"عادل مش عادل" سيناريو ضعيف وأداء باهت لأحمد الفيشاوي

فيلم ترفيهي لم يجذب الجمهور إلى صالات السينما.
السبت 2025/01/25
كوميديا لم تقنع المشاهد

رغم مراهنته على الممثل أحمد الفيشاوي بصفته أكثر نجوم جيله إثارة للجدل في مصر، إلا أن فيلم “عادل مش عادل” للمخرج أحمد يسري لم يحقق النجاح المنتظر ولم يستطع تحقيق إقبال جماهيري وإنما عمق مشكلة الفيشاوي مع السينما، حيث لم يتمكن من النجاح في البطولات الفردية.

الرباط - تظل العلاقة بين الأبناء وآبائهم في عالم الفن محط اهتمام الكثير من الجمهور والنقاد، إذ يتوقع الكثيرون أن يحقق الأبناء النجاح نفسه الذي حققه الآباء الذين وضعوا بصماتهم في الساحة الفنية. وفي الوقت الذي شهد فيه العديد من الأبناء مثل أحمد الفيشاوي والراحل هيثم أحمد زكي صعوبات كبيرة في تحقيق النجاح المستدام، نجد في المقابل أبناء آخرين مثل محمد إمام وكريم محمود عبدالعزيز استطاعوا أن يثبتوا أنفسهم في الساحة الفنية ويحجزوا لأنفسهم مكانة بفضل موهبتهم وقدرتهم على التفوق.

ويمثل هذا التفاوت بين أبناء الفنانين من حيث الموهبة نقطة نقاش مثيرة حول الأسباب التي قد تساهم في نجاح بعضهم وفشل آخرين، فهل يعود ذلك إلى الموهبة الفطرية أم إلى فرص العمل المتاحة لهم أو ربما إلى توجيهات آبائهم؟ أسئلة تبقى مفتوحة، لكن الأكيد أن هناك فارقا بين من يستطيع بناء إرث فني خاصا وبين من يظل يعيش في ظل نجومية والده أو والدته.

ومن أحدث أعمال أبناء الفنانين يأتي فيلم “عادل مش عادل” الذي يلعب بطولته أحمد الفيشاوي ابن النجم الراحل فاروق الفيشاوي.

 تدور أحداث الفيلم الذي أخرجه أحمد يسري في إطار كوميدي حول المحامي الشاب عادل الأمين، الذي يعيش حالة من التخبط بسبب سوء حظه وتورطه في شهادة الزور، فيجد نفسه في مواجهة أحداث غامضة ومفاجآت غير متوقعة تدفعه إلى محاولة فهم ما يحدث في حياته.

ب

الفيلم من سيناريو حسام كمال وأدهم سعيد، و بطولة كل من أحمد الفيشاوي وشيري عادل ومحمود البزاوي ودينا ومحمد رضوان.

لم يوفق سيناريو الفيلم في تقديم معالجة محبوكة لقضية فساد مهنة المحاماة وكيفية توظيف شهادة الزور، التي تعدّ واحدة من القضايا الأخلاقية والاجتماعية المهمة، فبدلا من التركيز على تداعيات هذه الممارسات على الأفراد والمجتمع، تم تناولها بأسلوب سطحي وساذج، وكأنها مجرد فكرة مضافة لخلق سياق للأحداث الكوميدية، وغابت عن النص أي محاولة لتقديم مواقف تعكس حجم الخطورة الحقيقية لشهادة الزور أو الإشارة إلى الصراع الداخلي الذي قد يعيشه محام فاسد مثل عادل، بينما تم تضخيم الأحداث بشكل كاريكاتوري أفقد القصة جديتها وجعلها غير قادرة على إقناع المشاهد أو خلق تعاطف لديه مع الشخصيات.

ولم تظهر المشاهد انسجاما بين الشخصيات الرئيسية وبين طبيعة القصة المطروحة، فمثلا جاءت شخصية عادل المحامي الفاسد سطحية ولم يتم تطويرها بما يتناسب مع الخطوط الدرامية للقصة، كما أن التحولات اليومية التي يمر بها من محام فاسد إلى شخصيات هزلية أخرى مصطنعة وغير مبررة دراميا أضعفت مصداقية القصة، في حين لم تتمكن الشخصيات المساندة مثل الضحايا أو الشخصيات المحورية الأخرى من إضافة روابط للقصة، بل بدت أقرب إلى شخصيات عابرة لا دور لها في تعزيز حبكة العمل، وهذا التناقض بين طبيعة القصة وطريقة بناء الشخصيات جعل العمل يبدو مفككا وغير متماسك.

ومن بين العناصر القليلة التي يمكن الإشادة بها في الفيلم هو الأداء المميز لمحمود البزاوي في دور  أدهم، فقد استطاع أن يبرز حضورا قويا وشخصية متماسكة، وعلى الرغم من الثغرات الواضحة في النص وضعف الحبكة فقد قدم أداء مقبولا أضاف نوعا من الجدية والواقعية إلى المشاهد التي شارك فيها وسط الأداء المتفاوت لبقية فريق العمل.

