طاولة باتيلي "الخماسية" تتجه إلى أن تكون "سداسية"

طرابلس - ينتظر المشهد السياسي الليبي ما ستؤول إليه الجهود الأممية والدولية بخصوص مبادرة “الطاولة الخماسية” التي كان المبعوث الأممي عبدالله باتيلي قد كشف عنها قبل أربعة أشهر، وقوبلت بالرفض أو بالموافقة المراوغة من أغلب الفرقاء.
والأربعاء الماضي أكد باتيلي، بعد لقائه رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب أسامة حماد في مقر مجلس الوزراء في بنغازي، “دعم عملية سياسية شاملة تحقق مصالح الليبيين”، مشددا على أن الأمم المتحدة ليست بصدد إقصاء أي طرف من الليبيين شرقا أو غربا أو جنوبا. وقال على حسابه في منصة إكس إنه تمت خلال اللقاء مناقشة ضرورة قيام السلطات في الشرق بتسهيل وصول الجهات الفاعلة الإنسانية إلى ما فيه صالح السكان.
وأوضح باتيلي أنه جدد دعوة جميع القادة الليبيين إلى الارتقاء إلى مستوى مسؤولياتهم، وتوحيد جهودهم من أجل مصلحة وطنهم الأم، بما في ذلك إدارة عملية إعادة إعمار مدينة درنة وغيرها من المناطق المتضررة من الفيضانات.
ويعتبر لقاء باتيلي غير مسبوق مع حماد الذي كان أعلن في فبراير الماضي أن المبعوث الأممي بات شخصا غير مرحب به في كل المدن والمناطق الخاضعة للسيطرة الإدارية لحكومته، وهو ما تم اعتباره تصعيدا للخلاف بين الطرفين.
لقاء باتيلي يعتبر غير مسبوق مع حماد الذي كان أعلن في فبراير الماضي أن المبعوث الأممي بات شخصا غير مرحب به في كل المدن والمناطق الخاضعة للسيطرة الإدارية لحكومته
ولا تعترف الأمم المتحدة بالحكومة المنبثقة عن مجلس النواب وتعتبرها حكومة موازية للحكومة الشرعية التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة، والتي جاءت نتيجة الحوار السياسي الذي أدارته البعثة الأممية من خلال رئيستها الدبلوماسية الأميركية ستيفاني وليامز بتونس في نوفمبر 2020 ثم بجنيف في فبراير 2021 عبر انتخابات داخلية أثارت الكثير من الجدل وأدت إلى الوضع السياسي الراهن.
وبعد ساعتين من لقائه حماد اجتمع مع القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر وبحث معه الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية الراهنة في ليبيا، وسبل الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام، وبيّن أنه تم خلال اللقاء الاتفاق على ضرورة أن تكون جميع المبادرات منسقة سلفا وأن تبنى على ما تم تحقيقه من خطوات على طريق التمكين من إجراء الانتخابات، معلنا أنه اتفق أيضا مع المشير حفتر على الحاجة إلى تكثيف الجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية بين جميع الجهات الفاعلة الرئيسية.
وكانت المبادرة الأممية التي أعلن عنها باتيلي تتمحور حول لقاء خماسي يجمع كلا من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي والقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.
وسبق لباتيلي أن أحاط مجلس الأمن الدولي علما بمواقف الأطراف الخمسة المدعوة، ومنها موقف قائد الجيش الوطني الذي عبّر عن استعداده للحوار، إلا أنه اشترط اقتران مشاركة حكومة الوحدة الوطنية بإشراك الحكومة المعينة من مجلس النواب، وفي المقابل فإنه سيقبل المشاركة إذا تم استبعاد الحكومتين معا.
وبحسب باتيلي فإن المجلس الرئاسي «أبدى دعماً واضحا وملموسا للمبادرة، حيث ما فتئ الرئيس المنفي يُبين عن حسن نواياه، وهو يعكف على بحث كل السبل التي تكفل نجاح هذا الحوار. وسأواصل العمل مع المجلس الرئاسي بهذا الشأن، بينما وضع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، شرطاً لمشاركته بأن يركز جدول الأعمال على تشكيل حكومة جديدة تعنى بالانتخابات، في الوقت الذي يرفض فيه أيضاً مشاركة رئيس حكومة الوحدة الوطنية».
وقدم رئيس المجلس الأعلى للدولة أسماء ممثلي المجلس الثلاثة للمشاركة في الاجتماع التحضيري على الرغم من رفضه في البداية لنسختي القانونين المنظمين للانتخابات اللذين نشرهما مجلس النواب، كما قدم الدبيبة أيضا أسماء ممثلي حكومة الوحدة الوطنية. ولئن أعرب عن استعداده لمناقشة المسائل التي تتعلق بقانوني الانتخابات، فإنه رفض رفضا قاطعا أية مناقشات حول “حكومة جديدة”.
وكانت حكومة أسامة حماد استنكرت قيام البعثة الأممية بدعوة وإشراك كيانات منبثقة عن اتفاقات سابقة لبحث معوقات سير العملية الانتخابية، وأوضحت في بيان لها أن ما صدر عن البعثة بدعوتها المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة التي انتهت مدتها وولايتها لا يمثل أيّا من أطياف الشعب الليبي ولم تنتخب يوما منه ولم تنبثق عن كياناته الشرعية المنتخبة، وفق ما ورد في بيان صادر عنها، فيما أعلن عمداء 56 مجلسا بلديا في شرق البلاد وجنوبها تأييدهم موقف الحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب.
وضم عمداء 20 بلدية من غرب ليبيا أصواتهم إلى باقي البلديات، من الشرق والجنوب، الرافضة لسياسة البعثة الأممية في ليبيا.
ويسعى الفريق الأممي إلى حلحلة الأزمة وتقريب المسافة بين الفرقاء في سياق “الطاولة الخماسية” التي ستصبح سداسية، وذلك في ظل دعم كبير من العواصم الغربية، وفي صدارتها واشنطن، لعقد الحوار المباشر بين الفرقاء الأساسيين في البلاد.