طفرة أرباح الشحن تتبخر رغم إعادة فتح البحر الأحمر

تراجع أسعار النقل يغذي الإيرادات قليلا، لكن معركة الرسوم الجمركية قد تضيف تكاليف إضافية.
الثلاثاء 2025/03/04
الأزمات تكلف سلاسل الإمداد ثمنا باهظا

تتزايد احتمالات أن تواجه شركات الشحن العالمية، والتي سجلت أرباحا ضخمة العام الماضي، تغيرا في نشاطها نحو الأسوأ خلال 2025، والذي يتزامن مع فرض رسوم جمركية أميركية عقابية، وذلك على الرغم من احتمال عودة الهدوء إلى حركة السفن على طريق البحر الأحمر.

لندن - تسود حالة من الإحباط بين الخبراء والمحللين بسبب إمكانية أن يتأثر قطاع الشحن العالمي بالتحولات العالمية التي تحمل مفارقات في طياتها، الأمر الذي قد يؤثر على أعمال الشركات.

وبينما قد تلحق رسوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب أضرارا بالتجارة العالمية، فإن احتمالات التوصل إلى هدنة دائمة في الشرق الأوسط قد تعيد حركة الشحن عبر قناة السويس، ستؤدي إلى انخفاض الأسعار.

وتراجعت أسعار الشحن بنسبة 5.9 في المئة على أساس أسبوعي حتى 27 فبراير الماضي، بعد أن كسرت حاجز الثلاثة آلاف دولار للحاوية للمرة الأولى منذ أوائل مايو، وفقا لبيانات مؤشر الحاويات العالمي.

كما فقد مؤشر الشحن البحري المجمّع في شنغهاي نحو 57 في المئة من ذروته في يوليو الماضي.

وقال المحلل في بلومبرغ إنتليجنس لي كلاسكوف إن “الشحن البحري صناعة متقلبة وعُرضة لدورات الازدهار والانكماش.” وأضاف “الشركات لم تكن لتحقق عاما جيدا دون أزمة البحر الأحمر.”

لي كلاسكوف: لا يبدو أن ثمة محركات تساعد على وقف التراجع هذا العام
لي كلاسكوف: لا يبدو أن ثمة محركات تساعد على وقف التراجع هذا العام

وتابع كلاسكوف وزميله كينيث لوه في مذكرة بحثية بتاريخ 20 فبراير “لا يبدو أن هناك محركات عضوية يمكن أن تساعد على وقف الانخفاض المستمر في 2025.”

ويرجح المحلل في كيبلر شوفرو أكسل ستيرمان أن تؤدي زيادة الرسوم الأميركية على البضائع الصينية إلى خفض حجم الشحن بنسبة تتراوح بين 1.5 واثنين في المئة خلال 2025، مع توقعات بنمو يبلغ 3.5 إلى 4 في المئة عند استبعاد هذه الرسوم.

كما أظهرت حساباته أن إعادة فتح طريق البحر الأحمر قد تؤدي إلى انخفاض الطلب على شحن الحاويات بنسبة تقارب 6 في المئة.

وقال ستيرمان “إذا تحقق هذان السيناريوهان معا، فإن معدلات التشغيل التي ستتأثر أيضا سلبا باستمرار النمو المرتفع في الأسطول، ستتعرض لضغوط هبوطية حادة مع احتمال تراجع الأسعار الفورية بنسبة 30 إلى 40 في المئة مقارنة مع 2024.”

كما أشار باراش جاين رئيس الأبحاث العالمية للنقل واللوجستيات ببنك أتش.أس.بي.سي إلى أن الفوائد قصيرة الأجل الناجمة عن عمليات الشراء المسبقة قبل فرض الرسوم بدأت في التلاشي من الصين.

وكتب محللو سيتي، بمن فيهم كاسيديت تشونناوات، في مذكرة أن خطط ترامب تهدد التوقعات طويلة الأجل للقطاع، مشيرين إلى أن الرسوم المقترحة قد تعني تكاليف وحدات أعلى لخط الشحن عبر المحيط الهادئ.

وتعد كوسكو شيبينغ الأكثر عرضة للمخاطر نظرا لارتفاع نسبة السفن الصينية في أسطولها، بينما قد تستفيد شركات الشحن التايوانية واليابانية، وفقا للمحللين.

وتتوقع ميرسك تحقيق أرباح قبل الفوائد والضرائب تتراوح بين 6 و9 مليارات دولار في 2025، مقارنة بنحو 12.1 مليار دولار العام الماضي.

أكسل ستيرمان: إعادة فتح البحر الأحمر قد تخفض الطلب بنسبة 6 في المئة
أكسل ستيرمان: إعادة فتح البحر الأحمر قد تخفض الطلب بنسبة 6 في المئة

والشهر الماضي ذكر عملاق الشحن الدنماركي أنه إذا أعيد فتح ممر البحر الأحمر بحلول منتصف 2024، فقد تصل الأرباح إلى الحد الأدنى من هذا النطاق، لكن إذا استمر الإغلاق حتى نهاية العام، فقد تصل إلى الحد الأعلى.

