طموحات أردنية لإقامة 30 مدينة ذكية

كشفت السلطات الأردنية عن خطة طموحة لبناء مدن ذكية تكون عصرية وصديقة للبيئة، وسط جدل واسع داخل الأوساط الاقتصادية والشعبية حول كلفة المشاريع الضخمة، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة مالية خانقة منذ سنوات نتيجة الظروف الإقليمية التي أثرت على البلاد.
عمان - أطلقت الجمعية الأردنية للمدن الذكية المرحلة الأولى لخارطة الأردن للمدن الذكية، في إطار خطط التحول التدريجي إلى بناء مدن صديقة للبيئة من خلال الاعتماد على بنية تحتية متطورة.
وتشكّل الخطوة تحديا كبيرا للسلطات، وفق الخبراء، نظرا إلى ما تواجهه البلاد من أزمات عجزت عن حلّها طيلة السنوات الماضية.
وتعتبر الحكومة هذا البرنامج الطموح مشروعا حيويا واستراتيجيا، علاوة عن كونه خطوة مستقبلية مهمّة تهدف إلى تقديم حياة أفضل للسكان عبر تحسين الخدمات، وتوفير السكن الملائم وتوفير فرص عمل جديدة وتوطين الاستثمارات فيها.
وتشمل الخارطة تحويل قرابة 30 مدينة في 13 منطقة بالبلاد، من بينها العاصمة عمان والكرك والزرقاء والعقبة وإربد، إلى كيانات عصرية تنسجم مع التوجهات العالمية تتعامل بشكل أكبر مع التكنولوجيات الحديثة.
ورغم تفاؤل المسؤولين بشأن إنجاز هذه المشاريع، التي تحتاج إلى تمويلات كبيرة، لكن البعض يؤكد أن المشكلة الأساسية تتمثل في طريقة استقطاب المستثمرين وتشجيعهم على القيام بأعمالهم في البلاد.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية لرئيس الجمعية محمد الطعاني قوله إن “هدف التحول التدريجي للمدن الذكية هو تقليل حركة السيارات وتوسيع الممرات للمشاة واستخدام الشبكات الذكية”.
وأشار الطعاني، الذي شغل منصب أمين عام الهيئة العربية للطاقة المتجددة، أن الحكومة تسعى إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة وزيادة السيارات الكهربائية المستخدمة ومحطات الشحن المتطورة في تلك المدن.
وتعدّ المدن الذكية مدنا رقمية ومتصلة تمكن من جمع ما يكفي من البيانات في الوقت الفعلي أو بفارق صغير عنه من جميع المناطق وبناها التحتية ومبانيها ووسائل المواصلات فيها ومرافقها وبيئتها وغير ذلك.
وهناك اتجاه عالمي نحو التقليل من الانبعاثات الضارّة للغلاف الجوي، الذي تضرر في العقد الأخيرة من أدخنة المصانع والسيارات، من خلال التركيز على التكنولوجيا في كافة مناحي الحياة.
وتشير التقديرات لجهات دولية أن المدن لا تمثل اليوم سوى اثنين بالمئة من سطح الكوكب، ولكنها تضم نحو 50 بالمئة من سكان العالم، وتستهلك 75 بالمئة من الطاقة، وتولّد 80 بالمئة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون العالمية.
وكانت الحكومة الأردنية قد كشفت قبل عامين عن خطط لإقامة مشروع ضخم أطلقت عليه اسم “المدينة الجديدة” بالقرب من العاصمة عمّان.
وذكرت حينها أن المدينة ستقام على بعد 30 كيلومترا جنوب عمّان في منطقة الماضونية وفيها ميناء بري كبير وجديد، مشيرة إلى أنها ستقدم نماذج لإقامة الطبقة الوسطى في “موقع عصري”.
وأكدت أن ستقوم باستحداث فكرة بنك الطاقة، وهي عبارة عن مخزون هائل من الكهرباء المخزنة في مصانع ضخمة تتركز في مدينة الطاقة بجنوب البلاد ومن ثم يتم توزيع فروع منها إلى جميع أنحاء الأردن.
وتعمل الحكومة منذ فترة على اعتماد أساليب جديدة مستدامة وتنويع مصادر إنتاج الكهرباء لتغطية الطلب المحلي المتزايد على الطاقة.
وقد وضعت منظومة تشريعات للاستثمار في هذا القطاع، الذي يتوقع أن يجذب استثمارات كبيرة.
ويتمتع الأردن بأحد أعلى المعدلات في العالم من حيث استيراد الطاقة من الخارج إذ تشير التقديرات أن أكثر من 90 بالمئة من احتياجات البلاد من الطاقة تأتي من كميات النفط والغاز المستوردة من الدول العربية، وفي مقدمتها العراق ومصر.
وستنفذ المدينة الجديدة على خمس مراحل وتقدّر مساحة المرحلة الأولى بنحو 39 كلم مربع، والتي يتوقع إنجازها بحلول 2030، وهي نسبة 10 بالمئة من المساحة الإجماليّة للمشروع.
وأثار هذا المشروع عندما تحدث عنه رئيس الوزراء السابق هاني الملقي، موجة من الجدل بين الأوساط السياسية والشعبية، بسبب كلفة المشروع المالية وأهدافه السياسة الخفية.
وقال الملقي في ذلك الوقت إن “المدينة الجديدة التي يجري العمل على دراسة إنشائها خارج العاصمة عمان تأتي ضمن جهود الحكومة في التحفيز الاقتصادي، واستقطاب استثمارات نوعية”.
ويعاني الأردن ظروفا اقتصادية صعبة وديونا، كما أنه تأثر كثيرا بالأزمتين المستمرتين في كل من سوريا والعراق، والتي أثمرت تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إليه.
وتشير البيانات إلى أن الدين العام ارتفع بوتيرة سريعة خلال السنوات الخمس الماضية ليتجاوز حاجز الـ40 مليار دولار بعدما قلّصت الضغوط الاقتصادية الإيرادات المحلية والمساعدات الخارجية.
ويجمع خبراء على أن النهج والسياسة المتبعة منذ سنوات قادت البلاد إلى ما تعيشه حاليا من أزمة مالية واقتصادية حادة، يصعب حلّها وسط منطقة مضطربة وتباطؤ الاقتصاد العالمي.
وأظهر تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2020 الصادر عن البنك الدولي مؤخرا تقدّم الأردن 29 مرتبة إلى المركز 75 عالميا من بين 190 دولة.
وأوضح التقرير أن الأردن صُنف مع ثلاث دول عربية أخرى بينها السعودية من أكثر 10 بلدان تطبيقا للإصلاحات على مستوى العالم.