طوارئ الجائحة تحفز نمو التجارة الإلكترونية في المغرب

800 مليون دولار حصيلة المدفوعات الرقمية خلال عام 2021.
الأربعاء 2022/03/16
بكبسة زر ورصيد في الحساب البنكي يمكنك شراء ما تريد

منحت حالة الطوارئ التي فرضتها الأزمة الصحية حافزا كبيرا لشريحة واسعة من المغاربة للمضي قدما في اعتماد تجربة الدفع الإلكتروني في المعاملات التجارية، وخاصة في قطاع البيع بالتجزئة، بعدما حققت قفزة ملحوظة خلال العامين الماضيين.

الرباط  - ساهم تغير سلوك المستهلك في التسوق الرقمي في تزايد نمو سوق التجارة الإلكترونية بالمغرب، بعدما دفع الوباء عددا كبيرا من المواطنين إلى الشراء عبر الإنترنت، واستقبال الطلبيات في المنزل كوسيلة لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية.

ويؤشر ارتفاع عمليات الدفع بواسطة بطاقات الائتمان على تفضيل المغاربة الشراء عبر الإنترنت للمنتوجات ذات الاستهلاك الواسع خلال العامين الأخيرين، دون أن يحل بشكل كامل محل عمليات الشراء من المتاجر التقليدية.

وبحسب المعطيات الصادرة عن مركز النقديات، سجل نشاط الأداء عبر الإنترنت نموا قويا خلال 2021 بزيادة بلغت 45 في المئة في عدد العمليات، و28.1 في المئة على مستوى المبلغ الإجمالي المدفوع بمقارنة سنوية.

وأكد أعنوز عبدالحق، الباحث في قانون الأعمال والتجارة الإلكترونية، أن تقنية المعلومات والاتصالات أثرت بدرجة كبيرة على كافة مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالمغرب.

وقال في تصريح لـ”العرب”، “لقد طغى مفهوم التجارة الإلكترونية من خلال استخدام الشبكات الاجتماعية على التعاملات التجارية، بما فيها إنتاج وتوزيع السلع والخدمات”.

أعنوز عبدالحق: التسوق الرقمي في البلاد خرج منتصرا من الجائحة

وأضاف “التجارة الإلكترونية بالبلاد خرجت منتصرة من جراء الجائحة، وعززت موقعها في المشهد الاقتصادي” المحلي.

ورصدت إحصائيات مركز النقديات حول النشاط النقدي المغربي في عام 2021، أن الأداء عبر الإنترنت بالبطاقات البنكية المغربية والأجنبية سجل حوالي 20 مليون عملية، بقيمة ناهزت 7.7 مليار درهم (800 مليون دولار).

وأبرز آخر تقرير لمنصة جوميا للتجارة الإلكترونية بخصوص أهمية ووقع التسوق الرقمي، أن هذا التحول يندرج بالنسبة للمغرب في إطار ديناميكية واسعة للتحول الاقتصادي الذي تعرفه البلاد.

وأشار خبراء جوميا في تقرير نشر مؤخرا، تم إعداده بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الاقتصادية وشركة التمويل الدولية ومجموعة ماستر كارد، إلى أن شريحة الشباب وسكان المدن وكافة الناس الشغوفين بالتكنولوجيا هم الذين قادوا هذا الارتفاع في عمليات التسوق الإلكتروني.

كما أشاروا إلى أن عددا ملحوظا من التجار والحرفيين المحليين في المغرب، تمكنوا أيضا من مواصلة تسويق منتجاتهم بفضل التجارة الإلكترونية.

وذكر التقرير أن التجارة الإلكترونية تساهم بفعالية في تحديث وهيكلة القطاع التجاري في المغرب، وذلك من خلال تحفيز الانتقال صوب اقتصاد رقمي مرن ومتأقلم وأكثر تنافسية وازدهارا.

لكن الخبراء لاحظوا في الوقت نفسه أنها لم تبلغ بعد المستوى المنشود، بالنظر إلى الامتيازات التي يتمتع بها المغرب.

