الياسمين يتنفس والساعات دولٌ، فواحدة نهزُّ فيها الرقاب مكرهين.. وثانية ننظف فيها آذاننا وقلوبنا بقوة وعذوبة صوت أم سونيا المذهلة، في الثالثة تكرر علينا الأميرة المبجلة ما كانت قالته بفاتحة المائدة.

على مدى عشر سنوات، كنت أنطر تلويحة سماوية تنفلت من أحدهما، لكنّ تلك اللحظة المشتهاة لم تحدث أبدا.

الحكومة لا تستحي وعينها لا تنكسر، وذيولها الشجعان إخوان أخواتهم، ثأروا فورا لمصيبة الكراديين وقاموا بقصف وقتل لاجئين أبرياء أنباريين هاربين من جحائم داعش.

في مشهد الزقاق، كان قلبي يطبلُ مع طبّال السحور المسحراتي وهو يُعيدني إلى زقاقٍ بغداديٍّ عتيق، لم يبقَ منه سوى خيالٍ شحيحٍ، مازال يتململ بسكراب الذاكرة.

لم يحدث ما كنت أريده وأشتهيه، وأنا منذ ساعات أكافح كي أطردها من الصومعة لأنام، لكنني أفشل وألوم نفسي بقوة. كان عليّ أن أقتل هذه الحقيرة الأدبسز منذ البداية.

من الموجع والمهين أننا نضبط ساعة حيواتنا الممكنة، حسب التوقيت المحلي لدقات ساعة الآخرين، وسيظلّ عزاؤنا المؤجل هو أنَّ الأيامَ دولٌ.

دول أوروبا لا تعيش تحت ضغطٍ دينيّ كبير، ولا مرجعيات ولا دور إفتاء وصكوك غفران كما كانت من قبل، تفتي بجواز هذا وحرمة ذاك.

مع كلّ رشفة عرق صرفٍ، تتصاعد الرغبة في سماع زوربا الأصلية فيعزفها سعد بفمه المزموم، وفي أول محاولة مني للتثنية على عزفه اللطيف.

الميتون يُقتلون ثانيةً في حيواتهم الشحيحة يُركنون على رف النسيان مثل بضاعة مهملة وفائضة، وفي موتهم تشحّ المناحات حتى لن تجد مَنْ يحمل توابيتهم الفقيرة.

لا أحد في الشارع يكسر رتابة المشهد، لكنّ الكائن الضخم لم يفقد الأمل بعد، بانتظار هبوط زبون بطران من أخير الليل، به رغبة مجنونة لتلميع حذائه.

بباب الفيسبوك الحديث، شهقتُ وأنا أمحو صفحات محمد الجزائري وعبدالأمير علوان ونضال الليثي.

أنجلينا جولي تبكي وشيخ المسجد يكبّر. كثيرٌ من اليأس يساوي قليلا من الأمل. زرعةٌ قويةٌ تطلع من فتق الإسفلت. محاولة ميتة لكتابة قصيدة فوق وشل المكتوب.

ضاعت الهوية العراقية الرافدينية المشعة، وحلّت محلها هويات كانتْ ثانوية ثم زحفت صوب أول دكة العرض، فتناطح الناس وساحت الدماء واشتعلت الحرائق.

على مقربةٍ من المنظر الصباحيّ الهادئ، تنزرعُ تلّةٌ من عشبٍ أخضر ولوزٍ وسلة جدائل.

الغسيل في الصباح أحسن من الغسيل في المساء المساء يذوبُ في بلبلة المعنى المعنى بقلب سامي مهدي البديع.

بطلقتهِ التاسعة المصلوبة الآن على روزنامة الحائط، تمَّ دقّ طابوقة الأساس لبناء دولة العراق الجديد، الذي سيصيرُ تاليا أحد أشهر وأقسى وأفشل وأفسد دولة قائمة على سطح أرض الله العظيمة.

الفنان الكبير معاذ الآلوسي سيقوم برسم خارطة دارٍ تراثية تبنى فوق قطعة أرضٍ فارغةٍ قريبةٍ من الإعدادية المركزية، لتكون بيت العمر الذي سأعيش فيه صحبة عائلتي.

حتى الآن لا توجد قوة قانونية مؤطرة بمقدورها سحل المواطن الصحافي الخاص إلى قفص العدالة لأن صفحته على الفيسبوك ومشتقاته العجيبة غالبا ما تكون باسم وصورة ومعلومة مزورة.