وكتب محلل برنشتاين، أليكس إيرفينغ، في مذكرة “يبدو أن عام 2025 غير مستقر بالنسبة إلى ميرسك.”

كما تواجه شركات الشحن الآسيوية، التي من المقرر أن تعلن نتائجها الشهر المقبل، انخفاضاً في الأرباح خلال 2025.

وذكرت كوسكو، وهي أكبر شركة شحن في العالم من حيث القيمة، في تقرير أولي في يناير أن صافي أرباحها تضاعف العام الماضي. لكن التوقعات تُشير إلى انخفاض أرباحها بنسبة تقارب 50 في المئة هذا العام.

وتواجه شركات الشحن التايوانية، التي تعتمد بشكل أكبر على التجارة عبر المحيط الهادئ، والتي تشهد تقلبات أكبر في أسعار الشحن، تحديات مماثلة.

ومن المتوقع أن تقفز الأرباح الصافية المعدلة لإيفرغرين مارين في 2024 بأربعة أضعاف، لكنها قد تنخفض بأكثر من 30 في المئة هذا العام.

كما قد تشهد يانغ مينغ مارين ترانسبورت ارتفاع أرباحها في 2024 بأكثر من عشرة أضعاف، لكنها قد تنخفض بأكثر من 50 في المئة هذا العام.

ومن المتوقع أن ينخفض صافي الدخل لشركة نيبون يوسن كي.كي اليابانية للسنة المالية المنتهية في مارس 2026 بنسبة 45 في المئة.

وفي حين تدرك شركات الشحن جيدا تأثير إعادة فتح قناة السويس، فإنها تبدو أقل قلقاً بشأن تهديد الرسوم الجمركية، وفقاً للمحللين.

وتتوقع ميرسك أن يتحدى الطلب الاستهلاكي تصاعد الحرب التجارية؛ حيث تتوقع نموا بأربعة في المئة في سوق الحاويات العالمية هذا العام.

من المتوقع أن تقر شركات الشحن الآسيوية بتأثير الرسوم المحتمل على أرباحها خلال مكالمات الأرباح الشهر المقبل

وقال ستيرمان “تدرك شركات الشحن أن إعادة فتح قناة السويس سيكون لها تأثير ملموس على الأسعار الفورية، لكنها لا تبدو مقتنعة بأن الرسوم الجمركية ستضر السوق بشدة.”

وقللت هاباغ – لويد من شأن تأثير الرسوم في أحدث مكالمة أرباح لها. وقال الرئيس التنفيذي رولف هابين يانسن في يناير “عندما كان ترامب في السلطة في الفترة الرئاسية الأولى، رأينا بالتأكيد تأثير الرسوم التي فرضها على البضائع القادمة من الصين.”

لكنه أشار إلى أن ذلك لم يؤدِ بالضرورة إلى انخفاض التجارة العالمية، بل أدى فقط إلى تغيير تدفقات التجارة، و”لن أتفاجأ إذا تكرر الأمر نفسه هذه المرة.”

وبينما قد لا تتأثر تدفقات التجارة نفسها، من المرجح أن تؤثر الرسوم على القدرة الشرائية للمستهلكين، وبالتالي على الطلب، وفق كلاسكوف.

أما سي.أم.اي – سي.جي.أم شركة الشحن الفرنسية العملاقة المملوكة للملياردير رودولف سعادة، والذي يعد شريكا طويل الأمد لشركات الشحن الصينية، فأصبحت أكثر حذرا.

وقال المدير المالي للشركة رامون فرنانديز الجمعة الماضية، خلال عرض نتائج الشركة للربع الرابع من 2024، “نتابع هذا الأمر عن كثب، ونعمل مع المتعاملين على التحضير للحلول إذا لزم الأمر.”

وأضاف “أكبر تدفقات التجارة تأتي من الصين نحو الاقتصادات الغربية، لاسيما الولايات المتحدة، لذا فإن أي إجراء يستهدف الصين سيكون له تأثير على جميع الأطراف.”

ومن المتوقع أن تقر شركات الشحن الآسيوية بتأثير الرسوم المحتمل على أرباحها خلال مكالمات الأرباح الشهر المقبل، لكنها على الأرجح لن تتطرق صراحة إلى الرسوم الجديدة المقترحة على السفن التجارية الصينية، وفق محلل بلومبيرغ إنتليجنس، كينيث لوه.

وقال “في السوق يُجمعون على أن هناك احتمالا كبيرا بأن يكون هذا الاقتراح مجرد تكتيك تفاوضي وقد لا يُنفذ فعليا.”

10