عين الكاظمي على كتلة الريف الشعبية المنسية

بغداد - وصفت أوساط عراقية زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى مزارع وحقول خارج مدينة الكوت في محافظة واسط بأنها هروب من المدن وخاصة العاصمة بغداد، حيث يواجه ردود فعل سياسية وشعبية ضد أداء حكومته، وأنه ذهب إلى الريف بحثا عن جمهور جديد لا يطالبه بوظائف.
وقالت هذه الأوساط إن الكاظمي ترك وراءه جمهور المدن الذي حدد إلى حد كبير موقفه لصالح من سيصوت في الانتخابات لاعتبارات طائفية أو سياسية، وذهب إلى استطلاع رأي كتلة الريف المنسية في حسابات السياسيين الانتخابية، والتي قد تساهم في ترجيح كفة هذه الكتلة أو تلك.

حميد الكفائي: زيارة الكاظمي للكوت دعاية انتخابية للبقاء في المنصب
واستغل رئيس الوزراء العراقي موسم الحصاد، وسعى للظهور بمظهر المهتم والمتابع لأوضاع الزراعة في البلاد، لكن الهدف وفق مراقبين محليين كان استغلال الفرصة ليخاطب المزارعين بما يحبون سماعه عن الاهتمام بالزراعة وسوء التخطيط.
وتعد محافظة واسط حقلا واسعا من حقول المنتجات الزراعية من القمح والخضروات. وقد شهدت في ثمانينات القرن الماضي أكبر عملية استصلاح للأراضي وتوزيع شبكات الري في العراق. وتروي الكوت أراضيها من نهر دجلة حيث منسوب المياه أعلى دائما من الفرات.
ويسعى الكاظمي إلى لفت الأنظار نحو مساحات جديدة في العراق، ليقول إن البلاد لديها مستقبلها، وإن الحياة لن تتوقف في مختلف المحافظات بسبب الأزمات السياسية في بغداد ومدن أخرى تمثل الثقل الديني والطائفي.
ويهرب الكاظمي من الجدل الذي يسمم أجواء العاصمة على خلفية مؤشرات توحي بإمكانية تأجيل الانتخابات أو إعاقة إجرائها، في وقت ذكرت فيه مصادر سياسية مطلعة أن نية رئيسِ التيار الصدري مقتدى الصدر الدفعَ بالكاظمي إلى ولاية ثانية لا تزال ثابتة.
واعتبر برلماني عراقي أن خروج الكاظمي إلى هذه المساحات الجديدة كليا سيجعله القائد المطلق، حيث لا منافسة هنا من أي جهة، كما يحدث معه في بغداد والنجف وأربيل والأنبار.
واستدرك البرلماني، في تصريح لـ”العرب”، “لكن في النهاية تأتي حركة الكاظمي هذه في مقتبل صيف حار جدا يضغط على منظومة الكهرباء الوطنية ليتركها بلا حول ولا قوة”.
وأشار إلى أن رئيس الحكومة العراقية يهرب أيضا من أزمة الكهرباء وجدلها المزمن كل صيف.
وقال الباحث العراقي حميد الكفائي إن “حكومة الكاظمي تعاني من أزمات كثيرة إذ لم تتمكن من إنجاز المهام التي جيء بها من أجلها، وإن زيارة مدينة الكوت هي في الحقيقة لصرف الأنظار عن الفشل في كل الاتجاهات الذي تعاني منه حكومته في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات المطالبة بالكشف عن قتلة المحتجين، خصوصا قتلة الشهيد إيهاب جواد الوزني الذي صُدِم العراقيون باغتياله في كربلاء المقدسة”.

إبراهيم الحبيب: هل الكاظمي يريد أن يذر الرماد في العيون للإيهام بتقدم الزراعة
وأضاف الكفائي، في تصريح لـ”العرب”، “لا بأس أن يطّلع رئيس الوزراء على حقول الدواجن وحقول الحنطة في الظروف الطبيعية، ولكن يجب عليه أن يحل المشكلة الأمنية أولا، ويحاسب القتلة والمجرمين ويقضي على الفساد ويعالج أزمة كورونا التي تفتك بالعراقيين ويحاول إيجاد حلول للبطالة التي تضاعفت مرات عديدة بسبب جائحة كورونا”.
واعتبر الباحث العراقي، الذي سبق أن شغل منصب الناطق الرسمي باسم مجلس الحكم المنحل عام 2003، أن “الكاظمي أعلن أنه لا يسعى للاشتراك في الانتخابات المقبلة ولكن هذه الزيارة تبدو لي كأنها دعاية انتخابية للبقاء في المنصب رغم أنه لم يحقق أي هدف جاءت حكومته لتنفيذه، خصوصا محاسبة القتلة والفاسدين”.
وتساءل “ماذا سيقول؟ إنه أعلن عن موعد لإجراء انتخابات (مبكرة)، قبل ستة أشهر من الموعد المحدد، ولكن كيف تُجرى هذه الانتخابات والميليشيات تغتال الناشطين والمحتجين والمرشحين؟ كيف يطمئن الناس إلى التصويت للقوى البديلة إن كان المسلحون يسرحون ويمرحون دون وازع أو رادع؟”.
وخلص الكفائي إلى أن “مثل هذه الانتخابات سوف تكرس عودة القوى المسلحة الحالية إلى البرلمان، وهذه القوى هي نفسها التي قتلت المحتجين وسرقت المال العام وزورت الانتخابات السابقة، وهي نفسها التي أتت بحكومة الكاظمي إلى السلطة”.
ومن جانبه اعتبر إبراهيم الحبيب، رئيس النادي العراقي في بريطانيا، أن زيارة الكاظمي لمزارع الكوت ملفتة في توقيتها لكونها تتزامن مع عمليات حرق طالت مزارع وحقولا في المدن العراقية.
وقال الحبيب، في تصريح لـ”العرب”، “علينا أن نجري مقارنة بين ما يحصل للزراعة وما منيت به من تخلف وانخفاض في مستويات الإنتاج، وحاجة الفلاحين في كل مكان في العراق إلى مياه السقي وافتقاد الفلاح للدعم المالي والفني والتسويق، والدليل على ذلك اختناق أسواقنا المحلية بالمنتجات الزراعية الأجنبية. ألم تكن نداءات الفلاحين ومطالباتهم بحماية الإنتاج الزراعي الوطني واضحة للعيان؟”.
وتساءل “أليس من حق الفلاحين الذين تعرضت مزارعهم للحرق والتدمير، أو الذين يعانون من شحة مياه السقي، فضلاً عن احتياجهم إلى الدعم المادي والفني، أن يستبشروا خيرا بزيارة السيد رئيس الوزراء؟”.
وأضاف “هل يريد الكاظمي أن يذر الرماد في عيوننا ليوهمنا بأن الزراعة تقدمت وازدهرت في ظل إدارة حكومته؟”.