عناوين خليجية جديدة على قائمة التراث الثقافي للإنسانية

تهدف القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية إلى زيادة الوعي بالتراث غير المادي وضمان الاعتراف بتقاليد المجتمعات ودرايتها التي تعكس تنوّعها الثقافي. وإيمانا بأهمية التراث الثقافي قدمت الدول الخليجية قائمات مشتركة للكثير من المظاهر الثقافية، فيما جاءت قائمات أخرى بشكل فردي.
مسقط - تبذل السلطنة ممثلة بوزارة التراث والثقافة جهودا متواصلة على المستويين الوطني والدولي للمحافظة على تراثها الثقافي غير المادي بشكل خاص، وتوثيقه وصونه.
وحققت سلطنة عمان خلال السنوات الماضية إنجازات واضحة في هذا المجال أبرزها تسجيل عدد من العناصر الثقافية في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية لدى يونسكو، وإعداد ملفات ترشيح لعناصر أخرى خلال العام الحالي والسنوات القادمة.
عُمان والخليج
قال إبراهيم بن سيف بني عرابة رئيس قسم صون التراث غير المادي بوزارة التراث والثقافة إن “السلطنة خلال الفترة الماضية اشتغلت على العديد من العناصر الوطنية أو العناصر المشتركة مع دول أخرى، وفي هذا العام 2020 سيكون ملف الخنجر العماني من ضمن الملفات التي ستتم مناقشتها كملف مفرد في اجتماعات الدورة القادمة للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي في اجتماع دورتها الخامسة عشرة المقرر انعقادها في جامايكا خلال الربع الأخير من هذا العام”.
وأضاف بني عرابة “هناك كذلك ملف ‘سباقات الهجن‘ كملف مشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وخلال العام القادم 2021 هناك ملف فن ‘حداء الإبل‘ الذي جاء كمبادرة من المملكة العربية السعودية، وسيقدم كملف مشترك بينها وبين سلطنة عمان والإمارات. كما أن هناك ملف ‘الخط العربي‘ كمبادرة من وزراء الثقافة العرب وتقوم المملكة العربية السعودية بإدارته وتشارك فيه 15 دولة عربية وسيناقش أيضا في عام 2021”.
وكانت وزارة التراث والثقافة قد قامت بإعداد ملف الخنجر العماني كونه عنصرا من عناصر الهوية والأصالة العمانية المتمثلة في مهارة صناعته واتخاذه كهوية وطنية للباس العماني في مختلف المناسبات، لذلك قامت الوزارة بصياغة ملف للترشيح وفقا للمعايير الفنية الدولية المعمول بها في مثل هذه الترشيحات، حيث اشتمل الملف على العديد من الجوانب المتعلقة بالنطاقات الجغرافية لصناعته واستخداماته اليومية في اللباس، بالإضافة إلى اعتباره شعارا وطنيا للسلطنة.
وتضمن الملف كذلك الجوانب الأخرى، التي منها كيفية انتقال العنصر المراد تسجيله عبر الأجيال من خلال نقل المهارات والمعارف والالتزامات المترتبة على ذلك بالتنمية المستدامة في خطط الصون التي تحرص يونسكو على الأخذ بها في مختلف الجوانب التي يتم العمل عليها في الأعمال المرتبطة بالعناصر الثقافية.
وقد بدأ التحضير لإعداد الملف لتقديمه لمنظمة يونسكو لتسجيله كعنصر من العناصر الثقافية للسلطنة في عام 2017، وتلقت السلطنة أخيرا تأكيدا رسميا من سكرتارية اتفاقية 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي يفيد باكتمال الملف واجتيازه المعايير الفنية، وإحالته إلى لجنة خبراء تقييم الملفات باليونسكو، لعرض مسودة قرارها على اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التي ستناقشه في اجتماع دورتها الخامسة عشرة.
