عروض خاصة للدراما على غرار السينما تعكس منافسة بين المنصات

تُنوِّع منصات العرض الرقمي في طرق عرض الأعمال الدرامية والترويج لها، وتحاول استخدام شتى الطرق الممكنة والمبتكرة لجذب انتباه الجمهور وخاصة شريحة الشباب، مبدية تنافسا شرسا فيما بينها لتحقيق نسب مشاهدات أكبر وبالتالي تعزيز سوق الإعلانات الإلكترونية وضمان إقبال جماهيري مكثف.
القاهرة - استخدم القائمون على إنتاج عدد من المسلسلات المعروضة على المنصات الرقمية أسلوبا دعائيا اقترن بالأعمال السينمائية دوما، عبر إقامة حفلات أو عروض خاصة، تشمل الحلقات الأولى من المسلسلات في حضور نجوم الأعمال المقدمة للحديث عنها دراميا، في محاولة ترمي إلى لفت الأنظار إلى أعمال يتم عرضها في توقيت لا يشهد عادة متابعة كبيرة لمحتويات التسلية قبل إجازة نهاية العام الدراسي.
استبقت منصة "واتش إت" عرض الحلقة الأولى من مسلسل "دواعي السفر" الأربعاء بتنظيم ما أسمته “عرضا خاصا” له، تضمن بث الحلقتين الأولى والثانية قبل ساعات من إتاحتهما للجمهور العام على المنصة رسميا، وحرصت على إجراء نقاش موسع حول العمل وكيفية الإعداد له وأهدافه الدرامية.
وشارك في بطولة المسلسل المكون من عشر حلقات أمير عيد وكامل الباشا ونادين وأحمد غُزى وأيمن الشيوي وجلا هشام وأحمد فاضل ودنيا وائل وسلمى الكاشف ونادر جوده وآية حلمي، وتدور قصته حول إبراهيم الذي يجسد شخصيته الفنان كامل الباشا، ويتعرض لحالة إغماء ويسقط على الأرض، ما يدفع جاره الشاب علي الذي يجسد دوره أمير عيد لاصطحابه إلى المستشفى ليقرر إبراهيم تغيير حياته، ويساعده في ذلك علي، ويبدأ معه رحلة يستمتعان فيها بعلاقة صداقة تشبه علاقة الأب بابنه.
واتجهت منصة "برايم فيديو" إلى عقد عرض خاص لمسلسلي "إلا الطلاق" و"النسيان"، وبدأ عرض الأول قبل أيام، ومن المنتظر عرض الثاني قريبا، وعمدت المنصة إلى تسويق عملين كانا من المقرر عرضهما في موسم رمضان المنقضي قبل الاتجاه إلى تأجيلهما، وسعت المنصة إلى إرضاء النجوم الذين يريدون أن تحقق أعمالهم مشاهدة جماهيرية واسعة مع إتاحة تلك الأعمال على إحدى المنصات التي ليس لها جمهور غفير في الدول العربية.
ويشارك في بطولة مسلسل "إلا الطلاق" إياد نصار ودينا الشربيني وسلمى أبوضيف وصفاء الطوخي وياسر علي ماهر ولطيفة فهمي ومحمد ناصر وجهاد حسام الدين وحمزة العيلي وأحمد عبدالله محمود ويوسف رأفت، وهو من تأليف مريم نعوم وإخراج محمد بركة، ويتكون المسلسل من عشر حلقات.
أما مسلسل "النسيان" فهو من بطولة سيرين عبدالنور وقيس الشيخ نجيب، وبمشاركة كارول عبود وفادي أبي سمرا وأسامة المصري وندى بوفرحات وسلمى شلبي وإيلي كريستفريدوس وسامي أبوحمدان ويورغو شلهوب، ومن إنتاج سوري – لبناني.
ويبرهن الاتجاه نحو العروض الخاصة التي ارتبطت بالأعمال السينمائية على أن غزارة الإنتاج الدرامي وانتشارها على مدار العام بحاجة إلى المزيد من التسويق، وأن جذب وسائل الإعلام يؤكد أن الانتشار الرقمي يشكل الجزء الأكبر من أساليب الدعاية المتعلقة بالأعمال الدرامية، وأنها تحتاج إلى نقاش مباشر بين أبطال الأعمال والنقاد، لأن صناعها يعتمدون على جودة هي رأس المال المضمون لتعريف الجمهور بها.
ويشير ذلك إلى أن المنصات الرقمية تدخل في منافسة صعبة لجذب الجمهور مع تنوع الأعمال، وقدرة بعضها على أن تكون في صدارة المشهد الدرامي، مع وجود أخرى لا تحظى بنسب متابعة كبيرة، تبقى أمام تقديم مسلسلات بجودة مرتفعة وفي تلك الحالة ستكون بحاجة إلى ميزانيات ضخمة، أو أنها تعتمد على مسلسلات ذات محتوى جيد لكن ليست مضمونة النجاح نتيجة لتعدد الأعمال المعروضة في توقيت واحد على المنصات ما يخلق أنواعا جديدة لجذب الجمهور، بينها تنظيم عرض خاص للمسلسل يسوق لقصته مباشرة، ويترك المزيد من الغموض حول أحداثه لاكتشافها لاحقا.
