طنجة تتحول إلى أكبر ميناء على البحر المتوسط

تدشين ميناء طنجة المتوسط 2 سيكون مؤشرا على نجاح سياسة المناولة، التي يعمل عليها المغرب في مجموعة من المناطق الحرة.
الجمعة 2019/06/28
بوابة تجارية تدعم اقتصاد المغرب

عزّز المغرب رهانه على إحداث تحولات جذرية في ميناء طنجة ليصبح أكبر موانئ البحر المتوسط، بإطلاق أعمال التوسعة الجديدة لزيادة طاقته التشغيلية القصوى وتوسيع دوره المحوري ليكون في صدارة بوابات التجارة في المنطقة.

طنجة (المغرب)- يتأهب المغرب لبدء نشاط مرافئ جديدة في ميناء طنجة ليتفوق على أكبر ميناءين على البحر المتوسط من حيث طاقة استيعاب الحاويات مع اجتذاب المزيد من الاستثمار والصناعات التحويلية إلى البلاد.

وهناك قناعة بأن الميناء سيكون القبلة الأولى في غضون سنوات متجاوزا أكبر بوابتين تجاريتين في المنطقة، كل من ميناءي ألخثيراس (الجزيرة الخضراء) وبلنسية الإسبانيين، بالتزامن مع تطوير الخدمات اللوجستية وتوسع رقعة انتشار الشركات في المنطقة الحرة المجاورة له.

وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة الرباط، محمد ياوحي، لـ”العرب” إن “تدشين ميناء طنجة المتوسط 2 سيكون مؤشرا على نجاح سياسة المناولة، التي يعمل عليها المغرب في مجموعة من المناطق الحرة”.

وأضاف “سيمكن الميناء الجديد من معالجة عدد أكبر من الحاويات القادمة من مختلف موانئ البلاد وكذلك تسهيل عملية عبور المسافرين”. وأكد أن المغرب يستفيد من موقعه الاستراتيجي ومن الدعم الذي يقدمه الملك محمد السادس للموانئ الحرة كقاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.

وحتى تنجح سياسة المناولة بشكل صحيح ويتمكن المغرب من نقل الصناعة والتكنولوجيا، شدد الخبير المغربي على مسألة تحفيز الشركات المحلية للدخول كشريك في الأنشطة الصناعية واللوجستية والخدماتية مع الشركات الدولية التي تعمل في المنطقة الصناعية المجاورة.

وشهد الميناء الواقع على مرمى حجر من مضيق جبل طارق، أعمال توسعة كبيرة خلال العامين الماضيين، في الوقت الذي عمل فيه بأقصى طاقته بعد أن تم تزويده في فبراير العام الماضي بثلاث من أكبر رافعات السلع في العالم.

محمد ياوحي: المغرب سيزيد من تجارته الخارجية أكثر عبر توسعة ميناء طنجة
محمد ياوحي: المغرب سيزيد من تجارته الخارجية أكثر عبر توسعة ميناء طنجة

وذكر موقع الميناء الإلكتروني أن ميناء طنجة المتوسط 2 يمثل المرحلة الثالثة من تطوير المركب المينائي طنجة المتوسط، جنبا إلى جنب مع طنجة المتوسط 1 وميناء الركاب والسفن. وتدير مرافئ الميناء شركة أي.بي.أم تيرمينال، وتملكها ميرسك الدنماركية ويورجيت الألمانية بالشراكة مع شركة محلية.

ونسبت وكالة رويترز لمدير ميناء طنجة رشيد الهواري قوله إن “الميناء سيضيف نحو 6 ملايين حاوية أخرى إلى طاقته الاستيعابية السنوية بعد توسعة بلغت تكلفتها 1.3 مليار يورو”. وتشير الأرقام إلى أن الميناء، وهو بالفعل أكبر بوابة تجارية في أفريقيا، تعامل في العام الماضي بحجم مناولة بلغت 3.5 مليون حاوية نمطية (20 قدما).

ويأمل المغرب أن يصل حجم مناولة الحاويات بالميناء، الذي يتيح منصة للصادرات من مصانع الإنتاج المحلية لشركات فرنسية مختصة في صناعة السيارات مثل رينو وبيجو، إلى 4.5 مليون حاوية بنهاية العام الحالي، ليعادل مستوى ميناء ألخثيراس في جنوب إسبانيا.

