عمان توجه ضربة دبلوماسية للجزائر باعترافها بخيار الحكم الذاتي للصحراء المغربية

مسقط/ الرباط – عبرت سلطنة عمان الأحد عن تأييدها للوحدة الترابية للمغرب وحقه في السيادة على كافة ترابه الوطني، معربة عن تقديرها لحكمة القيادة المغربية في التمسك بحل سلمي يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة المغاربية، وهو ما يعتبر ضربة دبلوماسية للجزائر التي تراهن على الحياد العماني والعلاقات الودية التي تربطها بمسقط.
وجاء موقف سلطنة عمان في بيان رسمي مشترك صدر على إثر انعقاد أشغال الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية – العمانية الأحد بمسقط، برئاسة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ونظيره العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي.
ويشكل إعلان سلطنة عمان اعترافها بمغربية الصحراء وبمقترح الحكم الذاتي صدمة حقيقية للجزائر، التي لم تكن تتوقع أن تنضم مسقط، المعروفة بمواقفها المتزنة وحيادها الدبلوماسي، إلى ركب الدول الخليجية الداعمة للرباط.
الجزائر ترى في هذا التحول المفاجئ تقويضا لإحدى دعائم توازنها الرمزي في الخليج، وضربة غير متوقعة من حليف ظل موقفه في خانة "المضمون"
وتعد الصدمة مضاعفة بالنظر إلى خصوصية العلاقة التي تربط الجزائر بسلطنة عمان منذ عقود، ليس فقط على المستوى الدبلوماسي، بل أيضا على صعيد التقاطعات الثقافية والمذهبية وعلى رأسها الإباضية التي شكلت قاسما مشتركا نادرا بينهما في العالم العربي.
وتبدي عمان اهتماما كبيرا بأتباع المذهب الإباضي في مختلف دول المنطقة العربية، ومنها الجزائر في شمال أفريقيا، حيث تقدم منحا دراسية للإباضيين الجزائريين، وتستقبل سنويا في معاهدها الدينية وجامعاتها طلبة جزائريين، إلى جانب أنها حاولت التوسط عام 2015 في أزمة اندلعت بين الحكومة الجزائرية والإباضيين في غرداية.
ويرى مراقبون أن الجزائر ترى في هذا التحول المفاجئ تقويضا لإحدى دعائم توازنها الرمزي في الخليج، وضربة غير متوقعة من حليف ظل موقفه في خانة “المضمون” باعتباره من الأصوات المعتدلة والحيادية.
وأكد محمد بودن، الخبير في الشؤون الدولية، لـ”العرب” أن دعم سلطنة عمان للوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها على كافة ترابها الوطني واعتبارها مبادرة الحكم الذاتي الأساس لأي حل، يعد جزءا من زخم الدعم الدولي لسيادة المغرب على صحرائه والذي يمثل اليوم حقيقة جلية ومؤكدة في المواقف المعبر عنها والمبادرات الموحدة من قبل عدد من البلدان وعنوانا لإرادة دولية واسعة النطاق.
وكانت الجزائر تراهن على تثبيت عمق علاقتها مع سلطنة عمان عبر زيارات رفيعة المستوى على رأسها زيارة الرئيس عبدالمجيد تبون قبل أشهر إلى مسقط، والتي وصفت آنذاك بالإستراتيجية. وسبقت زيارة تبون زيارة وزير الخارجية أحمد عطاف إلى مسقط أيضا محملا برسالة من تبون إلى السلطان هيثم بن طارق.
ويرى محمد بودن أن سلطنة عمان لديها خط دبلوماسي سيادي يرتكز على حقيقة مفادها أنها لا ترى الأمور بعيون الآخرين وهذا ينطبق على طبيعة علاقاتها مع خصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وبالتالي فإن مسقط لا يمكنها أن تساير الرغبات الجزائرية في هذا الملف، وهذه الصراحة العمانية الموثوقة لطالما مكنت مسقط من الاضطلاع بأدوار وساطة هامة في المشهدين الدولي والإقليمي.
من جهته أكد محسن الندوي، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية، لـ”العرب” أن موقف سلطنة عمان يعد قراءة منسجمة مع واقع العلاقات الثنائية الثابتة من خلال التعاون البناء والصادق في المجالات الواعدة وذات المردود الملموس على الجانبين، متوقعا أن تمضي مسقط قدما نحو تدشين قنصلية لها بالعيون أو الداخلة على غرار باقي الدول العربية التي اتخذت هذا القرار، كجزر القمر والإمارات والأردن.
ونوهت سلطنة عمان في البيان المشترك بالدور الريادي للعاهل المغربي الملك محمد السادس في تدعيم أسس السلم والأمن والاستقرار بالقارة الأفريقية، بما يتجاوب مع تطلع شعوبها إلى التقدم والنماء، كما ثمنت الجهود المتواصلة التي يبذلها العاهل المغربي، رئيس لجنة القدس، دفاعا عن مدينة القدس الشريف وصونا لهويتها الحضارية وحفاظا على مكانتها.
وأعرب وزير الخارجية العماني عن اعتزازه بالمستوى المتميز للعلاقات بين المملكة المغربية وسلطنة عمان، وأكد حرص بلاده على بحث كافة السبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها بما يخدم مصالح الطرفين، ويستجيب لتطلعات الشعبين الشقيقين، مسجلا بارتياح تطابق رؤى قيادتي البلدين بشأن القضايا العربية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وبدوره أشاد بوريطة بانتظام عقد اللجنة المشتركة خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا أن ذلك يعد تعبيرا صريحا عن رغبة البلدين الصادقة في ترسيخ سنّة التشاور والتعاون والتنسيق المستمر بينهما، والمضي قدما بعلاقاتهما الأخوية إلى مستوى تطلعات قائدي البلدين.