وثمة جهود تبذل من قبل المنصات التجارية والتسويقية التي تعول على نشاطها من الإنترنت، لأجل إحداث تحول في مزيج مختلف أصناف السلع، خاصة منتجات الموضة والتجميل والسلع الاستهلاكية سريعة التداول.

ويقول عبدالواحد رحال، المدير العام للتجارة لدى وزارة الصناعة والتجارة، إن الحكومة تسعى إلى إيجاد منظومة بيئية للابتكار تتمحور حول التكنولوجيا الرقمية، وتكون في خدمة قطاع التجارة والتوزيع، وعلى الخصوص في خدمة التجارة الإلكترونية.

وأكد أن كل هذه الجهود التي تتم بالتعاون مع الشركاء المؤسساتيين والقطاع الخاص، تهدف إلى تشجيع التحول الرقمي وإشاعة استعمال الوسائل الكفيلة بتعزيز التجارة عبر الأدوات والقنوات الرقمية، دون إغفال مسألة حماية مصالح المهنيين والمستهلكين.

ويهمين الأداء في المتاجر الكبرى على حصة الأسد من عمليات الدفع بالبطاقات البنكية المغربية بنسبة 26 في المئة، تليه الملابس بنسبة 11.3 في المئة، والأثاث والأجهزة المنزلية بنسبة 5.8 في المئة، والنسبة ذاتها بخصوص المطاعم.

عبدالواحد رحال: نسعى لجعل التكنولوجيا في خدمة التجارة والتوزيع

ويشمل النشاط النقدي عمليات عدة، من بينها السحب من الصرافات الآلية وعمليات الدفع لدى التجار التقليديين والمتاجر الإلكترونية.

ووفق معطيات مركز النقديات، فقد شهد النشاط النقدي انتعاشا كبيرا بنهاية العام الماضي، حيث ارتفع الحجم الإجمالي للنشاط بحوالي 17.8 في المئة من حيث العمليات، و15.4 في المئة من حيث المبلغ الإجمالي المدفوع.

وسجلت المحلات التجارية والتجارة الإلكترونية المنخرطة في مركز النقديات 24.2 مليون عملية بواسطة البطاقات البنكية، بمبلغ إجمالي قدره 9.9 مليار درهم (نحو مليار دولار)، أي بنسبة ارتفاع بلغت 5.8 في المئة في العدد وانخفاض بنسبة 13 في المئة في المبلغ.

وبناء على سعي المغرب إلى تعزيز التجارة الإلكترونية بين الشركات والمستهلكين، احتل البلد المرتبة 95 عالميا ضمن 152 دولة، في مؤشر يصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” سنويا حول التجارة الإلكترونية.

كما تم تصنيف البلد ضمن أكثر عشرة اقتصاديات نامية وانتقالية في القارة الأفريقية في مؤشر التجارة الإلكترونية.

ومع هذا التحول نحو اقتصاد رقمي بالمغرب، شدد عبدالحق في تصريح لـ”العرب” على فرض الضرائب على هذا النوع من التجارة، من أجل توفير موارد مالية مهمة لخزينة الدولة، وتحقيق العدالة الضريبية وإرساء قواعد النموذج التنموي الجديد.

ولدى السلطات التنظيمية حزمة من التشريعات والقوانين لتنظيم التجارة الإلكترونية، من بينها مدونة التجارة وحماية المستهلك والأداء الإلكتروني والأمن السيبراني، ساهمت في تعزيز الثقة في التجارة الإلكترونية والحماية من الاحتيال والغش.

وأكد رياض مزور، وزير التجارة والصناعة، أن التجارة الإلكترونية بالبلاد شهدت منذ ظهور الجائحة تطورا ملحوظا وإقبالا كبيرا من طرف المستهلكين.

وتشير التقديرات إلى أن هذه التجارة ساهمت بنحو 0.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد خلال العام الماضي.

كما أنها وفّرت فرص عمل في الأنشطة المتعلقة بالاتصالات والتكنولوجيات واللوجستيات، وكان لها الفضل في الرفع من رقم معاملات الشركات بفضل اعتمادها على الإنترنت والانفتاح على الأسواق المحلية والدولية.

10