عقوبات أوروبية في انتظار معرقلي الحكومة اللبنانية الجديدة

رغم الانفراجة السياسية وتمكن الفرقاء السياسيين من تشكيل حكومة لبنانية جديدة لا تزال المؤسسات الأوروبية تضغط من أجل إنجاح مهام الحكومة التي من المحتمل أن تتعرض لانتكاسة.
بيروت - تعكس توصية البرلمان الأوروبي الخميس بضرورة نظر الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على الساسة اللبنانيين الذين يعرقلون مسار الحكومة الجديدة، حالة من عدم الارتياح لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع عقب تشكيل حكومة جديدة تتصيّدها آليات تعطيل سياسية كثيرة.
وأوصى البرلمان الأوروبي المؤسسات الأوروبية بعدم تخفيف الضغوط عن الساسة اللبنانيين وأن سيف العقوبات لا يزال خيارا قائما في مواجهة “مساعي إفشال العملية السياسية الديمقراطية أو تقويضها”.
وحث البرلمان بشدة الزعماء اللبنانيين على الالتزام بالوعود التي قطعوها وأن يكونوا حكومة فاعلة، في إشارة إلى تعهدهم بمعالجة إحدى أسوأ أزمات الانهيار الاقتصادي في العالم.
ووافق الاتحاد الأوروبي في يونيو على إعداد إجراءات حظر سفر وتجميد أصول للسياسيين اللبنانيين المتهمين بالفساد وعرقلة جهود تشكيل الحكومة وسوء الإدارة المالية وانتهاك حقوق الإنسان.
ولم يُذكر أي من هؤلاء الزعماء بالاسم بشكل رسمي، إلا أنه في ظل الانهيار المالي وزيادة التضخم وانقطاع الكهرباء ونقص الغذاء يأمل البرلمان أن تسترعي دعوته انتباه الساسة اللبنانيين، والكثير منهم لهم أصول في الاتحاد الأوروبي.
ويأتي التهديد الأوروبي في وقت أقرت فيه الحكومة اللبنانية البيان الوزاري (خارطة طريق) من أجل عرضه على البرلمان في جلسة منح الثقة التي من المنتظر أن تعقد بداية الأسبوع القادم على أقصى تقدير.
نجيب ميقاتي: دائما نحتاج إلى التضامن لتحقيق الإنتاجية المطلوبة
والبيان الوزاري هو برنامج عمل الحكومة للمرحلة المقبلة، وبناء عليه تعلن الكتل البرلمانية موقفها منها، أي منحها الثقة أو عدم منحها.
وتبدو حكومة ميقاتي في طريق مفتوح نحو نيل ثقة البرلمان اللبناني رغم أن مواقف كتل نيابية وازنة -على غرار كتلة تيار المستقبل- لم تظهر للعلن حتى مساء الخميس.
وأقر مجلس الوزراء اللبناني الخميس البيان الوزاري لحكومة نجيب ميقاتي، وهي تحوي 9 تعهدات و9 ثوابت وطنية فضلا عن “مهمة إنقاذية”.
وشكر ميقاتي أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة بصياغة البيان الوزاري والوزراء على التعاون الذي أبدوه، مركزاً في مستهل جلسة مجلس الوزراء على الجو الذي ساد بين أعضاء اللجنة ومذكّراً بالحاجة الدائمة إلى التضامن لتحقيق الإنتاجية المطلوبة للحكومة.
ومن جانبه شكر رئيس الجمهورية ميشال عون في مستهل جلسة مجلس الوزراء أعضاء اللجنة على عملهم الدؤوب وتعاونهم لإنجاز مسودة البيان، قائلا إن “السرعة تعكس الجدية والمثابرة لتنفيذ المهام المطلوبة”.
وتمنى عون على الجميع “اعتماد هذا النمط في العمل والإنتاجية والتعاون، وهو من أول أسباب النجاح، خصوصا وأن الأوضاع ضاغطة جدا والوقت ثمين”.
وتشكلت الحكومة اللبنانية عقب 13 شهرا من التعثر بسبب خلافات سياسية، بعد استقالة حكومة حسان دياب في العاشر من أغسطس 2020، بعد 6 أيام من انفجار مرفأ بيروت.
وحوى البيان 9 ثوابت وطنية، أبرزها التزام أحكام الدستور والشرائع والمواثيق الدولية، واستئناف المفاوضات (غير المباشرة مع إسرائيل) لحماية الحدود البحرية (المتوقفة منذ مايو بعد 5 جولات أولاها في أكتوبر 2020)، وتأكيد حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي (لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا).
وتضمنت الثوابت متابعة مسار المحكمة الخاصة بجريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، لإقفال هذا الملف في الثلاثين من يوليو 2022، فضلا عن تعزيز علاقات لبنان عربيا.
واشتمل البيان الوزاري على 9 تعهدات لتدارك الانهيار المالي والاقتصادي، وهي: استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق خطة دعم، ومعاودة التفاوض مع الدائنين للاتفاق على آلية لإعادة هيكلة الدين العام، وإنجاز موازنة 2022 وتضمينها بنودا إصلاحية مالية. ووضع خطة وتشريع قانون لمعالجة الأوضاع المالية والمصرفية، وتصحيح الرواتب والأجور، وإقفال المعابر غير الشرعية، والحد من التهرب الضريبي، والالتزام ببنود “المبادرة الفرنسية”، واستكمال خطة الإصلاح.

وهذه المبادرة أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من بيروت، بعد أيام من انفجار مرفأ العاصمة، ومن أبرز بنودها تشكيل حكومة جديدة، على أن تتبع ذلك إصلاحات إدارية ومصرفية.
وشمل البيان الوزاري معالجات ومقاربات لـ20 ملفا، من أبرزها قضائيا إقرار استقلالية السلطة القضائية وملف مكافحة الفساد عبر استكمال التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح وغير ذلك، وفي ملف الطاقة تأمين الكهرباء للمواطنين في أسرع وقت، وإعلاميا دعم الحماية والحرية.
وشمل البيان أيضا مهمة إنقاذية للحكومة، ترتكز على استكمال التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت لكشف الحقيقة ومعاقبة الجناة واستكمال مساعدة المتضررين، واتخاذ إجراءات غير مسبوقة وتقليدية تلاقي طموحات المنتفضين، ووقف نزيف الهجرة وتحقيق ثلاثية يلتقي حولها اللبنانيون ومرتكزاتها الأمان والاستقرار والنهوض.
ويأمل اللبنانيون أن تضع الحكومة الجديدة حدا للأزمة الاقتصادية الحادة التي تضرب البلاد منذ أواخر 2019.
ويبحث الشارع اللبناني عن خيط أمل قد يمتد له في ظل معاناته من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح الوقود والأدوية وارتفاع أسعار المواد الأساسية.
ويتراوح سعر صرف الدولار في الأسواق الموازية بين 18 و19.5 ألف ليرة لكل دولار، بينما يبلغ لدى البنك المركزي 1510 ليرات. كما بلغت معدلات الفقر مستويات لم تصل إليها البلاد عبر التاريخ؛ فوفق الأمم المتحدة هناك 74 في المئة من سكان لبنان يعانون الفقر.