عالم كل ما فيه قابل للتزييف

هناك قصص مثيرة للرعب تُنشر يوميا عن التزييف العميق بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي التوليدي. ندعو الله أن لا نكون من بين ضحاياها.
الجمعة 2025/03/28
التزييف عالم مليء بالقصص الغريبة

آلاف الفرنسيين الذين يفاخرون بعمق معرفتهم بأنواع النبيذ الفاخر، اشتروا فيما بينهم نصف مليون قارورة نبيذ إسباني رخيص، على أنه شمبانيا من إنتاج منطقة شامبان الفرنسية، المعروفة بإنتاج هذا المشروب.

المحتال الذي خدع متبجحين يدّعون القدرة على التمييز بين الغث والثمين، لم يُكتشف من قبل الذواقة الذين تستعين بخبراتهم المطاعم الفاخرة، وظل يخدعهم طيلة عام كامل، إلى أن كشفه عامل في مصنع مجاور لاحظ وجود زجاجات شمبانيا فارغة في منطقة لا يُنتج فيها هذا المشروب، مما أثار ريبته.

اعترف المحتال بفعلته، وهو يواجه الآن عقوبة تصل إلى خمس سنوات سجنا.

مزيف النبيذ واحد بين آلاف المزيفين الذين اختاروا تزييف السلع، بدءا بأغلى أنواع العطور، وانتهاء بقائمة طويلة من الملابس، والأحذية، والحقائب التي تُصنع في الصين ودول العالم الثالث، لتُضاف إليها فيما بعد أسماء شهيرة لمصنعين ومصممين.

لا تستغرب وأنت تسير في واحدة من الأسواق الشعبية أن ترى هذه السلع المزيفة تباع على الأرصفة على أنها سلع أصلية، بنصف الثمن أو أقل. والغريب في الأمر أن غالبية المشترين لهذه السلع يعرفون أنها مزيفة، وعندما تسألهم لماذا تشترونها؟ يكون الرد “نحن نشتري الاسم!”

في السابق، عندما كنا نسمع خبرا يتعلق بالتزييف، كان الحديث يدور حول تزييف العملة، والمجوهرات، والقطع الأثرية، والأعمال الفنية. وكان المزيفون خبراء في مجالهم، وصلوا حدا من الإتقان، إلى درجة أن هناك قطعا فنية مزيفة عُلقت في متاحف شهيرة ولم يتم اكتشاف أمرها إلا بعد سنين طويلة، رغم الكم الهائل من الخبراء الذين توظفهم هذه المتاحف، وبعد أن وقف أمامها آلاف الزوار.

التزييف عالم مليء بالقصص الغريبة، يذكرها الناس لطرافتها التي تكشف عن براعة البشر في الخداع والتحايل، وأحيانا عن سذاجة من وقعوا ضحية لها.

من أغرب هذه القصص، قصة تعود إلى القرن التاسع عشر، عندما ظهر رجل يُدعى جيمس ريفز في الولايات المتحدة مدعيا أنه أمير ألماني منفي. استخدم ملابسه الفاخرة وسلوكه الأرستقراطي لإقناع الناس بتمويل حياته الفاخرة. الغريب أنه استمر في خداع الناس لسنوات قبل أن يُكشف أمره.

وفي عام 1911، سُرقت لوحة الموناليزا من متحف اللوفر الباريسي الشهير، وأثناء البحث عنها، ظهرت نسخ عديدة مزيفة، حاول أصحابها بيعها على أنها الأصلية!

وفي القرن الثامن عشر، قام رجل يُدعى ويليام تشالونر بتزييف العملات الذهبية البريطانية. كان يُعتبر من أمهر المزيفين في عصره، حتى إن الحكومة البريطانية استعانت بخبراء لكشف عملاته المزيفة.

التزييف طال حتى المدن. خلال الحرب العالمية الثانية، قامت اليابان ببناء مدينة مزيفة بالكامل، بما في ذلك المباني والسيارات، لخداع الطائرات الأميركية. والطريف أن المدينة احتوت على تفاصيل دقيقة، مثل إشارات المرور وأشخاص مزيفين.

ولم ينجُ الفضاء من المزيفين. في الستينات، ادّعى رجل يُدعى جورج آدامسكي أنه تلقى رسائل من كائنات فضائية، وقدم صورا مزيفة لسفنهم. ومن يومها، كثُر الحديث عن وجود حياة خارج الأرض، بناءً على “أدلته”.

اليوم، هناك قصص مثيرة للرعب تُنشر يوميا عن التزييف العميق بالاستعانة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي. ندعو الله أن لا نكون من بين ضحاياها.

18