عقيلة صالح يدعو إلى توضيح أسباب عدم نقل مقر مؤسسة النفط إلى بنغازي

دعا البرلمان الليبي، خلال جلسة منعقدة الاثنين في مدينة بنغازي، شرقي البلاد، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة إلى تقديم تفسير واضح حول عدم تنفيذ قرار نقل مقر المؤسسة من طرابلس إلى بنغازي، رغم القرار الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء قبل أكثر من 11 عاما و7 أشهر.
طالب رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، الاثنين، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة بتوضيح أسباب عدم تنفيذ قرار نقل المقر الرئيسي للمؤسسة الوطنية للنفط إلى مدينة بنغازي، ودعاه في خطاب رسمي إلى موافاته بالتفاصيل حول تعطل تنفيذ القرار، مشددا على أهمية الالتزام بما أقرته رئاسة الوزراء بشأن نقل مقر المؤسسة إلى بنغازي.
وفي العام 2013 أمر رئيس الوزراء علي زيدان بنقل مقر مؤسسة النفط التي تديرها الحكومة إلى مدينة بنغازي شرقي البلاد تلبية لمطلب من قبل سكان المنطقة، وقال إن القرار لم يتم اتخاذه تحت أيّ ضغوط، وإن مؤسسات ليبيا يتعين أن تكون موجودة في كل مكان عبر البلاد.
وفي يونيو من ذات العام، أصدرت الحكومة المؤقتة القرار رقم 247 بشأن نقل مقر مؤسسة النفط إلى بنغازي، والذي تضمن كذلك نقل مقار شركة الخطوط الجوية الليبية وشركة ليبيا للتأمين وشركة الاستثمار الداخلي إلى بنغازي أيضا.
وتم إنشاء المؤسسة الليبية العامة للبترول في العام 1969 بموجب مرسوم ملكي، على أن يكون مقرها الرئيسي في مدينة بنغازي، استنادا إلى دراسات الجدوى الاقتصادية وقرب مواقع الإنتاج وموانئ التصدير منها، واحتواء إقليم برقة على حوالي 80 في المئة من احتياطيات النفط.
المؤسسة الليبية العامة للبترول تم إنشاؤها في العام 1969 بموجب مرسوم ملكي، على أن يكون مقرها في مدينة بنغازي
وتم تدشين المؤسسة الوطنية للنفط بموجب القانون رقم 24 لعام 1970 لتحل محل المؤسسة الليبية العامة للبترول وأعيد تنظيمها في ما بعد بموجب قرار الأمانة العامة لمؤتمر الشعب العام سابقا رقم 10 لسنة 1979 لتعمل على تحقيق أهداف خطة التحول في المجالات النفطية.
وفي ديسمبر 2017 قرر مكتب رئاسة مجلس النواب نقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط إلى مدينة بنغازي. وفي مارس 2020 عقد رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب آنذاك عبدالله الثني اجتماعا لبحث تفعيل قرار مجلس الوزراء بشأن نقل المؤسسة الوطنية للنفط إلى مدينة بنغازي، أكد خلاله على ضرورة إيجاد حلول نهائية وجذرية للعراقيل التي تواجه توطين المؤسسة في مدينة بنغازي على مساحة لا تقل عن 5.8 هكتار، مشددا على أن توطين المؤسسة في مدينة بنغازي حق من حقوقها نظير ما قدمته المدينة في السابق ولا زالت تقدمه في الوقت الحالي.
وأشار الثني إلى ضرورة التقدم بالخطوات الإيجابية والتنفيذية إلى الأمام لا الرجوع إلى الخلف، مؤكدا أن مشروع توطين المؤسسة في مدينة بنغازي أمر حتمي ونهائي ولا رجوع فيه، مبدياً استغرابه من المدة الزمنية الطويلة التي استغرقها هذا المشروع الذي أقر في شهر يونيو لعام 2013 وأصدر تعليماته لمكتب العمارة للاستشارات الهندسية تقديم عرض فني ومالي لدراسة الموضوع خلال أجل لا يتعدى الأسبوع من تاريخ الاجتماع.
مراقبون يرون أن نقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط من طرابلس إلى بنغازي لا يمكن تنفيذه من خارج دائرة التوازنات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد
وفي يوليو 2021 قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة في كلمة أمام مجلس النواب إن الحكومة تدرس نقل مقري المؤسسة الوطنية للنفط وشركة الخطوط الجوية الليبية إلى مدينة بنغازي، لافتا إلى إصدار قرار بنقل سوق الأوراق المالية إلى بنغازي.
لكن مراقبين يرون أن نقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط من طرابلس إلى بنغازي لا يمكن تنفيذه من خارج دائرة التوازنات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ودون توافق إقليمي ودولي، لاسيما أن الثروة النفطية في ليبيا تخضع لشكل من أشكال الوصاية الدولية، وتعتبر الملف الأكثر أهمية في المشهد الليبي، وخاصة بالنسبة إلى الدول الغربية التي تخشى من هيمنة الدب الروسي المتمدد في المنطقة الشرقية على ملف النفط في ليبيا.
وفي يوليو الماضي، كشف موقع “أفريكا إنتلجنيس الاستخباراتي” الفرنسي، أن شركة ميركوري بابليك أفيرز الأميركية تضغط على وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لحماية مؤسسة النفط برئاسة فرحات بن قدارة، وقال إن ضغوط شركة ميركوري على بلينكن جاءت بسبب المخاطر التي تواجه قيادة مؤسسة النفط الليبية والضغوط الداخلية والخارجية التي تلاحقها.
واتجهت أغلب الأطراف الليبية الفاعلة للتدخل في الملف، وفي أغسطس الماضي، أكد رئيس دار الإفتاء في طرابلس الصادق الغرياني، أن الجنرال خليفة حفتر وأبناءه يحاولون نقل مؤسسة النفط إلى المنطقة الشرقية، مبينا أن هذا الأمر إذا تم سيكون نارا وخرابا ونذيرا بإنهاء حكومة الدبيبة. وأضاف أن محاولات نقل المؤسسة قديمة، وهم يقولون منذ 2011 إن المنطقة الشرقية مهمشة، وإن كل المؤسسات في طرابلس، متوقعا عدم موافقة حكومة التطبيع على هذا العمل الذي وصفه بـالشنيع.
وتستبعد أوساط ليبية أن يتم نقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط إلى بنغازي على الأقل في المدى المنظور، وذلك نتيجة استمرار حالة الانقسام السياسي والعسكري والحكومي، وغياب التوافق على إدارة إيرادات النفط الليبي، وهو ما يعني أن نقل المؤسسة إلى المنطقة الشرقية سيضعها تحت سيطرة ونفوذ القيادة العامة للجيش الوطني التي تبسط نفوذها الفعلي على أغلب منابع الثروة في البلاد في مناطق الشرق والوسط والجنوب.