عمان تعمل على إزالة منغصات العلاقة مع دمشق

السلطات الأردنية تخير لاجئين سوريين بين المغادرة أو الترحيل.
السبت 2021/04/03
مصير تتقاذفه حسابات الدول

أثار تخيير السلطات الأردنية نشطاءَ في المعارضة السورية بين مغادرة أراضي المملكة أو الترحيل ضجة كبيرة، وسط ترجيحات بأن يكون التحرك الأردني في سياق تعزيز التقارب مع نظام الرئيس بشار الأسد، الذي بدأ منذ عام 2018.

عمان - أمهلت السلطات الأردنية ثلاثة معارضين سوريين، بينهم حسنة الحريري الملقبة بـ”خنساء حوران”، بضعة أيام لمغاردة أراضي المملكة أو سيجري ترحيلهم إلى سوريا، في خطوة لا تخلو من رسائل سياسية تجاه دمشق.

ويعد استقبال الأردن نشطاء معارضين، سبق أن حملوا السلاح أو حرضوا ضد نظام الرئيس بشار الأسد، تحت صفة “لاجئين” أحد منغصات العلاقات الثنائية التي شهدت منذ عام 2018 تحسنا طفيفا ترجم في إعادة فتح معبر جابر نصيب وزيارة وفود أردنية لدمشق.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة أن السلطات الأردنية أبلغت بالفعل حسنة الحريري وولدها إبراهيم قاسم الحريري، إضافة إلى الناشط رأفت الصلخدي، بضرورة مغادرة المملكة خلال مدة أقصاها 14 يوما، أو أنه سيجري ترحيلهم إلى سوريا، حيث من المرجح أن يتعرضوا للاعتقال من قبل القوات الأمنية السورية.

وناشد المرصد السوري السلطات الأردنية إيقاف ترحيل حسنة الحريري وجميع السوريين من أراضي المملكة، محذرا من تعرضها للاعتقال من قبل النظام السوري، في حال جرى إرغامها على العودة.

وبثت الحريري في وقت سابق تسجيلا صوتيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي قالت فيه إن دائرة المخابرات العامة الأردنية استدعتها هي وآخرين، وأبلغتها بقرار ترحيلها هي وعائلتها من الأردن برفقة حمزة الصلخدي أحد مقاتلي درعا، وذكرت الحريري أنها رفضت التوقيع على القرار على عكس البقية الذين أجبروا على ذلك.

وطلبت الحريري المساعدة لمغادرة الأردن كونها لا تملك مالا كافيا للسفر وتأمين تسعة جوازات سفر وتأشيرة سفر للخروج من البلاد دون العودة إلى مناطق سيطرة الأسد.

السلطات الأردنية أبلغت حسنة الحريري الملقبة بـ"خنساء حوران" وعائلتها، إضافة إلى ناشط من درعا، بمغادرة المملكة

وذاع صيت الحريري بعد أن فقدت 13 من أفراد عائلتها، 5 من أبنائها وحفيدين و5 من أشقائها وزوجها، بعضهم قضى نحبه في معارك مع القوات الحكومية السورية والبعض الآخر في المعتقلات، ولعل أكثرهم شهرة ابنها الملقب بـ”بلبل الثورة السورية” عبدالباسط الساروت الذي توفي في يونيو 2019 جراء إصابته خلال اشتباكات مع القوات الحكومية في شمال غرب البلاد.

وسبق أن تعرضت المرأة الستينية للاعتقال من قبل الفرقة الخامسة في منتصف عام 2012 قبل أن يجري إطلاق سراحها ضمن صفقة لتبادل الأسرى بين النظام والمعارضة نهاية عام 2013، وكانت تعرف بتحريضها المستمر على الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد والثأر منه، وقد ظهرت في صور عدة وهي تحمل سلاحا.

وانتقلت الحريري كلاجئة إلى الأردن، بعد التسوية التي جرت في الجنوب عام 2018، وهي من بين الكثيرين في المملكة المطلوبين من قبل النظام السوري.

وربطت مصادر إعلامية قرار ترحيل الحريري بتواصلها مع نشطاء معارضين للأسد في الداخل السوري، ولاسيما في منطقة الجنوب التي تشهد في الأشهر الأخيرة تزايد الهجمات على عناصر النظام السوري.

ويرى مراقبون أن الأردن الذي يعاني كثيرا من ارتدادات الأزمة السورية لا يريد أن يتحول مجددا إلى قاعدة خلفية لتنسيق هجمات على نظام الأسد.

Thumbnail

وكشفت مصادر إعلامية سورية أن عددا من اللاجئين السوريين جرى إبلاغهم خلال الأسابيع الماضية بضرورة المغادرة، فيما تواصل عناصر من المخابرات الأردنية مع آخرين وطلبوا منهم تفاصيل ومعلومات عن سوريين موجودين داخل المملكة.

ولفتت تلك المصادر إلى أن الخوف حال دون حديث هؤلاء النشطاء عما يواجهونه من خطر الترحيل، لكن إقدام “خنساء حوران” على الخروج والتحدث عن طلب مغادرتها سلط الضوء على هذه القضية.

ويعد الأردن أحد أبرز المتضررين من الصراع السوري، لاسيما على الصعيد الاقتصادي، حيث كانت سوريا قبل اندلاع الأزمة في عام 2011 شريانا تجاريا مهما للأردن.

وقد سعى الأردن في السنوات الأخيرة إلى إعادة جزئية للعلاقات مع دمشق، وهو ما ترجم في فتح معبر جابر نصيب، لكن الحركة التجارية ظلت في حدها الأدنى في ظل خلافات لا تخلو من اعتبارات سياسية وأمنية مع نظام الأسد.

ويقول المراقبون إن الجهود الروسية الجارية اليوم على خط فتح المعابر بين مناطق سيطرة النظام ومناطق نفوذ الفصائل المعارضة والجهادية في شمال غرب سوريا الحدودي مع تركيا، فضلا عن تحركات موسكو لجهة الضغط من أجل فتح الطريق الدولي أم 4، تجعل الأردن يكثف جهوده لتذويب الخلافات مع دمشق، على أمل تنشيط حركته التجارية المشلولة.

ويحتضن الأردن قرابة مليون لاجئ سوري يعيش قسم كبير منهم في مخيمات، أبرزها مخيم الزعتري، ويعانون أوضاعا معيشية صعبة وسط القيود المفروضة على تحركاتهم داخل البلاد وتراجع الدعم الدولي. وتثير الحملة الأردنية مخاوف اللاجئين السوريين في المملكة لاسيما وأن معظمهم من المحسوبين على التيار المعارض لنظام الأسد.

2