عباس يوازن علاقته بين قطر ومحور الاعتدال في ظل تحولات إقليمية عاصفة

الدوحة- بدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأحد زيارة إلى قطر هي الثالثة له خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن زار كلا من مصر والأردن، فيما بدا الهدف من هذه التحركات ترتيب أوراقه الإقليمية على ضوء التحولات الطارئة على المنطقة، ورهانه على إدارة جو بايدن لتقليل الخسائر التي تكبدتها القضية الفلسطينية خلال عهد الرئيس دونالد ترامب.
وحطت في مقر السلطة الفلسطينية في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، في وقت سابق طائرتان مروحيتان لنقل عباس والوفد المرافق له إلى الأردن، التي توجه عبرها إلى قطر.
التقى الرئيس الفلسطيني نهاية الشهر الماضي كلا من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، قبل أن يتوجه إلى مصر للاجتماع مع الرئيس المصري
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، يلتقي عباس خلال الزيارة التي تستغرق يومين، بأمير قطر الشيخ تميم بين حمد آل ثاني، و”سيبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وسبل دعمها وتعزيزها، إضافة إلى المستجدات السياسية على الساحة الفلسطينية وفي المنطقة”. وقالت الوكالة إن الوفد المرافق للرئيس “سيلتقي بنظرائه من المسؤولين القطريين لبحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك”.
ويرى مراقبون أن السلطة الفلسطينية تحاول بلورة استراتيجية في مواجهة الأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية، لاسيما في ضوء اتفاقات السلام التي نجحت إسرائيل في إبرامها مع أربع دول عربية إلى جانب دول الطوق.
وتسعى السلطة إلى الحفاظ على العلاقة مع محور الاعتدال بالتوازي مع تعزيز روابطها مع قطر وتركيا لتوسيع هامش المناورة والتحرك الذي يبدو ضيقا، على أمل أن تعيد إدارة جو بايدن نوعا من التوازن بعد أن تراجع الملف الفلسطيني على سلم الأولويات.
ويقول رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، سمير غطاس، إن أبومازن يريد استثمار علاقة قطر الجيدة بالجانبين الأميركي والإسرائيلي.
وأضاف لـ”العرب”، أن أبومازن يراهن على حدوث تغير في الموقف الأميركي بعد وصول بايدن إلى السلطة، في ظل وعود الأخير بافتتاح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وقنصلية أميركية في القدس الشرقية، وإعادة الدعم المالي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
وأوضح أن الرئيس الفلسطيني يأمل كثيرا في بايدن، الذي أعلن معارضته لضم أراض من الضفة الغربية لإسرائيل، ويتمسك بموقف واشنطن التقليدي من اعتبار المستوطنات غير شرعية.
ورجح سمير غطاس ألا ينجح بايدن في إيجاد حل دولتين في فترته الأولى فالطريق صعب للغاية، كما توقع أيضا ألا يتحمس لمساعي السلطة الفلسطينية لعقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات يعتمد على الشرعية الدولية من أجل إقرار ذلك.
وشهدت الفترة الأخيرة عودة النشاط الخارجي لعباس (85 عاما) بعد توقف لأشهر بسبب تفشي فايروس كورونا المستجد في الأراضي الفلسطينية حيث اكتشفت أول الإصابات في الخامس من مارس الماضي.
والتقى الرئيس الفلسطيني نهاية الشهر الماضي كلا من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، قبل أن يتوجه إلى مصر للاجتماع مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
في الأردن، أطلع عباس العاهل الأردني على مجمل التطورات على الساحة الفلسطينية، وتشاورا في جملة من القضايا ذات الأهمية. ودعا عبدالله الثاني خلال استقباله عباس في مدينة العقبة على البحر الأحمر (328 كلم جنوب عمان) إلى “ضرورة تكثيف الجهود الدولية لتحقيق السلام العادل والدائم وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على أساس حل الدولتين”.
السلطة الفلسطينية تحاول بلورة استراتيجية في مواجهة الأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية، لاسيما في ضوء اتفاقات السلام
وكان لقاؤه بالرئيس المصري تشاوريا، تم خلاله البحث في آخر المستجدات السياسية والإقليمية والدولية. كذلك التقى عباس بالأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط حيث شهد اللقاء استعراضا شاملا لمختلف جوانب القضية الفلسطينية في أعقاب التطورات الأخيرة التي وقعت وتداعياتها، وفي مقدمها نتائج الانتخابات الأميركية.
ولم يستبعد غطاس أن يعرج عباس بعد زيارته لقطر إلى السعودية، في ظل موقفها الخاص بربط إمكانية التطبيع بشرط التوصل لحل الدولتين والتمسك بالمبادرة العربية، التي في الأساس سعودية، ومحاولة وضعها على مكتب بايدن، قبل عقد القمة العربية في مارس المقبل، والتي يمكن للرياض أن تلعب دورا مهمّا فيها.
وتأتي تحركات الرئيس الفلسطيني أيضا، بعد نحو شهر على إعلان السلطة الفلسطينية عودة التنسيق الأمني مع إسرائيل والذي كان انقطع في مايو احتجاجا على مخطط إسرائيل ضم 30 في المئة من مساحة الضفة الغربية والمتمثلة بمنطقة غور الأردن الاستراتيجية. وتحتاج رحلات عباس الخارجية إلى تنسيق مع الجانب الإسرائيلي.