الفيشاوي لم يقدم أداء يرقى إلى مستوى التوقعات وذلك بسبب ضعف النص وعدم انسجام شخصيته مع تطورات القصة

وقدمت شيرين عادل أداء مقبولا في شخصية غادة، حيث استطاعت تجسيد دورها دون مبالغة، بينما الحقيقة أن النص لم يتمكن من إعطائها مساحة أكبر لتطوير شخصيتها لكنها ظهرت بمستوى أدائها المعتاد، في حين جاء ظهور دينا ومحمد رضوان باهتا وضعيفا ولم يتمكنا من ترك أي أثر يُذكر لدى المشاهد، ويرجع ذلك إلى ضعف كتابة أدوارهما، حيث بدت شخصيتاهما كإضافتين غير ضروريتين لا تحملان أي وزن درامي حقيقي.

ولم يستطع الفيشاوي في هذا الفيلم تقديم أداء يرقى إلى مستوى التوقعات، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى ضعف النص وعدم انسجام شخصيته مع تطورات القصة، فبدا أداؤه غير مستقر وكأنه يعتمد على محاولات فردية لإنقاذ الشخصية دون أن يجد دعما كافيا من السيناريو. ويبدو أن الخيارات غير المدروسة التي يعتمدها الفيشاوي في انتقاء أدواره أصبحت سمة متكررة في مسيرته الفنية رغم قدرته على تقديم أدوار لافتة في أفلام البطولة الجماعية مثل فيلم “أولاد رزق”.

وبدأ أحمد الفيشاوي مسيرته الفنية منذ الصغر، حيث ظهر لأول مرة في “ملحمة كبريت” وهو في الخامسة من عمره، ثم واصل المشاركة في أعمال فنية في طفولته لكنها لم تحقق النجاح الكبير الذي يوازي مكانته العائلية الفنية، ثم انتقل للمشاركة في “المرشد” مع والده فاروق الفيشاوي، ولكن مسيرته تواصلت في ظل النجاح المحدود، كما شارك في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية مثل “وجه القمر” و”البطل” و”حديث الصباح والمساء”، لكن تلك الأعمال لم تترك الأثر الكبير المتوقع من فنان ناشئ. وتابع العمل في السينما خلال بداية الألفية الثانية، لكنه فشل في تحقيق النجاح المؤثر في معظم أدواره، مما جعله يقارن مع فنانين آخرين استطاعوا أن يثبتوا أنفسهم في السينما والتلفزيون.

وظهر في عدة أفلام مثل “البلياتشو” و”شيخ جاكسون” و”ساعتين ونصف”، ولكنه لم ينجح في ترك بصمة قوية في تلك الأعمال مقارنة بأسماء فنية أخرى. كما لم تتكلل مسيرته بمشاريع تتيح له التميز عن غيره، بل بقيت أعماله في إطار الإحباط الفني النسبي، بينما واجه تحديات كثيرة على المستوى الشخصي، بداية من قضية زواجه العرفي من هند الحناوي وصولا إلى القضايا الإعلامية المتعلقة بابنته لينا. هذه القضايا أثرت بشكل كبير على صورته العامة، وأدت إلى تركيز إعلامي وجماهيري على حياته الخاصة أكثر من أعماله الفنية، مما جعل صورته الفنية تتأثر بشكل سلبي أمام الجمهور.

Thumbnail

واستمر أحمد الفيشاوي في تقديم أعمال سينمائية وتلفزيونية، لكنه في الكثير من الأحيان ظل عرضة للمقارنة مع فنانين آخرين، ولتساؤل الجمهور حول سبب فشل العديد من أعماله الفنية التي لم تواكب مستوى التوقعات.

وأحمد يسري مخرج هذا الفيلم هو مخرج وكاتب سيناريو مصري، بدأ مشواره الفني مبكرا بعد تخرجه في عام 1996 من أكاديمية الفنون، حيث درس في المعهد العالي للسينما وتخصص في الأفلام الروائية الطويلة، كما درس موسيقى الكليبات، والإعلانات التلفزيونية، والبرامج التلفزيونية، والأفلام الوثائقية. انطلق في مشواره المهني عام 1995 عندما بدأ العمل كمساعد مخرج مع المخرج طارق العريان في مجال الموسيقى والفيديو كليب والإعلانات التلفزيونية، ثم واصل مسيرته بالانتقال إلى قناة النيل للترفيه في عام 2006، حيث أخرج البرامج التلفزيونية والعروض الحية، وعمل مع عدد من أشهر المطربين مثل مي سليم، إيوان، بشرى، دوللي شاهين، محمد علاء، عباس إبراهيم، شذى وحاتم فهمي.

وقدم أحمد يسري عدة أعمال سينمائية وتلفزيونية مميزة، حيث أخرج فيلم “45 يوم” في 2007، وفيلم “بوشكاش” في 2008، ثم فيلم “حفل زفاف” في 2009. في السنوات الأخيرة، أخرج مسلسل “شارع عبدالعزيز” في 2011، ومسلسل “طاقة حب” في 2020، كما أخرج مسلسل “إلا أنا 2” في 2021. علاوة على إخراجه، شارك في تأليف البعض من أعماله، مثل “45 يوم” و”حفل زفاف”.

13