذا العام، والذي سيبلغ نحو اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي قياسا بنحو 18 في المئة تم تسجيلها في 2020.

ومن شأن تعافي أسواق النفط، في ظل التقديرات التي تشير إلى أن متوسط سعر النفط خلال الأعوام القادمة سيبلغ أكثر من 60 دولارا للبرميل، احتواء ضغوط التمويل الخارجية بالنسبة إلى مسقط.

وأوضح الصقري أن خطة التوزان المالي تشمل 340 برنامجا من شأنها تحقيق نمو اقتصادي سنوي وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد وتعزيز محفزات سوق العمل، والذي من المتوقع أن يشهد هذا العام توظيف 32 ألف مواطن ضمن سياسة “التعمين”.

وتظهر الإحصائيات الرسمية أن نمو الناتج المحلي الإجمالي ارتفع خلال النصف الأول من هذا العام بواقع 10 في المئة قياسا بالفترة المماثلة من العام الماضي، بعد أن انكمش جراء قيود الإغلاق التي تسبب فيها تفشي وباء كورونا حول العالم.

كما أن المؤسسات المالية العالمية قامت بتحسين مؤشرات القروض السيادية للسلطنة، وهذا يدل على أن هناك تحسنا أوليا في الأداء الاقتصادية بالرغم من الأزمة الصحية.

وتسعى الخطة الخمسية العاشرة لتحقيق عدة أهداف كلية من ضمنها معدل نمو حقيقي متوسط في الناتج المحلي الإجمالي في حدود 3.5 في المئة وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار لتصل إلى حوالي 60 في المئة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الخطة تهدف إلى أن يكون هناك معدل نمو حقيقي للأنشطة غير النفطية في حدود 2.3 في المئة وزيادة معدل الاستثمار ليصل إلى حوالي 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

أهم أهداف الخطة الخمسية

● 1.7 في المئة متوسط عجز الموازنة العامة

● 35 في المئة إيرادات القطاعات غير النفطية

● 60 في المئة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد

● 3.5 في المئة معدل متوسط نمو حقيقي سنويا

ومع استمرار الحكومة في تنفيذ إجراءات تحسين الوضع المالي والاقتصادي خلال السنوات القادمة، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تحسين التصنيف الائتماني للسلطنة.

ويرى خبراء أن مسقط يمكن أن تتلمس ذلك إذا ساهمت الإصلاحات الاقتصادية في تطوير السياسات العامة وكفاءتها، مما يعني تقليل حدة الصدمات المستقبلية، بالإضافة إلى تحسين آفاق النموّ على المدى المتوسط من خلال التنويع.

ومنذ انهيار أسعار النفط في منتصف 2014 تراكمت ديون كبيرة على عُمان متجاوزة حملة لتنويع الإيرادات وعدم الاعتماد على النفط فقط وخفض الإنفاق على قطاعها العام المتضخم.

ولكن المسؤولين في البلد الخليجي بدأوا في تطبيق تدابير لإصلاح الأوضاع المالية، بما في ذلك إدخال ضريبة القيمة المضافة وقرار العمل مع صندوق النقد لتطوير استراتيجية للديون.

وتعطي الضغوط المالية التي تعاني منها عُمان بسبب الجائحة لمحة عن السيناريوهات التي اتخذتها الحكومة لترتيب الأولويات المتمثلة في اعتماد الآليات المناسبة للمواءمة بين أهداف موازنة 2021 وتحديات الوضع الراهن.

وكبقية جيرانها في منطقة الخليج تراهن مسقط على سياسة تنويع مصادر الدخل بعد أن فقدت الكثير من المداخيل نتيجة تراجع عوائد النفط، لكنّ الأمر اعتبره البعض صعبا في ظل تواصل ضبابية أوضاع الاقتصاد العالمي.

ويقول الصقري إن برنامج التوازن المالي وأثره في تحسين الوضع الاقتصادي جاء لمواجهة التحديات الناتجة عن انخفاض أسعار النفط وانهيار الإيرادات وارتفاع العجز وزيادة الدين وانخفاض التصنيف الائتماني للقروض السيادية.

وأضاف “نسعى لإعادة الثقة إلى أداء المالية العامة الذي يرتبط مباشرة بالقطاع الخاص وتحسين الأداء المالي الذي يؤدي إلى تحسين التصنيف الائتماني للقروض السيادية وتمكين الحكومة من الاقتراض لتنفيذ المشاريع الاستثمارية والتنموية”، مشيرا إلى أنه ليس هناك تناقض بين التوازن المالي والأداء الاقتصادي.

وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد عدلت الشهر الماضي نظرتها المستقبلية للاقتصاد العماني من سلبية إلى مستقرة مع التأكيد على التصنيف الائتماني السيادي عند بي.أي 3.

وعكس التحسن في النظرة المستقبلية حسبما أشار إليه خبراء الوكالة التراجع الملموس في ضغوط السيولة النقدية واحتياجات التمويل الخارجي نتيجة استمرار مسقط في تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى.

وساهم ارتفاع أسعار النفط منذ منتصف العام الماضي في تحسين الأداء المالي للبلد الخليجي، حيث من المتوقع أن ينخفض معدل الدين العام إلى نحو 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024.

11