عراقي يحفر على الخشب التراث الثقافي لبلاده

حسن منصور يعتقد أن عليه نشر الوعي بين الشباب العراقي لحماية تراث البلاد ومواجهة إهمال الأشخاص الذين لا يهتمون بالتراث الحضاري للبلاد.
السبت 2021/11/27
لوحات فنية للعمارة والزخرف

يعد الحفر على الخشب من الفنون الجميلة عند العراقيين بهدف الزينة وإضفاء الجمال على الأبواب والشبابيك والكثير من الصناعات الحرفية التي تتطلب الدقة والمهارة، إلا أن التطور التكنولوجي والعمراني وتتالي الحروب أخذت تهدد هذا الفن بالزوال ما دفع فنانا شابا إلى محاولة الحفاظ على تراث بلاده بلوحات فنية.

بغداد ـ مع تطور أساليب الحياة وانتشار التكنولوجيا الحديثة بدأ الحفر على الخشب (أحد الفنون العريقة في العراق) يختفي تدريجيّا. لكن الفنان التشكيلي العراقي حسن منصور أخذ على عاتقه مهمة إحياء هذا الفن لحث المجتمع على حماية التراث الثقافي والحفاظ عليه.

ووقف منصور (32 عاما)، مدرس النحت في جامعة بغداد، وهو يدق إزميلا في ورشته لتحديد نوافذ الشناشيل التقليدية التي ازدهرت في البيوت العراقية التقليدية منذ العصور الوسطى حتى القرن العشرين.

وقال منصور لوكالة أنباء “شينخوا” أثناء إنجازه أحد أعماله الفنية “بعد تخرجي من كلية الفنون الجميلة تخصصت في نحت الخشب وصنعت بعض الأعمال الفنية حول تراث بغداد وحضارتنا القديمة والبيئة التي أعيش فيها”.

وعلى عكس النحاتين الذين ينحتون الصخور والأحجار يفضل منصور الحفر على الخشب لأنه يعتقد أنه يمنحه المزيد من الحرية والمرونة في تشكيل أعماله الفنية.

ويحفر منصور على الخشب لتوثيق المنازل البغدادية القديمة التي بدأت تختفي بسبب هيمنة البناء الحديث. وهو مغرم بالتصاميم التقليدية وينجذب بشكل أساسي إلى تصوير الأحياء الشعبية والأسواق القديمة والعربات التقليدية التي يستخدمها الباعة والشناشيل المطلة على نهر دجلة.

قال “هذه الأبنية التقليدية في الأزقة الضيقة والأحياء القديمة تحتاج إلى صيانة وإعادة إعمار لأنها توثق حياة المجتمع البغدادي، وهذا التراث جزء أساسي من هويتنا وثقافتنا التي نفخر بها أمام العالم”.

وتميزت بغداد والعديد من المدن العراقية على مر القرون بمعالم فريدة التصميم ومبان جذابة مستوحاة من العمارة الإسلامية، لكن هذه المعالم بدأت تختفي بسبب الحروب والإهمال.

ودُمرت الكثير من المنازل المزينة بالشناشيل وهُجرت وحلت محلها المباني المشيدة وفق التصاميم الحديثة التي لا ترتبط بالبيئة والتراث العراقي الأصيل.

ويعتقد منصور أن عليه نشر الوعي بين الشباب العراقي لحماية تراث البلاد ومواجهة إهمال الأشخاص الذين لا يهتمون بالتراث الحضاري للبلاد.

وقال منصور “بعض الناس لا يهتمون بالمباني التراثية لذلك آمل أن تحمي الدولة هذه المعالم أو تقوم بإدراج منطقة قديمة بالكامل، من مناطق بغداد، في برنامج حماية وتجديدها وجعلها منطقة سياحية”.

وتحظى أعمال النحت على الخشب بشعبية كبيرة هذه الأيام بين العراقيين في الداخل والخارج؛ فالعديد منهم لديه شغف بتزيين مراكز التسوق والمتاجر الصغيرة والمطاعم والمقاهي وحتى المنازل الحديثة بأعمال فنية تراثية، وفقا لمنصور.

وذكر أنه عندما ينشر عملا تراثيا على وسائل التواصل الاجتماعي يبدي الكثير من العراقيين -خاصة المقيمين خارج البلاد- “رغبتهم في الحصول على هذا العمل الفني بأي طريقة ممكنة”.

ويشاطر إبراهميم الجبوري، معاون عميد كلية الآثار في سامراء، الفنان منصور الرأي؛ حيث يقرّ بضرورة الحفاظ على التراث والطراز العراقي الخاص من خلال نشر الثقافة لحماية هذا الإرث الهام.

وقال الجبوري “إن الحفر على الخشب وزخرفته توارثهما الأبناء عن الآباء، وبسبب الحروب تدهورت هذه الحرفة، إلا أن البعض استمروا في اعتماد أساليبهم الزخرفية وطرقهم وحتى إمضاءاتهم”.

وأكد أن استخدام الزخارف الموروثة في تزيين الأثاث المعاصر له دور كبير في الحفاظ على الموروث الثقافي والفني أو تنفيذ أشكال على الأخشاب بما يضفي عليها لمسات خاصة ترمز إلى الأصالة.

ودعا الجبوري من يمارس مهنة النحت على الخشب إلى استلهام مشاهد زخرفية وتصاميم خشبية من الموروث العراقي القديم لأنه في ظل شيوع الماكينات الحديثة وغياب الوعي بتراث البلد اختفت الأساليب القديمة.

وخلص إلى القول “إن الزخرفة والحفر على الخشب يحتاجان إلى الحفاظ عليهما على أيدي أصحابهما أولا، ويتوجب عليهم الحفاظ على الموروث الثقافي واستلهام الطرق والمشاهد التي تجسد الحضارة وأساليبها الفنية”.

Thumbnail
20