ويتجه منتجو الدراما إلى الاهتمام بالوصول إلى فئات شبابية أكثر انجذابًا إلى المنصات الرقمية التي تتولى عملية العرض الأول لغالبية المسلسلات، ويظهر ذلك من خلال تعدد "البوسترات الدعائية" التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحظى بترويج واسع على موقع تبادل الصور إنستغرام، بجانب الاعتماد على الممثلين أنفسهم في التسويق لتلك الأعمال من خلال الوصول إلى الملايين من متابعيها، فضلا عن الدعاية التي تقوم بها المنصة، وإعلانات الطرق التي لا تتجه إليها بعض الأعمال بسبب تكاليفها الباهظة.
وقالت الناقدة الفنية ماجدة موريس إن بعض المنتجين لديهم اعتقاد خاطئ بأن العرض الخاص للمسلسلات يجذب المشاهدين مقدمًا، إذ أن العرض الخاص للأفلام يتضمن إتاحة العمل للنقاد والمهتمين بالشأن الفني بشكل كامل وبناء موقف من الفيلم إيجابًا أو سلبًا، وتبدأ عملية التسويق للأفلام من خلال إثارة نقاشات حولها، وهو أمر لا يتحقق في الدراما.
◙ المنتجون صاروا يهتمون بالفئات الشبابية الأكثر انجذابًا إلى المنصات الرقمية التي تتولى عملية العرض الأول للمسلسلات
وأضافت في تصريح لـ”العرب” أنه من “الممكن أن يبدأ المسلسل بشكل قوي في الحلقات الأولى ثم يتراجع، وقد لا يكون الجمهور قادراً على استكمال مشاهدة العمل، وتبقى محاولات المنصات لجذب المزيد من المشتركين غير دقيقة، وهناك اعتقاد بأن مشاهدة الحلقات الأولى تجر المشاهد إلى باقي حلقات المسلسل، لكنه افتراض خاطئ، حيث يشكل القوام الفني العنصر الرئيسي لجذب الجمهور، ويمكن وصف الخطوة بأنها “جهد ليس له داع سوى الإشارة إلى وجود أعمال وتعريف الجمهور بها".
وبدأت منصة "شاهد" بإقامة عرض خاص لمسلسل “سفاح الجيزة”، الذي عرض في أغسطس العام الماضي، بطولة أحمد فهمي، وحقق نجاحا بسبب فكرته المستوحاة من قصة حقيقية تشوق الجمهور لمعرفة تفاصيلها، وأن النجاح حدث لقوة العمل فنيا.
وأشارت ماجدة موريس إلى أن المنصات الرقمية تتمتع بقدرة على إتاحة المسلسلات للجمهور بشكل مستمر، ولا يرتبط الأمر بتوقيت محدد، ويعبر استباق العرض عن خوف من عدم القدرة على تسويق هذه الأعمال بعد إتاحتها، ويشي بأن الاعتماد على جودة العمل بمفردها لتعريف الجمهور لن يكون كافيًا مع التدفق المستمر للمحتوى الدرامي والسينمائي والبرامجي عليها.
وذكرت موريس لـ"العرب" أن "المنصات انتقلت من مرحلة الإتاحة الفنية إلى أخرى أكثر تطورا ترتبط بالبحث عن الجمهور والاعتماد على سبل مختلفة في سبيل الوصول إليه عبر الأعمال التي تقدمها”، معتبرة أن “التغيرات الحاصلة في اقتصاديات إدارة المنصات، مع اتجاه المعلنين إليها وحاجة كل منصة للحصول على الجزء الأكبر من تلك الكعكة، تضاعف الأدوات التسويقية للأعمال المعروضة عليها".
وحسب دراسة أجرتها شركة "داتاكسيس" المتخصصة في مجال بحوث الإعلام الرقمي، فإن صناعة البث المباشر بسرعة حققت زيادة بنسبة 30 في المئة في عدد المشتركين بين عامي 2020 و2021، وأن منصة "شاهد" السعودية بمفردها استطاعت جذب ما يقرب من 4 ملايين شخص، وقد يصل الرقم إلى 7 ملايين مشترك بحلول العام 2026، ما يبرهن على اتجاه الجمهور العربي نحو المنصات التي تقدم أعمالا جيدة، وهذا الرقم يمثل نحو ضعف المشتركين في منصة "أو إس إن" العالمية. ومن المتوقع أن ينعكس ارتفاع نسبة المشاهدات في المنصات الرقمية على السوق الإعلانية، فوفقا لأحدث تحليل أجرته شركة "أو ميديا" للخدمات الإعلامية في مصر، سوف يصل حجم سوق إعلانات الفيديو عبر الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2.3 مليار دولار بحلول عام 2027.