عيد الإضحى عبء مضاف على أزمات التونسيين المعيشية

تزايدت شكاوى التونسيين من ارتفاع أسعار قطعان الماشية مع اقتراب عيد الأضحى في ظل وضع اقتصادي متدهور تسبب في انهيار القدرة الشرائية لعديد الأسر إضافة إلى انعكاسات الوباء على قطاع تربية الماشية وإشكاليات إدارية أخرى تتعلق بسياسة الدولة والتي زادت حدتها استقالة الحكومة ما ضاعف تخبط التونسيين في مربع الأزمات المعيشية.
تونس- دفع التونسيون مجددا ضريبة سوء إدارة السلطات للشأن الاقتصادي وإغراق البلاد في المناكفات السياسية التي انتهت باستقالة الحكومة وما انجر عن ذلك من صرف الأنظار نحو الوضع السياسي على حساب الوضع المعيشي والاقتصادي الذي يقترب من حافة الانهيار خصوصا مع اقتراب عيد الأضحى الذي يزيد من اختناق التونسيين لمحدودية قدرتهم على تلبية حاجياتهم.
وتسود في الساحة السياسية حالة من الغموض عمقتها استقالة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ مؤخرا بعد إدانته بتضارب المصالح في علاقة بملكيته لشركة تتعامل مع الدولة وتعويضه إثر ذلك بوزير الداخلية هشام المشيشي لتكوين حكومة جديدة.
ويصف عديد التونسيين أوضاعهم بقولهم أنهم أصبحوا في شبه قطيعة مع الدولة التي أضحت غائبة وغير ملتزمة بتعهداتها والتزاماتها أمام المواطنين خصوصا في المناسبات المهمة في حياة الأسر مثل عيد الأضحى.
وتشهد الأضاحي ارتفاعا ملحوظا في أسعارها ما جعل المواطنين عاجزين عن شرائها الأمر الذي يعود إلى فشل الأجهزة الحكومية المختصة في ضبط توازن السوق وضمان أولويات المرحلة اقتصاديا واجتماعيا.
وقال منور الصغيري مدير مكلف بالإنتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لـ”العرب” إن “الأسعار المتداولة في السوق تتراوح بين 450 دينارا للرأس و650 دينارا لدى غالبية الخرفان المعروضة مع وجود بعض الاستثناءات والتي يعتبر الشكل العنصر المحدد فيها”.
وأوضح أن “ارتفاع كلفة الإنتاج ناجم عن الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف وأيضا الصعوبات المسجلة في ترويج المنتج خلال فصل الربيع إلى جانب نقص المتابعة الصحية لتنفيذ برنامج التلاقيح البيطرية تسببت في خسائر كبيرة للمربين”.
وشهد ترويج الخرفان تراجعا خلال فترة الربيع، التي تعد فترة ذروة الاستهلاك، وذلك لتزامن هذا الموسم مع الحجر الصحي الشامل حيث أغلقت أسواق الدواب والمطاعم والمشاوي والمبيتات وغيرها.
كما أضاف أن “التلاقيح المخصصة لمرض الحمى المالطية لا يزال أكثر من نحو 50 في المئة منها لدى الصيدلية المركزية ولم يتم رفعه من قبل “المندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية” الأمر الذي تسبب في تفشي هذا المرض في القطيع وإجهاض لدى الإناث الحوامل وبالتالي نقص في كمية الإنتاج الحيواني”.
وطالب مدير مكلف بالإنتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري الإسراع بإحداث صندوق للصحة الحيوانية لحل مشاكل الصحة الحيوانية بهدف الرفع من الإنتاجية والحد من الخسائر وتوفير أغذية سليمة وفتح باب التصدير أمام الإنتاج الحيواني”.
وأضاف “لقد حافظنا على الأسعار المرجعية للعام الماضي وأدعو المستهلكين إلى اقتناء أضاحي العيد من النقاط المنظمة حيث يعتمد البيع بالميزان وتفادي المساحات المفتوحة حيث يتواجد عدد كبير من البائعين غير المنظمين أين تغلب المضاربة في الأسعار”.
ورغم محاولات المنظمة تنظيم قطاع تربية وبيع الماشية لا يزال عديد المربين يضاربون في الأسعار مستغلين قصور يد السلطات على ردع عمليات المضاربة خصوصا في ظل نقص المنتجات الحيوانية جراء الأمراض التي فتكت بالقطعان وعوامل المناخ ونقص الترويج.
وفسر القيادي في المنظمة الزراعية في هذا السياق أن “العوامل المناخية والنقص المسجل في الأمطار تسبب في نقص الإنتاج من الأعلاف التي ارتفعت أسعارها بين 30 و40 في المئة مقارنة بالموسم الماضي”.
وحسب مجموعة البيانات التي تحصلت عليها الـعرب فإن العرض المتوفر هذا العام يعدّ كافيا لتلبية الحاجيات الوطنية والمقدرة بحوالي 950 ألف رأس. ويقتصر الإنتاج المتوفر هذا العام على المنتج المحلي نظرا لغلق الحدود مع الجزائر وليبيا بسبب الحجر الصحي.
وتشير التوقعات إلى إمكانية تسجيل عزوف عن اقتناء الخرفان هذا العيد نظرا لتدهور القدرة الشرائية للمواطنين جراء كورونا وفقدان عديد الوظائف لعديد الأسر وتزامن هذه الفترة مع فصل الصيف الذي يتميز بارتفاع النفقات إلى جانب تراجع القطاع السياحي وتراجع عدد التونسيين العائدين من الخارج لقضاء عطلة الصيف.
الأسعار المتداولة في السوق تتراوح بين 450 دينارا للرأس و650 دينارا لدى غالبية الخرفان المعروضة مع وجود بعض الاستثناءات والتي يعتبر الشكل العنصر المحدد فيها
وعبر الصغيري عن مخاوفه من تراجع الطلب على الأضاحي خلال عيد الأضحى 2020 نظرا للوضع الاقتصادي والاجتماعي الحساس وفي هذا السياق دعا إلى إعداد خطة لاستيعاب بواقي عيد الأضحى بأسعار مناسبة حفاظا على مصالح المربين.
وأشار إلى “ضرورة توفير آلات وزن بنقاط بيع الخرفان بهدف ترسيخ ثقافة البيع بالميزان باعتبارها الآلية المثلى لضمان حقوق جميع الأطراف المعنية من مربين ومستهلكين”.
ويعاني قطاع تربية الماشية من عمليات السرقة والنهب والاعتداء على المربين التي تتزايد مع اقتراب عيد الأضحى كل عام ما يضاعف خسائر المربين.
ودعا الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري إلى تكوين خلايا يقظة ومراقبة مشتركة تضم مختلف الأطراف المعنية بالحماية الأمنية لضبط خطط تدخّل للحد من السرقة والنهب والاعتداء على المربين.
وطالب مدير مكلف بالإنتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري” بتركيز نقاط تفتيش قارة بالطرقات والمناطق التي تشهد تواتر عمليات النهب والسرقة وإحداث فرق أمنية بالمناطق الريفية مختصة في التصدي لمختلف أنواع السرقات والنهب في القطاع وجعلها قريبة من مناطق الإنتاج لضمان سرعة التدخل.