عبث أخبار الخنازير والكلاب

عندما أقرأ أخبار العبث عن رفاهية الكلاب في الصحافة الغربية أكاد أصل إلى الاستنتاج العصي على التفسير الإنساني إن لم أفرط بالتعبير وأقول الأخلاقي! خذ مثلا التحذير العلمي من أن الكلاب قد تعاني من القلق الناجم عن العواصف، فعرضت إحدى الشركات سماعات رأس مضادة لضوضاء الكلاب مقابل 200 دولار.
وينفق محبو الكلاب مبالغ ضخمة على أزيائها واصطحابها إلى المنتجعات الصحية والمطاعم، وعندما يرتدي كلبك ملابس من ماركة Dog & Co، فأنت تعلم أنه سيكون جزءا من المجموعة الأكثر أناقة في عواصم الغرب.
وهناك أيضا الأطعمة الفاخرة للكلاب والخدمات الصحية المتطورة، وإذا لم تنجح العلاجات الكيميائية، فهناك مقابر للحيوانات الأليفة. ولأن هؤلاء "الناس" لا يريدون الانفصال عن حيواناتهم الأليفة، فقد استوعبت مقبرة خارج مدينة نيويورك أكثر من 800 شخص طلبوا دفنهم مع حيواناتهم.
ولأن أخبار رفاهية الكلاب موضع استغراب دائم، كنت أرافق صديقا يتاجر بالحيوانات الثمينة، فدرت معه تحت وطأة الشغف الصحافي بمركبته على معارض الطيور الملونة والكلاب والأفاعي في عدة مدن أوروبية، لمعرفة شيء من مشاعر هؤلاء الناس، وماذا تعني لهم العناية بالحيوانات وترك البشر يموتون جوعا! لا أحد بينهم يثير هذا السؤال، وفي أفضل تقدير تأتي الإجابة صادمة بأن بعض البشر أشر من الحيوانات!
كان رجلا لا يفارق كلبته في مقهى ألتقي أصدقائي فيه، يعاملها كأي إنسان آخر، بل إنه طلب منها مرة أن تعتذر لشخص آخر عن سلوك حيواني (..) وبالفعل وقفت الكلبة على قدميها الخلفية للتعبير عن الاعتذار. وعندما نفقت فيما بعد اقترح عليه الآخرون اقتناء أخرى، فرفض بذريعة أنها لم تكن كلبة بل كانت بمثابة ابنته وعندما يموت الأبناء لا يمكن أن تشتري من يعوضهم! وقال وإذا كان البابا فرانسيس محقا بشأن ذهاب الكلاب إلى الجنة، فإن “بوني” تنبح الآن في الجنة.
لم أر جارتي حزينة عندما مات زوجها، مع أنها بقيت وحيدة مع كلبها وبعد سنوات جاءتني تبكي وقالت الصدمات توالت عليّ بعد وفاة أمي بأسبوع مات كلبي، متسائلة لماذا تريد هذه الحياة تركي وحيدة.
وهذا ليس غريبا فنحو 97 في المئة من الأميركيين يعتبرون الكلاب جزءا من عائلاتهم. ويحتفلون بأعياد ميلادها ونحو ثلث الأميركيين والبريطانيين يلتقطون صورًا لكلابهم أكثر من تلك التي يلتقطونها لأفراد عائلاتهم. هكذا تطورت الكلاب على مدى عقود، إلى أن تعيش حياة بشر. بل إن بعضها يأكل أطعمة أفضل من ملايين البشر في هذا العالم غير العادل الذي يقيم عشرات التماثيل للكلاب.
ووصلت "الغيرة" حد أن يطالب الكاتب الأميركي نيكولاس كريستوف الفائز بجائزتي بوليتزر للصحافة بمنح الخنازير شيئا من رفاهية الكلاب! متهما العالم بالنفاق "ففي حين يدلل الناس كلابهم بشكل متزايد، فإنهم يقبلون بكل سرور على تعذيب الخنازير".
ويدافع عن دعوته شديدة الغرابة عندما تصدر من كاتب على درجة عالية من الوعي، بذريعة أن فيلسوف الأخلاقيات الأسترالي بيتر سنجر، أخبره عن "تناقض صارخ للغاية. فالناس يشعرون بالفزع لمجرد فكرة أكل الكلاب، ولكن الخنازير لا تقل ذكاءً عنها، ورفقتها رائعة أيضا".
ويفرط في دعوته متسائلا "كيف كان من الممكن لأشخاص مثل توماس جيفرسون أن يكونوا بهذه الدرجة من الغباء الأخلاقي إلى الحد الذي جعلهم يمتلكون العبيد ويعاملونهم معاملة سيئة، فإن أحفادنا سوف ينظرون إلينا ويتساءلون كيف كان من الممكن للبشر في القرن الحادي والعشرين أن يتسامحوا مع تربية الكلاب والقطط والإساءة المنهجية للخنازير".
ولأن هذا العالم غير عادل عندما يتعلق الأمر بالجوع والرحمة الإنسانية فإن ليا جارسيس، رئيسة منظمة الرفق بالحيوانات تقول "إن الخنازير قادرة على الشعور بالبهجة والروابط الاجتماعية والألم والخوف والمعاناة تمامًا مثل الكلاب والقطط التي نشاركها منازلنا. وعدم الاهتمام برفاهية الخنازير يتسم بالفظاعة الأخلاقية".