عقد على رحيل مؤيد نعمة فنان النحت الكاريكاتوري

عرف الفنان العراقي الراحل مؤيد نعمة، كاريكاتيريا متخصصا ومتمكنا في مجاله الذي أبدع فيه، فضلا عن تميزه أيضا في رسوم الأطفال، حيث كان من أوائل مؤسسي دار ثقافة الأطفال في العراق.
ومع ذلك فقد خاض الراحل في نفس الوقت تجربة فريدة من نوعها، داخل البلد وخارجه، بل إنها تجربة نادرة جدا في العالم عموما، ألا وهي النحت الكاريكاتيري بواسطة الخزف، ومثلما هو معروف لدى الخزافين والفنانين بشكل عام، فإن فن الخزف فن دقيق جدا وصعب، وبحاجة إلى عمليات وتقنيات عديدة ومعقدة، تبدأ بالطين ومعالجاته من الشوائب، مرورا بالنحت واستلهام الموضوعات عليه، ومن ثم تدخل عليه عمليات ومعالجات كيميائية أخرى متوازنة، ما بين خامات الطين والألوان وحرارة الفرن.
والخزف لدى الفنان مؤيد نعمة، كما هو معلوم اختصاص واحتراف، حسب تحصيله الدراسي، وقد شجعه في المضي على ذلك أستاذه النحات إسماعيل فتاح الترك، الذي رأى في تلميذه توجها فنيا وفكريا جديدا.
وعلى صعوبة هذه التجربة الفريدة، انطلق مؤيد نعمة، بعمل بورتريهات كاريكاتيرية، فكان أول فنان عراقي وعربي، يوظف الكاريكاتير في فن النحت الخزفي، وذلك لصعوبة تمازج إبداعين في عملية واحدة تقنيا، فقد جسد عدة تماثيل خزفية (بورتريهات) لعدد من أساتذته في الأكاديمية، ثم تطورت التجربة من البورتريه إلى موضوعات فكرية عديدة، ليتميز هذا الإبداع ما بين فن الخزف المجوف وملامح الكاريكاتير، بأسلوب رائع.
استطاع بعدها نعمة أن يشارك بهذا التخصص لاحقا في المهرجانات والمسابقات الدولية، ليحصد جوائز وشهادات تقديرية اعترافا بموهبته وتجربته الرائدة في هذا المجال.
في أحد لقاءاته الصحفية، يقول الفنان مؤيد نعمة في ذلك: الحق، أنني عرفت كرسام كاريكاتير من خلال عملي في الصحافة اليومية التي كانت من أنضج فترات عملي، ولئن مارست فن الخزف، فإن الكاريكاتير بقي هاجسي الأول، فلو رجعت إلى إنتاجاتي في ذلك الوقت لوجدت وجوها ذات طابع كاريكاتيري معمولة بدقة على الطين لأساتذتي في الكلية، منهم كاظم حيدر، فالنتينوس، فرج عبو، فائق حسن، وكذلك هناك عمل للشاعر نزار قباني.
ويضيف المقال على لسان الراحل: لقد شجعني الفنان إسماعيل الترك على خوض هذه التجربة، وهي كما تعلم كانت مزيجا من النحت والكاريكاتير والخزف، ورغم هذا بقيت الغلبة في نهاية الأمر لفن الكاريكاتير بما أسبغه على هذه الأعمال الفخارية من روحه الخاصة.