معايير الإدراج
قال بني عرابة في حديث لبرنامج “تراث عُمان العالمي” الأسبوعي الذي تبثه القناة العامة لإذاعة سلطنة عمان كل يوم اثنين “إن التحضير والإعداد لملفات التراث الثقافي غير المادي عادة ما يأخذ فترة طويلة، فبداية يتم التحضير من خلال قياس بعض العناصر الثقافية ووضع الأولويات، وهناك عناصر قد تستدعي أولوياتها أن تسجل قبل العنصر الآخر، على الصعيد المحلي، ويتم التحضير للملفات في السلطنة من خلال قياس أولوية العنصر، فالسلطنة زاخرة بالعديد من عناصر التراث غير المادي، فنختار عنصرا ذا أولوية”.
وأضاف “العناصر مقسمة حسب نوعيتها سواء في الفنون أو الحرف أو العادات والتقاليد والأزياء والأكلات الشعبية، وفي المعارف المرتبطة بالأفلاك وغيرها، وفق تعريف يونسكو للتراث الثقافي غير المادي، ونختار العنصر ذا الأولوية من حيث الأهمية والانتشار وأهمية تسجيله وتأثيره على إيصال الرسالة الإنسانية التي تسعى السلطنة لإيصالها، وبعد أن يتم اختيار العنصر يتم تشكيل لجنة وفق نوعية العنصر تضم مختصين في المؤسسة المعنية بالعنصر أو المجال والأفراد والباحثين المعنيين بهذا العنصر، وأيضا المختصين بصياغة وإعداد الملفات في وزارة التراث والثقافة المتمثلة في دائرة التراث الثقافي غير المادي، بالإضافة إلى الجوانب التنسيقية خاصة مع وزارة التربية والتعليم الممثلة في اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم التي هي همزة الوصل بين لجنة الإعداد والصياغة ومنظمة يونسكو”.
ولفت رئيس قسم صون التراث غير المادي إلى أن “مراحل التحضير قد تمتد إلى عام كامل، وتشمل التنسيق مع المجتمع المحلي الممارس لذلك العنصر، وهناك حلقات عمل تتم مع المعنيين بهذا العنصر وأيضا مع الباحثين والمهتمين، كما أن هناك تنسيقا مع المؤسسات في ما يتعلق بخطط الصون السابقة أو الحالية أو المستقبلية، حيث أن ملف العنصر يكون به نوع من الالتزام من الدولة من خلال تلك المؤسسات المعنية بمسألة وضع خطط الصون لذلك العنصر، أو من خلال الأفراد المعنيين الممارسين ليكون لديهم نوع من الالتزام”، مشيرا إلى أن “مراحل التحضير تشمل أيضا وضع قوائم الحصر الوطنية التي تحتاج إلى فترة ليست بالقليلة”.
وأوضح بني عرابة أن هناك عناصر سجلت في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى يونسكو، منها المفردة باسم السلطنة، وتشمل فنون البرعة (2010) والعازي (2012) وعرضة الخيل والإبل (2018). بينما سجلت ملفات فنون التغرود (2012) والعيالة (2014) والرزفة (2015) بالاشتراك مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك الفضاءات الثقافية للمجالس والقهوة العربية بالاشتراك مع الإمارات والمملكة العربية السعودية وقطر.
وخلال العام الحالي تم إدراج النخلة على القائمة التمثيلية لليونسكو كعنصر عربي مشترك، وهو يركز على القيمة الثقافية للنخلة وتم إدراجها كقيمة من القيم الإنسانية التي تمثل الحوار الثقافي والفكري في الوطن العربي، وكانت لترشيح هذا الملف أبعاد كثيرة من بينها الانفتاح العربي مع العالم من خلال هذا العنصر.
وقال بني عرابة “إن من أهم معايير إدراج العنصر في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي أن يكون متواجدا وحيّا وواسع الانتشار، ولا يمكن لأي دولة أن تدعي ذلك إلا بإثبات، وأن تكون قد وضعت تدابير للصون من شأنها أن تحمي العنصر وتكفل الترويج له، وأن يكون العنصر قد رشّح للصون عقب مشاركة على أوسع نطاق ممكن من جانب الجماعة أو المجموعة المعنية أو الأفراد المعنيين بحسب الحالة، وبموافقتهم الحرة والمسبقة والمستنيرة، وغيرها من المعايير الأخرى”.