كما تطمح السلطات في الميناء الواقع على الطرف الغربي لساحل البحر المتوسط، على الجهة المقابلة للساحل الإسباني مباشرة، بالاستفادة من دوره كنقطة اتصال لشركات شحن الحاويات، على الأخص بين أفريقيا وأوروبا وآسيا.

وأكد الهواري أنه يأمل بإضافة مليون حاوية سنويا، لكنه امتنع عن تقديم توقعات أكثر دقة للأحجام في المستقبل، قائلا إن “المرفأ الأصلي وصل إلى 3.5 مليون حاوية في 6 سنوات فقط”.

وأضاف أن “نحو 90 بالمئة من أحجام الحاويات التي تمر عبر الميناء هي حاويات ترانزيت تتجه إلى وجهات أخرى”. وأوضح أن غرب أفريقيا تشكل أكبر سوق بحصة قدرها 40 بالمئة، وهي منطقة توسعت فيها الشركات المغربية بكثافة في السنوات الماضية.

في المقابل، تتجه حوالي 20 بالمئة من إجمالي حجم الحاويات إلى أوروبا و10 بالمئة إلى القارتين الأميركيتين. وكان المغرب قد استثمر حوالي مليار يورو في المرفأ الأول، وهو ما وفر نحو ستة آلاف فرصة عمل في الميناء و70 ألفا أخرى في منطقة تجارية في المنطقة.

ويقع الميناء على بعد نحو 50 كيلومترا إلى الغرب من طنجة، المدينة الرئيسية في شمال المغرب، وهو ما يتيح مجالا للتوسع. وتمتلك طنجة أيضا مرفأ عبارات ينقل 40 ألف شخص يوميا في ذروة الموسم الصيفي، مع قيام المغاربة الذين يعيشون في أوروبا بعبور البحر المتوسط.

ويتوقع أن يقلص الميناء الجديد فترات الانتظار ويسمح بتخفيف الضغط، الذي كان يخنق وسط طنجة، حيث تظهر البيانات عبور أكثر من 300 ألف شاحنة من الحجم الكبير عبر جزء من طريق سريع يلف المدينة في العام الماضي.

المغرب يأمل أن يصل حجم مناولة الحاويات بالميناء، الذي يتيح منصة للصادرات من مصانع الإنتاج المحلية لشركات فرنسية مختصة في صناعة السيارات مثل رينو وبيجو، إلى 4.5 مليون حاوية بنهاية العام الحالي

وذكر نائب المدير العام للسلطة المينائية طنجة المتوسط، حسن عبقري، في تصريحات إعلامية أن ميناء طنجة يوفر خطوط بحرية منتظمة مع كل من الجزيرة الخضراء وموتريل في إسبانيا وسيت الفرنسية وجنوة وسافونا في إيطاليا.

كما أكد رئيس المجلس المديري للوكالة الخاصة طنجة المتوسط، سعيد الهادي، أن هناك هامشا كبيرا للنمو بالنسبة للميناءين طنجة المتوسط والجزيرة الخضراء، وسيتمكنان معا خلال السنوات العشر القادمة من معالجة 16 مليون حاوية سنويا.

ويؤكد خبراء أن الأمر، الذي سوف يعزز طموحات الرباط في جعل الميناء في صدارة موانئ المنطقة هو حصوله على شهادة الميناء الصديق للبيئة في مارس 2016 من طرف المنظمة الأوروبية للموانئ (إيسبو)، ليكون بذلك أول ميناء على الصعيد الأفريقي يحصل على هذه العلامة.

ويرتبط الميناء بأكثر من 186 ميناء آخر حول العالم في أكثر من 77 بلدا، ويقع بالقرب من المنطقة الصناعية الحرة، التي تعمل بها نحو 900 شركة في صناعات مختلفة تشمل السيارات والأقمشة والأجهزة الإلكترونية والملاحة الجوية واللوجستية والغذائية وغيرها من الأعمال ذات القيمة المضافة. وتوظف المنطقة نحو 70 ألف شخص، بحجم إيرادات بلغ 5.5 مليار يورو سنويا، وفق بيانات إدارة الميناء.

وتمكن الميناء، من تحقيق قفزة كبيرة منذ إنشائه في عام 2007، حيث تظهر البيانات أنه استقبل بنهاية عام 2017، أكثر من 51.3 مليون طن من البضائع ونحو 3.3 مليون حاوية. ويرى ياوحي أنه من الضروري الإسراع في افتتاح ميناء الناظور غرب المتوسط حتى يسهم في تقديم الدعم أكثر وتعزيز التكامل مع ميناءي طنجة والمنطقة الحرة بالقنيطرة.

11